صفحة جزء
ابن طراد

الوزير الكبير أبو القاسم ، علي ابن النقيب الكامل أبي الفوارس طراد بن محمد بن علي ، الهاشمي العباسي الزينبي البغدادي . مر أبوه وأعمامه .

ولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة .

سمع من أبيه ، وعميه أبي نصر وأبي طالب ، وأبي القاسم بن [ ص: 150 ] البسري ، ورزق الله التميمي ، وابن طلحة النعالي ، ونظام الملك وعدة .

وأجاز له أبو جعفر بن المسلمة .

روى الكثير .

وحدث عنه : أبو أحمد بن سكينة ، وأبو سعد السمعاني ، وأبو القاسم بن عساكر وعبد الرحمن بن أحمد بن عصية ، وطائفة سواهم .

وكان يصلح لإمرة المؤمنين ، ولي -أولا- نقابة العباسيين بعد والده ، وعظم شأنه إلى أن وزر للمسترشد سنة 523 ، فقلد أخاه أبا الحسن محمد بن طراد النقابة ، ثم في شعبان سنة ست وعشرين قبض على الوزير علي ، وحبس ، واحتيط على أمواله ونائبه ، وأقاموا في نيابة الوزارة محمد بن الأنباري ، ثم أطلق بعد أربعة أشهر ، وقرر عليه مال يزنه ، ووزر أنو شروان قليلا ، ثم أعيد ابن طراد إلى الوزارة سنة ثمان وعشرين ، وزيد في تفخيمه .

ثم سار في خدمة المسترشد لحرب مسعود بن محمد بن ملكشاه ، فلما قتل المسترشد قبضوا على الوزير ، ثم توجه مسعود بجيشه إلى بغداد ومعه الوزير أبو القاسم ، فوصل الوزير سالما ، وقد هرب الراشد بالله ولد المسترشد إلى الموصل ، فدبر الوزير في خلعه ، وبايع المقتفي ، فاستوزره ، وعظم ملكه ، فلم يزل على الوزارة إلى أن هرب إلى دار [ ص: 151 ] السلطان مستجيرا بها لأمر خافه ، وناب في الوزارة قاضي القضاة الزينبي ، وذلك في سنة أربع وثلاثين ، ثم استوزر المقتفي ابن جهير ثم قدم السلطان مسعود بغداد سنة ست وثلاثين ، ولزم ابن طراد بيته إلى أن توفي .

قال السمعاني : كان علي بن طراد صدرا مهيبا وقورا ، دقيق النظر ، حاد الفراسة ، عارفا بالأمور السنية العظام ، شجاعا جريئا ، خلع الراشد ، وجمع الناس على خلعه ومبايعة المقتفي في يوم ، ثم إن المقتفي تغير رأيه فيه ، وهم بالقبض عليه ، فالتجأ إلى دار السلطان ، فلما قدم السلطان أمر بحمله إلى داره مكرما ، فاشتغل بالعبادة ، وكان كثير التلاوة والصلاة ، دائم البشر ، له إدرار على القراء والزهاد ، قرأت عليه الكثير ، وكان يكرمني غاية الإكرام ، وأول ما دخلت عليه في وزارته قال : مرحبا بصنعة لا تنفق إلا عند الموت .

قال أحمد بن صالح الجيلي : مات الوزير شرف الدين علي بن طراد في مستهل رمضان سنة ثمان وثلاثين وخمس مائة وشيعه وزير الوقت أبو نصر بن جهير وخلائق -رحمه الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية