صفحة جزء
شقيق بن سلمة ( ع )

الإمام الكبير شيخ الكوفة ، أبو وائل الأسدي أسد خزيمة الكوفي ، مخضرم أدرك النبي -صلى الله عليه وسلم- وما رآه .

وحدث عن عمر ، وعثمان ، وعلي ، وعمار ، ومعاذ ، وابن مسعود ، وأبي الدرداء ، وأبي موسى ، وحذيفة ، وعائشة ، وخباب ، وأسامة بن زيد ، والأشعث بن قيس ، وسلمان بن ربيعة ، وسهل بن حنيف ، وشيبة بن عثمان ، وعمرو بن الحارث المصطلقي ، وقيس بن أبي غرزة ، وأبي هريرة ، وأبي الهياج الأسدي ، وخلق سواهم .

ويروي عن أقرانه : كمسروق ، وعلقمة ، وحمران بن أبان ، وكان من أئمة الدين ، وقيل : إنه روى عن أبي بكر الصديق .

[ ص: 162 ] حدث عنه : عمرو بن مرة ، وحبيب بن أبي ثابت ، والحكم بن عتيبة ، وواصل الأحدب ، وحماد الفقيه ، وعبدة بن أبي لبابة ، وعاصم بن بهدلة ، وأبو حصين ، وأبو إسحاق ، ونعيم بن أبي هند ، ومنصور والأعمش ، ومغيرة ، وعطاء بن السائب ، وزبيد اليامي ، وسيار أبو الحكم ، ومحمد بن سوقة ، والعلاء بن خالد ، وأبو هاشم الرماني ، وأبو بشر ، وخلق كثير .

روى الزبرقان السراج عن أبي وائل قال : إني أذكر وأنا ابن عشر في الجاهلية أرعى غنما -أو قال : إبلا- لأهلي حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم .

عاصم بن بهدلة : عن أبي وائل قال : أدركت سبع سنين من سني الجاهلية .

وكيع : عن أبي العنبس ، قلت لأبي وائل : هل أدركت النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال : نعم ، وأنا غلام أمرد ، ولم أره .

وروى مغيرة عن أبي وائل ، قال : أتانا مصدق النبي -صلى الله عليه وسلم- فأتيته بكبش ، فقلت : خذ صدقة هذا ، قال : ليس في هذا صدقة .

وقال الأعمش : قال لي شقيق بن سلمة : يا سليمان لو رأيتنا ونحن هراب من خالد بن الوليد يوم بزاخة فوقعت عن البعير ، فكادت تندق [ ص: 163 ] عنقي ، فلو مت يومئذ كانت النار . قال : وكنت يومئذ ابن إحدى عشرة سنة ، وفي نسخة : ابن إحدى وعشرين سنة ، وهو أشبه .

قلت : كونه جاء بالكبش ثم هرب من خالد ، يؤذن بارتداده ، ثم من الله عليه بالإسلام ; ألا تراه يقول : لو مت يومئذ كانت النار ، فكانت لله به عناية .

وروى يزيد بن أبي زياد ، عن أبي وائل : أنا أكبر من مسروق .

محمد بن فضيل : عن أبيه ، عن أبي وائل ، أنه تعلم القرآن في شهرين .

وقال عمرو بن مرة : من أعلم أهل الكوفة بحديث ابن مسعود ؟ قال : أبو وائل .

قال الأعمش : قال لي إبراهيم النخعي ، عليك بشقيق ; فإني أدركت الناس وهم متوافرون ، وإنهم ليعدونه من خيارهم .

وروى مغيرة ، عن إبراهيم ، وذكر عنده أبو وائل ، فقال : إني لأحسبه ممن يدفع عنا به ، وعنه قال : أما إنه خير مني .

قال عاصم بن أبي النجود : ما سمعت أبا وائل سب إنسانا قط ، ولا بهيمة .

قال الثوري : عن أبيه ، سمع أبا واصل سئل : أنت أكبر أو الربيع بن خثيم ؟ قال : أنا أكبر منه سنا ، وهو أكبر مني عقلا .

[ ص: 164 ] وقال عاصم : كان عبد الله إذا رأى أبا وائل قال : التائب ، قال : كان أبو وائل يحب عثمان .

روى حماد بن زيد ، عن عاصم بن بهدلة قال : قيل لأبي وائل : أيهما أحب إليك ، علي أو عثمان ؟ قال : كان علي أحب إلي ، ثم صار عثمان أحب إلي من علي .

وقال إسحاق بن منصور عن ابن معين : أبو وائل ثقة ، لا يسأل عن مثله .

وقال ابن سعد كان ثقة كثير الحديث .

أبو معاوية ، عن الأعمش ، قال لي أبو وائل : يا سليمان ، ما في أمرائنا هؤلاء واحدة من اثنتين : ما فيهم تقوى أهل الإسلام ، ولا عقول أهل الجاهلية .

عمرو بن عبد الغفار ، عن الأعمش ، قال لي شقيق : نعم الرب ربنا ; لو أطعناه ما عصانا .

أخبرنا إسحاق بن طارق ، أنبأنا ابن خليل ، أنبأنا اللبان ، أنبأنا الحداد ، أنبأنا أبو نعيم ، حدثنا أبو علي محمد بن أحمد ، حدثنا بشر بن موسى ، حدثنا خلاد بن يحيى ، حدثنا معرف بن واصل ، قال : كنا عند أبي وائل ، فذكروا قرب الله من خلقه ، فقال : نعم ، يقول الله تعالى : ابن آدم ، ادن مني شبرا أدن منك ذراعا ، ادن مني ذراعا ، أدن منك باعا ، امش إلي ، أهرول إليك .

[ ص: 165 ] وبه إلى أبي نعيم ، حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، حدثنا أبو يحيى الرازي ، حدثنا هناد ، حدثنا عبدة ، عن الزبرقان ، قال : كنت عند أبي وائل ، فجعلت أسب الحجاج وأذكر مساوئه ، فقال : لا تسبه ; وما يدريك لعله قال : اللهم اغفر لي ، فغفر له .

وبه ، حدثنا أحمد بن جعفر ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني يوسف بن يعقوب الصفار ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن عاصم قال : كان أبو وائل إذا صلى في بيته ينشج نشيجا ، ولو جعلت له الدنيا على أن يفعله وأحد يراه ، ما فعله .

قال مغيرة : كان إبراهيم التيمي يذكر في منزل أبي وائل ، وكان أبو وائل ينتفض انتفاض الطير .

قال عاصم بن بهدلة : كان أبو وائل يقول لجاريته ، إذا جاء يحيى -يعني ابنه- بشيء , فلا تقبليه ، وإذا جاء أصحابي بشيء ، فخذيه . وكان ابنه قاضيا على الكناسة . قال : وكان لأبي وائل -رحمه الله- خص من قصب ، يكون فيه هو وفرسه ، فإذا غزا ، نقضه وتصدق به ، فإذا رجع ، أنشأ بناءه .

قلت : قد كان هذا السيد رأسا في العلم والعمل .

قال محمد بن عثمان بن أبي شيبة : مات في زمن الحجاج بعد الجماجم . وقال خليفة : مات بعد الجماجم سنة اثنتين وثمانين .

وأما قول [ ص: 166 ] الواقدي : مات في خلافة عمر بن عبد العزيز ، فوهم .

مات في عشر المائة .

قال عاصم بن أبي النجود : قلت لأبي وائل : شهدت صفين؟ قال : نعم ، وبئست الصفون كانت . فقيل له : أيهما أحب إليك ، علي أو عثمان ؟ قال : علي ، ثم صار عثمان أحب إلي .

عامر بن شقيق عن أبي وائل : استعملني ابن زياد على بيت المال ، فأتاني رجل بصك أن أعط صاحب المطبخ ثمان مائة درهم ، فأتيت ابن زياد ، فكلمته في الإسراف فقال : ضع المفاتيح واذهب .

أخبرنا أحمد بن عبد الحميد ، وإسماعيل بن عبد الرحمن ، قالا : أنبأنا عبد الله بن قدامة ، أنبأنا أبو بكر بن النقور ، أنبأنا علي بن محمد العلاف ، أنبأنا أبو الحسن الحمامي ، حدثنا عثمان بن أحمد ، حدثنا محمد بن عبيد الله بن أبي داود ، حدثنا أبو بدر ، حدثنا سليمان بن مهران ، عن شقيق بن سلمة ، قال : قال عبد الله ، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله ، والنار مثل ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية