صفحة جزء
العلاء بن زياد ( ق )

ابن مطر بن شريح ، القدوة العابد ، أبو نصر العدوي البصري . أرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم .

وحدث عن عمران بن حصين ، وعياض بن حمار ، وأبي هريرة ، ومطرف بن الشخير ، وغيرهم .

روى عنه الحسن ، وأسيد بن عبد الرحمن الخثعمي ، وقتادة ، ومطر الوراق ، وأوفى بن دلهم ، وإسحاق بن سويد ، وآخرون .

وكان ربانيا تقيا قانتا لله ، بكاء من خشية الله .

قال قتادة : كان العلاء بن زياد قد بكى حتى غشي بصره ، وكان إذا [ ص: 203 ] أراد أن يقرأ أو يتكلم ، جهشه البكاء . وكان أبوه قد بكى حتى عمي .

وقال هشام بن حسان : كان قوت العلاء بن زياد رغيفا كل يوم .

وقال أوفى بن دلهم : كان للعلاء بن زياد مال ورقيق ، فأعتق بعضهم ، وباع بعضهم ، وتعبد وبالغ ، فكلم في ذلك فقال : إنما أتذلل لله لعله يرحمني .

وعن عبد الواحد بن زيد قال : أتى رجل العلاء بن زياد ، فقال : أتاني آت في منامي فقال : ائت العلاء بن زياد ، فقل له : لم تبكي ، قد غفر لك . قال : فبكى ، وقال : الآن حين لا أهدأ .

وقال سلمة بن سعيد : رئي العلاء بن زياد أنه من أهل الجنة ، فمكث ثلاثا لا ترقأ له دمعة ، ولا يكتحل بنوم ، ولا يذوق طعاما ، فأتاه الحسن فقال : أي أخي ، أتقتل نفسك أن بشرت بالجنة؟! فازداد بكاء ، فلم يفارقه حتى أمسى وكان صائما ، فطعم شيئا . رواها عبيد الله العنسي عن سلمة .

جعفر بن سليمان : سمعت مالك بن دينار وسأل هشام بن زياد العدوي فقال : تجهز رجل من أهل الشام للحج ، فأتاه آت في منامه : ائت البصرة فائت العلاء بن زياد فإنه رجل ربعة ، أقصم الثنية بسام ، فبشره بالجنة . فقال : رؤيا ليست بشيء . فأتاه في الليلة الثانية ، ثم في الثالثة وجاءه بوعيد ، فأصبح وتجهز إلى العراق ، فلما خرج من البيوت إذا الذي أتاه في منامه يسير بين يديه ، فإذا نزل فقده . قال : فجاء فوقف على باب العلاء ، فخرجت إليه فقال : أنت العلاء ؟ قلت : لا ، انزل -رحمك الله- فضع رحلك .

قال : لا ، أين العلاء ؟ قلت : في المسجد . فجاء العلاء ، فلما رأى الرجل ، تبسم فبدت ثنيته ، فقال : هذا والله هو . فقال العلاء : هلا حططت رحل [ ص: 204 ] الرجل ، ألا أنزلته ! قال : قلت له فأبى . قال العلاء : انزل رحمك الله . قال : أخلني . فدخل العلاء منزله وقال : يا أسماء تحولي . فدخل الرجل فبشره برؤياه ، ثم خرج فركب ، وأغلق العلاء بابه ، وبكى ثلاثة أيام ، أو قال سبعة لا يذوق فيها طعاما ولا شرابا ، فسمعته يقول في خلال بكائه : أنا ، أنا . وكنا نهابه أن نفتح بابه . وخشيت أن يموت ، فأتيت الحسن ، فذكرت له ذلك ، فجاء فدق عليه ، ففتح وبه من الضر شيء الله به عليم ، ثم كلم الحسن ، فقال : ومن أهل الجنة إن شاء الله ، أفقاتل نفسك أنت؟ قال هشام : فحدثنا العلاء - لي وللحسن - بالرؤيا وقال : لا تحدثوا بها ما كنت حيا .

قتادة : عن العلاء بن زياد ، قال : ما يضرك شهدت على مسلم بكفر أو قتلته .

وقال هشام بن حسان : كان العلاء يصوم حتى يخضر ، ويصلي حتى يسقط ، فدخل عليه أنس والحسن فقالا : إن الله لم يأمرك بهذا كله .

قال أحمد بن حنبل : أخبرت عن مبارك بن فضالة ، عن حميد بن هلال ، قال : دخلت مع الحسن على العلاء بن زياد وقد أسله الحزن ، وكانت له أخت تندف عليه القطن غدوة وعشية ، فقال : كيف أنت يا علاء ؟ قال : واحزناه على الحزن .

حميد بن هلال : عن العلاء بن زياد ، قال : رأيت الناس في النوم يتبعون شيئا فتبعته ، فإذا عجوز كبيرة هتماء عوراء ، عليها من كل حلية [ ص: 205 ] وزينة ، فقلت : ما أنت؟ قالت : أنا الدنيا . قلت : أسأل الله أن يبغضك إلي ، قالت : نعم ، إن أبغضت الدراهم .

وروى الحارث بن نبهان عن هارون بن رئاب ، عن العلاء بنحوه .

جعفر بن سليمان الضبعي : حدثنا هشام بن زياد أخو العلاء ، أن العلاء كان يحيي ليلة الجمعة ، فنام ليلة جمعة ، فأتاه من أخذ بناصيته ، فقال : قم يا ابن زياد ، فاذكر الله يذكرك . فقام ، فما زالت تلك الشعرات التي أخذها منه قائمة حتى مات .

قال البخاري في تفسير " حم المؤمن " في لا تقنطوا من رحمة الله روى حميد بن هلال ، عن العلاء بن زياد ، قال : رأيت في النوم الدنيا عجوزا شوهاء هتماء ، عليها من كل زينة وحلية ، والناس يتبعونها ، قلت : ما أنت؟ قالت : الدنيا . . وذكر الحكاية .

ذكر أبو حاتم بن حبان أن العلاء بن زياد توفي في أخرة ولاية الحجاج سنة أربع وتسعين .

قرأت على إسحاق الأسدي : أخبركم يوسف بن خليل ، أنبأنا أبو المكارم التيمي ، أنبأنا أبو علي الحداد ، أنبأنا أبو نعيم الحافظ ، حدثنا فاروق وحبيب بن الحسن في جماعة قالوا : أنبأنا أبو مسلم الكشي ، حدثنا عمرو بن مرزوق [ ص: 206 ] أنبأنا عمران القطان عن قتادة ، عن العلاء بن زياد ، عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة رواه مطر الوراق عن العلاء مثله . إسناده قوي .

فأما " العلاء بن زياد " فشيخ آخر ، بصري ، يروي عن الحسين ، روى عنه حماد بن زيد ، روى له النسائي وقد جعل شيخنا أبو الحجاج الحافظ الترجمتين واحدة ; ولا يستقيم ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية