صفحة جزء
البرقاني

الإمام العلامة الفقيه ، الحافظ الثبت ، شيخ الفقهاء والمحدثين ، أبو بكر ، أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب ، الخوارزمي ، ثم البرقاني الشافعي ، صاحب التصانيف .

سمع في سنة خمسين وثلاثمائة بخوارزم من : أبي العباس بن حمدان الحيري النيسابوري أخي أبي عمرو ، حدثه عن محمد بن الضريس ، والكبار ، وسمع بها من محمد بن علي الحساني ، وأحمد بن إبراهيم بن جناب الخوارزميين . وسمع بهراة من أبي الفضل بن خميرويه . وبجرجان من الإمام أبي بكر الإسماعيلي ، وأبي أحمد بن الغطريف . [ ص: 465 ] وببغداد من أبي علي بن الصواف ، ومحمد بن جعفر البندار ، وأبي بحر بن كوثر ، وأحمد بن جعفر الختلي ، وأبي بكر القطيعي ، وأبي محمد بن ماسي ، وابن كيسان ، وخلق ، وبنيسابور من أبي عمرو بن حمدان ، وأبي أحمد الحاكم ، وعدة . وبدمشق من أبي بكر بن أبي الحديد . وبمصر من الحافظ عبد الغني ، وعبد الرحمن بن عمر المالكي .

حدث عنه : أبو عبد الله الصوري ، وأبو بكر البيهقي ، وأبو بكر الخطيب ، والفقيه أبو إسحاق الشيرازي ، وسليمان بن إبراهيم الحافظ ، وأبو القاسم علي بن أبي العلاء المصيصي ، وأبو طاهر أحمد بن الحسن ، الكرجي ، وأبو الفضل بن خيرون ، ويحيى بن بندار البقال ، ومحمد بن عبد السلام الأنصاري ، وعبد العزيز بن أحمد الكتاني ، وعدد كثير . واستوطن بغداد دهرا .

قال الخطيب كان البرقاني ثقة ورعا ثبتا فهما ، لم نر في شيوخنا أثبت منه ، عارفا بالفقه ، له حظ من علم العربية ، كثير الحديث ، صنف " مسندا " ضمنه ما اشتمل عليه " صحيح " البخاري ومسلم ، وجمع حديث سفيان الثوري ، وأيوب ، وشعبة ، وعبيد الله بن عمر ، وعبد الملك بن عمير ، وبيان بن بشر ، ومطر الوراق ، وغيرهم ، ولم يقطع التصنيف إلى حين وفاته ، ومات وهو يجمع حديث مسعر ، وكان حريصا على العلم ، منصرف الهمة إليه ، سمعته يقول يوما لرجل من الفقهاء معروف بالصلاح : ادع الله تعالى أن ينزع شهوة الحديث من قلبي ، فإن حبه قد غلب علي ، فليس لي اهتمام إلا به . [ ص: 466 ]

قال أبو القاسم الأزهري : البرقاني إمام ، إذا مات ذهب هذا الشأن .

قال الخطيب : سمعت محمد بن يحيى الكرماني الفقيه يقول : ما رأيت في أصحاب الحديث أكثر عبادة من البرقاني . وسألت الأزهري : هل رأيت شيخا أتقن من البرقاني ؟ قال : لا . وذكره أبو محمد الحسن بن محمد الخلال ، فقال : هو نسيج وحده .

قال الخطيب : أنا ما رأيت شيخا أثبت منه . وقال أبو الوليد الباجي : البرقاني ثقة حافظ .

وذكره الشيخ أبو إسحاق في " طبقات الشافعية " ، فقال : ولد سنة ست وثلاثين وثلاثمائة ، وسكن بغداد ، وبها مات في أول رجب سنة خمس وعشرين وأربعمائة

ثم قال : تفقه في حداثته ، وصنف في الفقه ، ثم اشتغل بعلم الحديث ، فصار فيه إماما .

قال البرقاني : دخلت إسفرايين ومعي ثلاثة دنانير ودرهم ، فضاعت الدنانير ، وبقي الدرهم ، فدفعته إلى خباز ، فكنت آخذ منه كل يوم رغيفين ، وآخذ من بشر بن أحمد الإسفراييني جزءا فأكتبه ، وأفرغه [ ص: 467 ] بالعشي ، فكتبت ثلاثين جزءا ، ونفد ما عند الخباز ، فسافرت .

قلت : كان الخبز رخيصا إلى الغاية .

قال أبو بكر الخطيب : حدثني أحمد بن غانم وكان صالحا قال : نقلت البرقاني من بيته ، فكان معه ثلاثة وستون سفطا وصندوقان ، كل ذلك مملوء كتبا .

قلت : ومن همته أنه سمع من تلميذه أبي بكر الخطيب ، وحدث عنه في حياته ، وقد سمعنا المصافحة له في مجلد بإسناد عال .

قال الخطيب : كنت أذاكر الأحاديث ، فيكتبها عني ، ويضمنها جموعه ، وسمعته يقول : كان الإمام أبو بكر الإسماعيلي يقرأ لكل واحد ممن يحضره ورقة بلفظه ، ثم يقرأ عليه ، وكان يقرأ لي ورقتين ، ويقول للحاضرين : إنما أفضله عليكم لأنه فقيه .

قلت : قد روى عن الإسماعيلي " صحيحه " .

أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن : أخبرنا أبو محمد بن قدامة ، أخبرنا أبو الفتح بن البطي ، أخبرنا أبو الفضل بن خيرون ، أخبرنا أبو بكر البرقاني قرأت على أبي حاتم محمد بن يعقوب ، أخبركم محمد بن عبد الرحمن السامي ، حدثنا خلف بن هشام ، حدثنا ابن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن خارجة بن زيد ، عن أبيه ، قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلم كتاب يهود ، [ ص: 468 ] فما مر بي نصف شهر حتى تعلمت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والله إني لا آمن اليهود على كتابي . قال : فلما تعلمت كنت أكتب له إلى يهود إذا كتب إليهم ، فإذا كتبوا إليه ، قرأت كتابهم له .

ذكره البخاري تعليقا فقال : وقال خارجة بن زيد عن أبيه ، لأن ابن أبي الزناد ليس من شرطه ، ومع هذا فذكره بصيغة جزم لصدق عبد الرحمن ومعرفته بعلم أبيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية