صفحة جزء
ابن الطلاية

الشيخ الصادق الزاهد القدوة ، بركة المسلمين ، أبو [ ص: 261 ] العباس أحمد بن أبي غالب بن أحمد بن عبد الله بن محمد ، عرف بابن الطلاية ، الكاغدي البغدادي .

ولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة .

روى جزءا عن عبد العزيز بن علي الأنماطي ، وتفرد به ، وهو التاسع من " المخلصيات " انتقاء ابن البقال وحفظ القرآن .

قال السمعاني : شيخ كبير ، أفنى عمره في العبادة والقيام والصيام ، لعله ما صرف ساعة من عمره إلا في عبادة ، وانحنى حتى لا يتبين قيامه من ركوعه إلا بيسير ، وكان حافظا للقرآن ، لا يقبل من أحد شيئا ، وله كفاية يتقنع بها ، دخلت عليه في مسجده مرات ، بالعتابيين وسألته : هل سمعت شيئا ؟ فقال : سمعت من أبي القاسم عبد العزيز الأنماطي .

قال السمعاني : ما ظفرنا بذلك ، لكن قرأت عليه " الرد على الجهمية " لنفطويه ، سمعه من أبي العباس بن قريش ، وحضر سماعه معنا شيخنا أبو القاسم بن السمرقندي .

قلت : ظهر سماعه من الأنماطي بعد فراق الحافظ أبي سعد بغداد ، فروى عنه الجزء يونس بن يحيى الهاشمي ، وأحمد بن الحسن العاقولي ، [ ص: 262 ] ومحمد بن محمد بن علي السمذي ، وعلي بن أحمد بن العريبي ، وشجاع البيطار ، ومحمد بن علي بن البل ، وسعيد بن المبارك بن كمونة ، وعبيد الله بن أحمد المنصوري ، وعمر بن طبرزد ، وأحمد بن الأصفر ، وريحان بن تيكان الضرير ، ومظفر بن أبي يعلى بن جحشويه ، وعبد الرحمن بن تميرة ، وعبد الله بن محاسن بن أبي شريك ، وعبد الخالق بن عبد الرحمن الصياد ، وعبد السلام بن المبارك البردغولي ، وأحمد بن يوسف بن صرما ، والمبارك بن علي بن أبي الجود شيخ الأبرقوهي ، وآخرون .

قال أبو المظفر بن الجوزي سمعت مشايخ الحربية يحكون عن آبائهم وأجدادهم أن السلطان مسعودا لما أتى بغداد ، كان يحب زيارة العلماء والصالحين ، فالتمس حضور ابن الطلاية ، فقال للرسول : أنا في هذا المسجد أنتظر داعي الله في النهار خمس مرات . فذهب الرسول ، فقال السلطان : أنا أولى بالمشي إليه . فزاره ، فرآه يصلي الضحى ، وكان يطولها يصليها بثمانية أجزاء ، فصلى معه بعضها ، فقال له الخادم : السلطان قائم على رأسك . فقال : أين مسعود ؟ قال : ها أنا . قال : يا مسعود ، اعدل ، وادع لي ، الله أكبر . ثم دخل في الصلاة ، فبكى السلطان ، وكتب ورقة بخطه بإزالة المكوس والضرائب ، وتاب توبة صادقة .

مات ابن الطلاية في حادي عشر رمضان سنة ثمان وأربعين وخمسمائة وحمل على الرءوس ، وكانت جنازته كجنازة أبي الحسن بن [ ص: 263 ] القزويني وما خلف بعده مثله ، دفن إلى جانب أبي الحسين بن سمعون -رحمهما الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية