صفحة جزء
ابن سكرة

الإمام العلامة الحافظ القاضي أبو علي الحسين بن محمد بن فيره بن حيون بن سكرة الصدفي الأندلسي السرقسطي .

روى عن أبي الوليد الباجي ، ومحمد بن سعدون القروي ، وحج في سنة إحدى وثمانين ، ودخل على أبي إسحاق الحبال وهو [ ص: 377 ] ممنوع من التحديث كما مر .

وسمع بالبصرة من عبد الملك بن شغبة ، وجعفر بن محمد العباداني ، وبالأنبار من خطيبها أبي الحسن ، وببغداد من علي بن قريش ، وعاصم الأديب ، ومالك البانياسي ، وبواسط من محمد بن عبد السلام بن أحمولة ، وحمل " التعليقة " عن أبي بكر الشاشي وأخذ بدمشق عن الفقيه نصر ورجع بعلم جم ، وبرع في الحديث متنا وإسنادا مع حسن الخط والضبط ، وحسن التأليف ، والفقه والأدب مع الدين والخير والتواضع .

قال ابن بشكوال : هو أجل من كتب إلي بالإجازة .

وخرج له القاضي عياض مشيخة ، وأكثر عنه .

وأكره على القضاء ، فوليه بمرسية ، ثم اختفى حتى أعفي .

وتلا بالروايات على ابن خيرون ، ورزق الله ، كتب عنه شيخه الفقيه نصر ثلاثة أحاديث ، وروى عنه ابن صابر ، والقاضي محمد بن يحيى الزكوي ، والقاضي عياض ، فروى عنه " صحيح مسلم " ، أخبرنا به أحمد بن دلهاث العذري .

[ ص: 378 ] استشهد أبو علي في ملحمة قتندة في ربيع الأول سنة أربعة عشرة وخمسمائة وهو من أبناء الستين ، وكانت معيشته من بضاعة له مع ثقات إخوانه ، وخلف كتبا نفيسة ، وأصولا متقنة تدل على حفظه وبراعته .

وتلا أيضا على الحسن بن محمد بن مبشر صاحب أبي عمرو الداني ، ومولده في نحو سنة أربع وخمسين وأربعمائة وكان ذا دين وورع وصون ، وإكباب على العلم ، ويد طولى في الفقه ، لازم أبا بكر الشاشي خمس سنين حتى علق عنه تعليقته الكبرى في مسائل الخلاف ، ثم استوطن مرسية ، وتصدر لنشر الكتاب والسنة ، وتنافس الأئمة في الإكثار عنه ، وبعد صيته ، ولما عزل نفسه من القضاء ، وردت كتب السلطان علي بن يوسف بن تاشفين برجوعه إلى القضاء ، وهو يأبى ، وبقي ذلك أشهرا حتى كتب الطلاب والرحالون كتابا يشكون فيه إلى أمير المؤمنين ابن تاشفين حالهم ونفاد نفقاتهم ، وانقطاع أموالهم ، فسعى له قاضي الجماعة عند أمير المؤمنين ، وبين له وجه عذره ، فسكت عنه .

قال القاضي عياض : لقد حدثني الفقيه أبو إسحاق إبراهيم بن جعفر أن أبا علي الحافظ قال له : خذ الصحيح ، فاذكر أي متن شئت منه أذكر لك سنده ، أو أي سند ، أذكر لك متنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية