صفحة جزء
الحسيني

الإمام ، الحافظ ، المجود ، السيد الكبير ، المرتضى ، ذو الشرفين ، أبو المعالي محمد بن محمد بن زيد بن علي العلوي ، الحسيني ، البغدادي ، نزيل سمرقند .

ولد سنة خمس وأربعمائة .

وسمع أبا علي بن شاذان ، وأبا القاسم الحرفي وأحمد بن عبد الله بن المحاملي ، وطلحة بن الصقر ، وأبا بكر البرقاني ، ومحمد بن عيسى الهمذاني ، وعبد الملك بن بشران الواعظ ، وابن غيلان ، وطبقتهم ، واختص بالخطيب ، ولازمه . [ ص: 521 ]

وصنف وجمع ، وكان كبير القدر ، كامل السؤدد ، كثير الأموال ، يرجع إلى عقل ورأي وعلم وافر ، ونعمة جسيمة .

حدث عنه : شيخه جعفر بن محمد المستغفري ، وأبو بكر الخطيب ، ويوسف بن أيوب الهمذاني الزاهد ، وزاهر بن طاهر الشحامي ، وهبة الله بن سهل السيدي ، وأبو الأسعد هبة الرحمن بن القشيري ، وأبو طالب محمد بن عبد الرحمن الحيري ، وأبو الفتح أحمد بن الحسين الأديب ، لكن هذا بالإجازة ، وآخر من بقي من أصحابه : الخطيب أبو المعالي المديني .

قال أبو سعد السمعاني : هو أفضل علوي في عصره ، له المعرفة التامة بالحديث ، وكان يرجع إلى عقل وافر ورأي صائب ، برع بأبي بكر الخطيب في الحديث ، نقل عنه الخطيب - أظن في كتاب " البخلاء " - رزق حسن التصنيف ، وسكن في آخر عمره سمرقند ، ثم قدم بغداد ، وأملى بها ، وحدث بأصبهان ، ثم رجع إلى سمرقند .

سمعت يوسف بن أيوب الزاهد يقول : ما رأيت علويا أفضل منه . وأثنى عليه ، وكان من الأغنياء للمذكورين ، وكان كثير الإيثار ، ينفذ في العام إلى جماعة من الأئمة الألف دينار والخمس مائة وأكثر إلى كل واحد ، فربما بلغ ذلك عشرة ألاف دينار ، ويقول : هذه زكاة مالي ، وأنا غريب ، ففرقوا على من تعرفون استحقاقه ، وكل من أعطيتموه ; فاكتبوا له خطا ، وأرسلوه حتى أعطيه من عشر الغلة . قال : وكان يملك قريبا من أربعين قرية خالصة له بنواحي كس وله في كل قرية وكيل أميز من رئيس بسمرقند . [ ص: 522 ]

هذا قول السمعاني ، ولقد بالغ ، فهذا في رتبة ملك ، ومثل هذا يصلح للخلافة .

ثم قال أبو سعد : وسمعت أبا المعالي محمد بن نصر الخطيب يقول ذلك ، وكان من أصحاب الشريف . وسمعته يقول : إن الشريف أنشأ بستانا عظيما ، فطلب صاحب ما وراء النهر الخاقان خضر أن يحضر دعوته في البستان ، فقال الشريف للحاجب : لا سبيل إلى ذلك . فألح عليه ، فقال : لكني لا أحضر ، ولا أهيئ له ألة الفسق والفساد ، ولا أعصي الله - تعالى . قال : فغضب الخاقان ، وأراد أن يقبض عليه ، فاختفى عند وكيل له نحوا من شهر ، فنودي عليه في البلد ، فلم يظفروا به ، ثم أظهروا ندما على ما فعلوا ليطمئن ، وألح عليه أهله في الظهور ، فجلس على ما كان مدة ، ثم إن الملك نفذ إليه ليشاوره في أمر ، فلما حصل عنده ، أخذه وسجنه ، ثم استأصل أمواله وضياعه ، فصبر ، وحمد الله ، وقال : من يكون من أهل البيت لا بد أن يبتلى ، وأنا ربيت في النعمة ، وكنت أخاف أن يكون وقع في نسبي خلل ، فلما جرى هذا ، فرحت ، وعلمت أن نسبي متصل .

قال لي أبو المعالي الخطيب : فسمعنا أنهم منعوه من الطعام حتى مات جوعا ، وهو من ذرية زين العابدين علي بن الحسين .

قال أبو سعد : قال أبو العباس الجوهري : رأيت السيد المرتضى بعد موته وهو في الجنة وبين يديه طعام ، وقيل له : ألا تأكل ؟ قال : لا ، حتى [ ص: 523 ] يجيء ابني ، فإنه غدا يجيء . قال : فانتبهت ، وذلك في رمضان سنة اثنتين وتسعين ، فقتل ولده السيد أبو الرضا في ذلك اليوم .

قال : وتوفي المرتضى بعد سنة ست وسبعين وقيل : قتل في سنة ثمانين وأربعمائة قتله الخاقان خضر بن إبراهيم ، وكان قد نفذه الخاقان رسولا إلى القائم بأمر الله .

أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله الدمشقي ، أنبأنا أبو المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد ، أخبرنا هبة الرحمن بن عبد الواحد الصوفي ، أخبرنا المرتضى أبو المعالي محمد بن محمد العلوي ، أخبرنا عمر بن إبراهيم بن إسماعيل الهروي الزاهد ، أخبرنا منصور بن العباس البوشنجي ، حدثنا جعفر بن أحمد بن نصر الحصيري ، حدثنا أبو حفص الأبلي عمر ، حدثنا عيسى بن شعيب ، حدثنا روح بن القاسم ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علم لا ينفع ككنز لا ينفق في سبيل الله - عز وجل .

عيسى لا يوثق به . [ ص: 524 ]

وبه إلى المرتضى : أخبرنا أبو الحسن علي بن طلحة البصري ، حدثنا صالح بن أحمد الهمذاني الحافظ ، حدثنا إبراهيم بن عمروس ، حدثنا أبو عبد الله الجرجاني ، حدثنا الفريابي ، حدثنا سفيان الثوري ، عن سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : لولا ينهاهم الربانيون والأحبار قال : الربانيون : العلماء الفقهاء وهم فوق الأحبار .

وبه : أخبرنا الحسن الفارسي - يعني ابن شاذان - أخبرنا أبو سهل القطان ، حدثنا عبد الكريم بن الهيثم ، حدثنا ابن عبدة ، حدثنا حفص بن جميع ، عن سماك ، عن محمد بن المنكدر قال : قال ابن عباس يرفعه : إن أقرب الناس درجة من درجة النبوة أهل الجهاد وأهل العلم ، أما أهل العلم ، فقالوا ما جاءت به الأنبياء ، وأما أهل الجهاد ، فجاهدوا على ما جاءت به الأنبياء .

التالي السابق


الخدمات العلمية