صفحة جزء
العبدري

الشيخ الإمام ، الحافظ الناقد الأوحد أبو عامر محمد بن سعدون بن مرجى بن سعدون القرشى العبدري ، الميورقي المغربي الظاهري ، نزيل بغداد .

مولده بقرطبة ، وكان من بحور العلم ، لولا تجسيم فيه ، نسأل الله السلامة .

[ ص: 580 ] سمع من مالك البانياسي ، ورزق الله التميمي ، ويحيى السيبي ، وطراد الزينبي ، ونصر بن البطر ، والحميدي ، وابن خيرون ، وطبقتهم .

حدث عنه أبو المعمر ، وابن عساكر ، ويحيى بن بوش ، وأبو الفتح المندائي ، وجماعة .

قال القاضي أبو بكر ابن العربي في " معجمه " : أبو عامر العبدري هو أنبل من لقيته .

وقال ابن ناصر : كان فهما عالما ، متعففا مع فقره ، ويذهب إلى أن المناولة كالسماع .

وقال السلفي : هو من أعيان علماء الإسلام بمدينة السلام ، متصرف في فنون من العلم أدبا ونحوا ، ومعرفة بالأنساب ، وكان داوودي المذهب ، قرشي النسب ، كتب عني ، وكتبت عنه .

وقال ابن نقطة : حدثنا أحمد بن أبي بكر البندنيجي أن الحافظ ابن ناصر لما دفنوا العبدري ، قال : .

[ ص: 581 ] خلا لك الجو فبيضي واصفري . مات أبو عامر حافظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمن شاء ، فليقل ما شاء .

وقال الحافظ ابن عساكر : كان العبدري أحفظ شيخ لقيته ، وكان فقيها داووديا ، ذكر أنه دخل دمشق في حياة أبي القاسم بن أبي العلاء ، وسمعته وقد ذكر مالك ، فقال : جلف جاف ، ضرب هشام بن عمار بالدرة ، وقرأت عليه " الأموال " لأبي عبيد ، فقال - وقد مر قول لأبي عبيد - : ما كان إلا حمارا مغفلا لا يعرف الفقه . وقيل لي عنه : إنه قال في إبراهيم النخعي : أعور سوء ، فاجتمعنا يوما عند ابن السمرقندي في قراءة كتاب " الكامل " ، فجاء فيه : وقال السعدي كذا ، فقال : يكذب ابن عدي ، إنما ذا قول إبراهيم الجوزجاني ، فقلت له : فهو السعدي ، فإلى كم نحتمل منك سوء الأدب ، تقول في إبراهيم كذا وكذا ، وتقول في مالك جاف ، وتقول في أبي عبيد ؟ ! فغضب وأخذته الرعدة ، وقال : كان ابن الخاضبة والبرداني وغيرهما يخافوني ، فآل الأمر إلى أن تقول في هذا ؟! فقال له ابن السمرقندي : هذا بذاك ، فقلت : إنما نحترمك ما احترمت الأئمة ، فقال : والله لقد علمت من علم الحديث ما لم [ ص: 582 ] يعلمه غيري ممن تقدم ، وإني لأعلم من صحيح البخاري ومسلم ما لم يعلماه ، فقلت مستهزئا : فعلمك إلهام إذا ، وهاجرته ، وكان سيئ الاعتقاد ، يعتقد من أحاديث الصفات ظاهرها ، بلغني عنه أنه قال في سوق باب الأزج يوم يكشف عن ساق فضرب على ساقه ، وقال : ساق كساقي هذه .

وبلغني عنه أنه قال : أهل البدع يحتجون بقوله تعالى : ليس كمثله شيء أي : في الإلهية ، فأما في الصورة ، فهو مثلي ومثلك . قد قال الله تعالى : يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن أي : في الحرمة .

وسألته يوما عن أحاديث الصفات ، فقال : اختلف الناس فيها ، فمنهم من تأولها ، ومنهم من أمسك ، ومنهم من اعتقد ظاهرها ، ومذهبي أحد هذه المذاهب الثلاثة ، وكان يفتي على مذهب داود ، فبلغني أنه سئل عن وجوب الغسل على من جامع ولم ينزل ، فقال : لا غسل عليه ، الآن فعلت ذا بأم أبي بكر .

[ ص: 583 ] إلى أن قال : وكان بشع الصورة زري اللباس .

وقال السمعاني : هو حافظ مبرز في صنعة الحديث ، سمع الكثير ، ونسخ بخطه وإلى آخر عمره ، وكان ينسخ وقت السماع .

وقال ابن ناصر : فيه تساهل في السماع ، يتحدث ولا يصغي ، ويقول : يكفيني حضور المجلس ، ومذهبه في القرآن مذهب سوء ، مات في ربيع الآخر سنة أربع وعشرين وخمسمائة .

قلت : ما ثبت عنه ما قيل من التشبيه ، وإن صح ، فبعدا له وسحقا .

التالي السابق


الخدمات العلمية