صفحة جزء
الساجي

الحافظ الإمام المجود ، مفيد الجماعة أبو نصر المؤتمن بن أحمد بن علي بن حسين بن عبيد الله الربعي الديرعاقولي البغدادي الساجي .

قال لابن ناصر : ولدت في صفر سنة خمس وأربعين وأربعمائة .

سمعت علي بن أحمد الفقيه ، أخبرنا جعفر بن علي ، أخبرنا أبو طاهر السلفي ، سمعت المؤتمن الساجي يقول : ما أخرجت بغداد بعد الدارقطني أحفظ من أبي بكر الخطيب .

وسمعت المؤتمن يقول : كان الخطيب يقول : من صنف ، فقد جعل عقله على طبق يعرضه على الناس .

[ ص: 309 ] سمع عبد العزيز بن علي الأنماطي ، وأبا الحسين بن النقور ، وأبا القاسم بن البسري ، وعبد الله بن الحسن الخلال ، وإسماعيل بن مسعدة ، وأبا نصر الزينبي ، وأبا عثمان بن ورقاء - لقيه بالقدس - وأبا عمرو عبد الوهاب بن منده ، وأبا منصور بن شكرويه ، وأبا بكر بن خلف الشيرازي ، وأبا علي التستري ، وشيخ الإسلام الأنصاري ، والقاضي أبا عامر الأزدي ، وأمما سواهم ، وأقدم شيخ له أبو بكر الخطيب ، سمع منه بصور ، وكتب ما لا يوصف كثرة ، ثم أقبل على شأنه ، وعبد الله حتى أتاه اليقين ، وقد سمع بحلب من الحسن بن مكي الشيزري .

حدث عنه : ابن ناصر ، وسعد الخير الأندلسي ، وأبو المعمر الأنصاري ، ومحمد بن أبي بكر السنجي ، وأبو سعد البغدادي ، وأبو طاهر السلفي ، ومحمد بن علي بن فولاذ ، وأبو بكر السمعاني ، وعدة ، وقل ما روى بالنسبة .

قال أبو القاسم بن عساكر سمعت أبا الوقت يقول : كان الإمام عبد الله بن محمد الأنصاري إذا رأى المؤتمن يقول : لا يمكن أحد أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دام هذا حيا .

وحدثني أخي أبو الحسين هبة الله قال : سألت السلفي عن المؤتمن الساجي ، فقال : حافظ متقن ، لم أر أحسن قراءة للحديث منه ، تفقه على الشيخ أبي إسحاق ، وكتب " الشامل " عن ابن الصباغ بخطه ، [ ص: 310 ] ثم خرح إلى الشام ، فأقام بالقدس زمانا ، وذكر لي أنه سمع من لفظ الخطيب حديثا واحدا بصور ، غير أنه لم يكن عنده نسخة ، وكتب ببغداد " كامل ابن عدي " عن ابن مسعدة الإسماعيلي ، وكتب بالبصرة " سنن أبي داود " . انتفعت بصحبته .

وقال أبو النضر الفامي أقام المؤتمن بهراة عشر سنين ، وقرأ الكثير ، ونسخ الترمذي ست كرات ، وكان فيه صلف نفس ، وقناعة ، وعفة ، واشتغال بما يعنيه .

قال أبو بكر السمعاني : ما رأيت بالعراق من يفهم الحديث غير المؤتمن ، وبأصبهان إسماعيل بن محمد .

قال السلفي : كان المؤتمن لا تمل قراءته ، قرأ لنا على ابن الطيوري كتاب " الفاصل " للرامهرمزي في مجلس .

وللسلفي :

متى رمت أن تلقين حافظا يكون لدى الكل بالمؤتمن     عليك ببغداد شرقيها
لتلقى أبا نصر المؤتمن

وقال يحيى بن منده : قرأ المؤتمن على أبي كتاب " معرفة الصحابة " ، وكتاب " التوحيد " ، و " الأمالي " ، وحديث ابن عيينة [ ص: 311 ] لجدي ، فلما أخذ في قراءة " غرائب شعبة " ، فلما بلغ إلى حديث عمر في لبس الحرير مات أبي بعد عشاء الآخرة ، فهذا ما رأينا . وذكر حكاية ابن طاهر أن المؤتمن إنما تمم كتاب الصحابة على أبي عمرو بعد موته وردها ، وقال لابن طاهر : يجب أن تصلح هذا ، فإنه كذب . قال : وكان المؤتمن متورعا زاهدا ، صابرا على الفقر .

قال ابن ناصر : توفي المؤتمن في صفر سنة سبع وخمسمائة ببغداد ، وصليت عليه ، وكان عالما ثقة ، فهما مأمونا .

التالي السابق


الخدمات العلمية