صفحة جزء
الزمخشري

العلامة ، كبير المعتزلة أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد ، [ ص: 152 ] الزمخشري الخوارزمي النحوي صاحب " الكشاف " و " المفصل " .

رحل ، وسمع ببغداد من نصر بن البطر وغيره .

[ ص: 153 ] وحج ، وجاور ، وتخرج به أئمة .

ذكر التاج الكندي أنه رآه على باب الإمام أبي منصور بن الجواليقي .

وقال الكمال الأنباري لما قدم الزمخشري للحج ، أتاه شيخنا أبو السعادات بن الشجري مهنئا بقدومه ، وقال :

كانت مساءلة الركبان تخبرني عن أحمد بن علي أطيب الخبر     حتى التقينا فلا والله ما سمعت
أذني بأحسن مما قد رأى بصري

وأثنى عليه ، ولم ينطق الزمخشري حتى فرغ أبو السعادات ، فتصاغر له ، وعظمه ، وقال : إن زيد الخيل دخل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فرفع صوته بالشهادتين ، فقال له : يا زيد كل رجل وصف لي وجدته دون [ ص: 154 ] الصفة إلا أنت ، فإنك فوق ما وصفت . وكذلك الشريف ودعا له وأثنى عليه .

قلت : روى عنه بالإجازة أبو طاهر السلفي ، وزينب بنت الشعري .

وروى عنه أناشيد إسماعيل بن عبد الله الخوارزمي ، وأبو سعد أحمد بن محمود الشاشي ، وغيرهما .

وكان مولده بزمخشر -قرية من عمل خوارزم - في رجب سنة سبع وستين وأربعمائة .

وكان رأسا في البلاغة والعربية والمعاني والبيان ، وله نظم جيد .

قال السمعاني : أنشدنا إسماعيل بن عبد الله ، أنشدني الزمخشري لنفسه يرثي أستاذه أبا مضر النحوي

وقائلة ما هذه الدرر التي     تساقطها عيناك سمطين سمطين
فقلت هو الدر الذي قد حشا به     أبو مضر أذني تساقط من عيني

[ ص: 155 ] أنبأني عدة عن أبي المظفر بن السمعاني ، أنشدنا أحمد بن محمود القاضي بسمرقند ، أنشدنا أستاذي محمود بن عمر :


ألا قل لسعدى ما لنا فيك من وطر     وما تطبينا النجل من أعين البقر
فإنا اقتصرنا بالذين تضايقت     عيونهم والله يجزي من اقتصر
مليح ولكن عنده كل جفوة     ولم أر في الدنيا صفاء بلا كدر
ولم أنس إذ غازلته قرب روضة     إلى جنب حوض فيه للماء منحدر
فقلت له جئني بورد وإنما     أردت به ورد الخدود وما شعر
فقال انتظرني رجع طرف أجئ به     فقلت له هيهات ما في منتظر
فقال ولا ورد سوى الخد حاضر     فقلت له إني قنعت بما حضر

قلت : هذا شعر ركيك لا رقيق .

قال ابن النجار : قرأت على زينب بنت عبد الرحمن بنيسابور ، عن الزمخشري ، أخبرنا ابن البطرة ، فذكر حديثا من " المحامليات " .

قال السمعاني : برع في الآداب ، وصنف التصانيف ، ورد العراق وخراسان ، ما دخل بلدا إلا واجتمعوا عليه ، وتلمذوا له ، وكان علامة نسابة ، جاور مدة حتى هبت على كلامه رياح البادية . مات ليلة عرفة سنة ثمان وثلاثين وخمس مائة .

وقال ابن خلكان له " الفائق " في غريب الحديث ، و " ربيع [ ص: 156 ] الأبرار " ، و " أساس البلاغة " ، و " مشتبه أسامي الرواة " ، وكتاب " النصائح " ، و " المنهاج " في الأصول ، و " ضالة الناشد " .

قيل : سقطت رجله ، فكان يمشي على جاون خشب ، سقطت من الثلج .

وكان داعية إلى الاعتزال ، الله يسامحه .

التالي السابق


الخدمات العلمية