صفحة جزء
الفراوي

الشيخ الإمام ، الفقيه المفتي ، مسند خراسان ، فقيه الحرم أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد بن محمد بن أبي العباس الصاعدي الفراوي النيسابوري الشافعي .

ولد في سنة إحدى وأربعين وأربعمائة تقديرا ، لأن شيخ الإسلام أبا عثمان الصابوني أجاز له فيها .

وسمع " صحيح مسلم " من أبي الحسين عبد الغافر بن محمد [ ص: 616 ] الفارسي ، وسمع جزء ابن نجيد من عمر بن مسرور الزاهد ، وسمع من أبي عثمان الصابوني أيضا ، ومن أبي سعد الكنجروذي ، والحافظ أبي بكر البيهقي ، ومحمد بن علي الخبازي ، وأبي يعلى إسحاق الصابوني ، وأحمد بن منصور المغربي ، وعبد الله بن محمد الطوسي ، وأحمد بن الحسن الأزهري ، وأبي القاسم القشيري ، وأبي سعيد محمد بن علي الخشاب ، ومحمد بن عبد الله بن عمر العدوي الهروي ، وعبد الرحمن بن علي التاجر ; ونصر بن علي الطوسي الحاكم ، وعلي بن يوسف الجويني ، وإسماعيل بن مسعدة ابن الإسماعيلي ، وإسماعيل بن زاهر ، وأبي عامر محمود بن القاسم الأزدي ، وإمام الحرمين أبي المعالي ، وأبي الوليد الحسن بن محمد البلخي ، والقاضي محمد بن عبد الرحمن النسوي ، والأمير مظفر بن محمد الميكالي ، وعلي بن محمد بن جعفر اللحساني .

وسمع " صحيح البخاري " من سعيد بن أبي سعيد العيار ، وأبي سهل الحفصي .

وسمع أيضا من أبي عثمان البحيري ، والشيخ أبي إسحاق الشيرازي ، وطائفة ، وببغداد من أبي نصر الزينبي ، وتفرد بصحيح مسلم ، وبالأسماء والصفات ، ودلائل النبوة ، والدعوات الكبير ، وبالبعث للبيهقي . قاله السمعاني ، وقال : هو إمام مفت ، مناظر واعظ ، حسن الأخلاق والمعاشرة ، مكرم للغرباء ، ما رأيت في شيوخي مثله ، وكان جوادا كثير التبسم .

قلت : روى عنه أبو سعد السمعاني ، ويوسف بن آدم ، وأبو العلاء [ ص: 617 ] العطار ، وأبو القاسم بن عساكر وأبو الحسن المرادي ، وابن ياسر الجياني ، وأبو الخير القزويني ، وابن صدقة الحراني ، وأبو سعد ابن الصفار ، وعبد السلام بن عبد الرحمن الأكاف ، وعبد الرحيم بن عبد الرحمن الشعري ، ومنصور بن عبد المنعم الفراوي ، وأبو الفتوح محمد بن المطهر الفاطمي ، وأبو المفاخر سعيد ابن المأموني ، والمؤيد بن محمد الطوسي ، وعدة .

وبالإجازة القاضي أبو القاسم بن الحرستاني ، وغيره .

ذكره عبد الغافر في " سياقه " ، فقال : فقيه الحرم ، البارع في الفقه والأصول ، الحافظ للقواعد ، نشأ بين الصوفية ، ووصل إليه بركة أنفاسهم ، درس الأصول والتفسير على زين الإسلام القشيري ، ثم اختلف إلى مجلس أبي المعالي ، ولازم درسه ما عاش ، وتفقه ، وعلق عنه الأصول ، وصار من جملة المذكورين من أصحابه ، وحج ، وعقد المجلس ببغداد وسائر البلاد ، وأظهر العلم بالحرمين ، وكان منه بهما أثر وذكر ، وما تعدى حد العلماء وسيرة الصالحين من التواضع والتبذل في الملبس والعيش ، وتستر بكتابة الشروط لاتصاله بالزمرة الشحامية مصاهرة ، ودرس بالمدرسة الناصحية ، وأم بمسجد المطرز ، وعقد به مجلس الإملاء في الأسبوع يوم الأحد ، وله مجالس الوعظ المشحونة بالفوائد والمبالغة في النصح ، حدث ب " الصحيحين " و " غريب الحديث " للخطابي ، والله يزيد في مدته ويفسح في مهلته ، إمتاعا للمسلمين بفائدته .

[ ص: 618 ] قال السمعاني : سمعت عبد الرشيد بن علي الطبري بمرو يقول : الفراوي ألف راو .

وحكى والده الفضل بن أحمد عن الأمير أبي الحسن السمحوري أنه رأى في سنة ثلاث وخمسين النبي وهو يقول لابني محمد : قد جعلتك نائبي في عقد المجلس .

قال ابن عساكر : إلى الفراوي كانت رحلتي الثانية ، وكان يقصد من النواحي لما اجتمع فيه من علو الإسناد ، ووفور العلم ، وصحة الاعتقاد ، وحسن الخلق ، والإقبال على الطالب .

قال السمعاني : وسمعت الفراوي يقول : كنا نسمع مسند أبي عوانة على القشيري ، وكان يحضر رئيس يجلس بجنب الشيخ ، فغاب يوما ، وكان الشيخ يجلس وعليه قميص أسود خشن ، وعمامة صغيرة ، وكنت أظن أن السماع على ذلك المحتشم ، فشرع أبي في القراءة ، فقلت : على من تقرأ والشيخ ما حضر ؟ فقال : وكأنك تظن أن شيخك ذلك الشخص ؟ قلت : نعم ، فضاق صدره واسترجع ، وقال : يا بني شيخك هذا القاعد ، ثم أعاد لي من أول الكتاب .

ثم قال السمعاني : سمعت عبد الرزاق بن أبي نصر الطبسي يقول : قرأت صحيح مسلم على الفراوي سبع عشرة نوبة ، وقال : أوصيك أن تحضر غسلي ، وأن تصلي علي في الدار ، وأن تدخل لسانك في في ، [ ص: 619 ] فإنك قرأت به كثيرا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .

قال السمعاني : فصلي عليه بكرة ، وما وصلوا به إلى المقبرة إلى بعد الظهر من الزحام ، وأذكر أنا كنا في رمضان سنة ثلاثين وخمسمائة ، فحملنا محفته على رقابنا إلى قبر مسلم لإتمام الصحيح ، فلما فرغ القارئ من الكتاب ، بكى الشيخ ، ودعا وأبكى الحاضرين ، وقال : لعل هذا الكتاب لا يقرأ علي بعد هذا ، فتوفي رحمه الله في الحادي والعشرين من شوال ، ودفن عند إمام الأئمة ابن خزيمة . قال : وقد أملى أكثر من ألف مجلس .

قلت : وخرجوا له أحاديث سداسية سمعناها ، ومائة حديث عوالي عند أصحاب ابن عبد الدائم ، وله أربعون المساواة وغير ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية