الأتابك 
الملك عماد الدين الأتابك زنكي بن الحاجب قسيم الدولة آقسنقر بن عبد الله التركي ، صاحب حلب . 
فوض إليه السلطان محمود بن ملكشاه  شحنكية بغداد  في سنة إحدى  [ ص: 190 ] عشرة وخمسمائة في العام الذي ولد له فيه ابنه الملك العادل نور الدين الشهيد  ثم إنه حوله إلى مدينة الموصل  ، فجعله أتابكا لولده الملقب بالخفاجي  في سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة . 
ثم استولى على البلاد ، وعظم أمره ، وافتتح الرها  ، وتملك حلب  والموصل  وحماة  وحمص  وبعلبك  وبانياس  ، وحاصر دمشق  ، وصالحهم على أن خطبوا له بها بعد حروب يطول شرحها . واستنقذ من الفرنج  كفرطاب  والمعرة  ، ودوخهم ، وشغلهم بأنفسهم ، ودانت له البلاد . 
وكان بطلا شجاعا مقداما كأبيه ، عظيم الهيبة ، مليح الصورة ، أسمر جميلا ، قد وخطه الشيب ، وكان يضرب بشجاعته المثل ، لا يقر ولا ينام ، فيه غيرة حتى على نساء جنده ، عمر البلاد . 
قصد حلب  في سنة اثنتين وعشرين ، وكانت للبرسقي  قد انتزعها من بني أرتق  ، ثم وليها ابنه مسعود  ، والنائب بها قيماز  ، ثم بعد قتلغ  ، فنازلها جوسلين ملك الفرنج  ، فبذلوا له مالا ، فترحل ، وجاء التقليد من السلطان محمود  بحلب  لزنكي  ، فدخلها ، ورتب أمورها ، وافتتح مدائن عدة ، ودوخ  [ ص: 191 ] الفرنج  ، وكان أعداؤه محيطين به من الجهات ، وهو ينتصف منهم ، ويستولي على بلادهم . 
قال ابن واصل   : لم يخلف قسيم الدولة مملوك السلطان ألب آرسلان  ولدا غير زنكي  ، وله يومئذ عشر سنين ، فالتف عليه غلمان أبيه ، ورباه كربوقا  ، وأحسن إليه . 
قلت : نازل زنكي  قلعة جعبر  وحاصر ملكها علي بن مالك  ، وأشرف على أخذها ، فأصبح مقتولا ، وفر قاتله خادمه إلى جعبر  ، وذلك في خامس ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين وخمسمائة فتملك ابنه نور الدين  بالشام  ، وابنه غازي  بالموصل   . 
وقال  nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير  وثب عليه جماعة من مماليكه في الليل ، وهربوا إلى جعبر  ، فصاح أهلها ، وفرحوا . 
زاد عمر  زنكي -رحمه الله- على الستين . 
	
	
	
		
		
						التالي 
			
			
						 السابق