صفحة جزء
ابن القشيري

الشيخ الإمام ، المفسر العلامة أبو نصر عبد الرحيم ابن الإمام شيخ الصوفية أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري النيسابوري ، النحوي المتكلم ، وهو الولد الرابع من أولاد الشيخ .

اعتنى به أبوه ، وأسمعه ، وأقرأه حتى برع في العربية والنظم والنثر والتأويل ، وكتب الكثير بأسرع خط ، وكان أحد الأذكياء ، لازم إمام [ ص: 425 ] الحرمين ، وحصل طريقة المذهب والخلاف ، وساد ، وعظم قدره ، واشتهر ذكره .

وحج ، فوعظ ببغداد ، وبالغ في التعصب للأشاعرة والغض من الحنابلة ، فقامت الفتنة على ساق ، واشتد الخطب ، وشمر لذلك أبو سعد أحمد بن محمد الصوفي عن ساق الجد ، وبلغ الأمر إلى السيف ، واختبطت بغداد ، وظهر مبادر البلاء ، ثم حج ثانيا ، وجلس ، والفتنة تغلي مراجلها ، وكتب ولاة الأمر إلى نظام الملك ليطلب أبا نصر بن القشيري إلى الحضرة إطفاء للنائرة ، فلما وفد عليه ، أكرمه وعظمه ، وأشار عليه بالرجوع إلى نيسابور ، فرجع ، ولزم الطريق المستقيم ، ثم ندب إلى الوعظ والتدريس ، فأجاب ، ثم فتر أمره ، وضعف بدنه ، وأصابه فالج ، فاعتقل لسانه إلا عن الذكر نحوا من شهر ، ومات .

سمع أبا حفص بن مسرور ، وأبا عثمان الصابوني ، وعبد الغافر الفارسي ، وأبا الحسين بن النقور ، وسعد بن علي الزنجاني ، وأبا القاسم المهرواني ، وعدة .

حدث عنه : سبطه أبو سعد عبد الله بن عمر بن الصفار ، وأبو الفتوح الطائي ، وخطيب الموصل أبو الفضل الطوسي ، وعبد الصمد بن علي النيسابوري ، وعدة ، وبالإجازة : أبو القاسم بن عساكر ، وأبو سعد السمعاني .

[ ص: 426 ] ذكره عبد الغافر في " سياقه " فقال : هو زين الإسلام أبو نصر عبد الرحيم ، إمام الأئمة ، وحبر الأمة ، وبحر العلوم ، وصدر القروم ، أشبههم بأبيه خلقا ، حتى كأنه شق منه شقا ، كمل في النظم والنثر ، وحاز فيهما قصب السبق ، ثم لزم إمام الحرمين ، فأحكم المذهب والأصول والخلاف ، ولازمه يقتدي به ، ثم خرج حاجا ، ورأى أهل بغداد فضله وكماله ، ووجد من القبول ما لم يعهد لأحد ، وحضر مجلسه الخواص ، وأطبقوا على أنهم ما رأوا مثله في تبحره . إلى أن قال : وبلغ الأمر في التعصب له مبلغا كاد أن يؤدي إلى الفتنة .

وقال أبو عمرو ابن الصلاح قال شيخنا أبو بكر القاسم بن الصفار : ولد أبي أبو سعد سنة ثمان وخمسمائة ، وسمع من جده وهو ابن أربع سنين أو أزيد ، والعجب أنه كتب بخطه الطبقة ، وحيي إلى سنة ستمائة .

مات أبو نصر في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة سنة أربع عشرة وخمسمائة في عشر الثمانين .

التالي السابق


الخدمات العلمية