صفحة جزء
ارتحل إليه خلق كثير جدا ، ولا سيما لما زالت دولة الرفض عن إقليم مصر وتملكها عسكر الشام ، فارتحل إليه السلطان صلاح الدين وإخوته وأمراؤه ، فسمعوا منه .

حدث عنه الحافظ محمد بن طاهر المقدسي ، والمحدث سعد الخير وهما من شيوخه ، وأبو العز محمد بن علي الملقاباذي ، وعلي بن إبراهيم السرقسطي ، وطيب بن محمد المروزي ، وقد روى أبو سعد السمعاني عن الثلاثة عن السلفي . وممن روى عنه يحيى بن سعدون القرطبي ، والصائن هبة الله بن عساكر ، وحدث عنهما الحافظان : ابن السمعاني وأبو القاسم بن عساكر عنه .

وروى عنه بالإجازة خلق ماتوا قبله ، منهم : القاضي عياض بن موسى .

وحدث عنه من الأئمة : عمر بن عبد المجيد الميانشي ، وحماد الحراني ، والحافظان : عبد الغني وعبد القادر الرهاوي ، وعلي بن [ ص: 18 ] المفضل الحافظ ، وأبو البركات بن الجباب والشهاب ابن راجح ، وأبو نزار ربيعة بن الحسن اليمني ، وأبو النجم فرقد الكناني ، وعبد الرحيم بن أبي الفوارس القيسي ، والصائن عبد الواحد بن إسماعيل الأزدي ، وأبو النجم بن رسلان الواعظ ، والسلطان يوسف بن أيوب وأخوه السلطان أبو بكر العادل .

وأبو الفتوح محمد بن البكري وابنه أبو الحسن محمد ، ومحمد بن عبد الغفار الهمذاني ، والأمير محمد بن محمود الدوني ، وظافر بن عمر بن مقلد الدمشقي ، وعبد الله بن عمر الشافعي قاضي اليمن ، ومرتضى بن حاتم ، وظافر بن شحم ، وعلي بن زيد التسارسي وعلي بن مختار العامري ، وجعفر بن علي الهمداني ، وعبد الغفار بن شجاع المحلي ، والفخر محمد بن إبراهيم الفارسي ، والحسن بن محمد الأوقي .

ونصر بن جرو ، وعبد الصمد الغضاري ، وعيسى بن الوجيه بن عيسى ، ومحمد بن عماد الحراني ، والفخر محمد بن عبد الوهاب ، وإبراهيم بن علي المحلي ، ودرع بن فارس العسقلاني الشيرجي ، وعبد الخالق بن إسماعيل التنيسي وعلي بن محمد بن رحال ومحمد بن محمد بن سعيد المأموني ، وعبد الله بن عبد الجبار العثماني ، وإبراهيم بن عبد الرحمن بن الجباب وأخوه محمد ، وأبو القاسم عبد الرحمن بن [ ص: 19 ] الصفراوي ، وعبد الرحيم بن الطفيل ، والحسن بن هبة الله بن دينار .

ويوسف بن عبد المعطي بن المخيلي ، والوجيه محمد ابن تاجر عينه ، وعلي بن إسماعيل بن جبارة ، وحمزة بن أوس الغزال ، ويحيى بن عبد العزيز الأغماتي وأخوه ناصر ، وحسين بن يوسف الشاطبي ، وعبد العزيز بن النقار ، ومظفر بن عبد الملك الفوي ومنصور بن سند بن الدماغ ، وعلم الدين علي بن محمد السخاوي ، وعلم الدين علي بن محمود بن الصابوني .

وابن أخيه الشهاب أحمد بن محمد ، وفاضل بن ناجي المخيلي ، ويوسف بن يعقوب الساوي ، وأبو الوفاء عبد الملك بن الحنبلي ، وأبو القاسم بن رواحة ، وأحمد بن محمد الجباب ، وعلي بن أبي بكر الديبلي وعلي بن عبد الرحمن المنبجي ، وعمر بن أمير ملك الحنفي ، وعبد الواحد بن أبي القاسم الدمشقي ، وتمام بن عبد الهادي بن الحنبلي ، وعبد العزيز بن عبد الله بن الصواف ، وعمر ابن الشيخ أبي عمر بن قدامة .

وأبو منصور محمد بن عقيل بن الصوفي ، ومحمود بن موسك الهذباني ، ومحمد بن يحيى بن السدار ، وبشارة بن طلائع ، وعبد الله بن يوسف القابسي ، وصدقة بن عبد الله الأديب ، وعلي بن منصور بن مخلوف ، وسلمان بن حسن البزاز ، وعبد الله بن يحيى المهدوي ، وحسان بن أبي القاسم المهدوي ، وعبد الحكيم بن حاتم ، وست الحسن بنت الوجيه بن عيسى ، وعبد الكافي السلاوي ، وعبد الله بن إسماعيل بن رمضان ، والحسين بن صادق المقدسي ، ونصر الله ابن نقاش السكة ، وعبد [ ص: 20 ] الكريم بن كليب الحراني ، وهبة الله ابن نقاش السكة أخو المذكور .

وعبد الوهاب بن رواج الأزدي ، وبهاء الدين علي بن الجميزي ، وشعيب بن يحيى الزعفراني ، وأحمد بن علي بن بدر الدمشقي ، وعبد الخالق بن حسن بن هياج ، وعبد المحسن السطحي ، وعلي بن عبد الجليل الرازي ، وقيماز المعظمي ، وهبة الله بن محمد بن مفرج ابن الواعظ وسبطه أبو القاسم عبد الرحمن بن مكي ، وخلق ، آخرهم موتا راوي المسلسل عنه أبو بكر محمد بن الحسن بن عبد السلام السفاقسي .

وبالإجازة تاج الدين أحمد بن محمد ابن الشيرازي ، والنور البلخي ، وعثمان بن علي ابن خطيب القرافة ، ومحمد بن عبد الواحد المقدسي الحافظ ، ومكي بن علان القيسي ، ومحمد بن عبد الهادي الجماعيلي ، وعدة .

وممن سمع منه أيضا أبو الحسن محمد بن يحيى بن ياقوت وروى عنه بالإجازة العامة الزين أحمد بن عبد الدائم وطائفة ; فبين ابن طاهر وبين [ ص: 21 ] السفاقسي في الوفاة مائة وسبع وأربعون سنة وذا ما لم يتفق مثله لأحد في كتاب " السابق واللاحق " .

ولقد خرج " الأربعين البلدية " التي لم يسبق إلى تخريجها ، وقل أن يتهيأ ذلك إلا لحافظ عرف باتساع الرحلة . وله كتاب : " السفينة الأصبهانية " في جزء ضخم ، رويناه ، و " السفينة البغدادية " في جزئين كبيرين ، و " مقدمة معالم السنن " ، و " الوجيز في المجاز والمجيز " ، و " جزء شرط القراءة على الشيوخ " ، و " مجلسان في فضل عاشوراء " .

وانتخب على جماعة من كبار المشايخ كجعفر بن أحمد السراج ، وأبي الحسين بن الطيوري ، وأبي الحسن بن الفراء الموصلي ، وكان مكبا على الكتابة والاشتغال والرواية ، لا راحة له غالبا إلا في ذلك .

قال الحافظ المنذري : سمعت الحافظ ابن المفضل يقول : عدة شيوخ الحافظ السلفي بأصبهان تزيد على ست مائة نفس ، ومشيخته البغدادية خمسة وثلاثون جزءا ، وكل من سمع من أبي صادق المديني ومحمد بن أحمد الرازي المعدل من المصريين فأكثره بإفادته .

[ ص: 22 ] وله تصانيف كثيرة ، وكان يستحسن الشعر ، وينظمه ، ويثيب من يمدحه .

ورأى عدة من الحفاظ كأبي القاسم إسماعيل بن محمد ، ومحمد بن عبد الواحد الدقاق ، ويحيى بن منده ، وأبي نصر اليونارتي بأصبهان ، وكأبي علي البراداني ، وشجاع الذهلي ، والمؤتمن الساجي ببغداد ، ومحمد بن طاهر المقدسي ، وأبي محمد بن السمرقندي وعدة .

وأخذ التصوف عن معمر بن أحمد اللنباني ، والفقه عن إلكيا أبي الحسن الطبري ، وأبي بكر محمد بن أحمد الشاشي ، والفقيه يوسف الزنجاني ، والأدب عن أبي زكريا التبريزي ، وأبي الكرم بن فاخر ، وعلي بن محمد الفصيحي .

وأخذ حروف القراءات عن أبي طاهر بن سوار وأبي منصور الخياط ، وأبي الخطاب بن الجراح .

وسمعته يقول : متى لم يكن الأصل بخطي لم أفرح به . وكان جيد الضبط ، كثير البحث عما يشكل عليه . قال : وكان أوحد زمانه في علم الحديث وأعرفهم بقوانين الرواية والتحديث ، جمع بين علو الإسناد وغلو الانتقاد ، وبذلك كان ينفرد عن أبناء جنسه .

قال أبو علي الأوقي : سمعت أبا طاهر السلفي يقول : لي ستون سنة بالإسكندرية ما رأيت منارتها إلا من هذه الطاقة ، وأشار إلى غرفة يجلس فيها .

[ ص: 23 ] وقال أبو سعد السمعاني في " ذيله " السلفي ثقة ، ورع ، متقن ، متثبت ، فهم ، حافظ ، له حظ من العربية ، كثير الحديث ، حسن الفهم والبصيرة فيه . روى عنه محمد بن طاهر المقدسي ; فسمعت أبا العلاء أحمد بن محمد بن الفضل الحافظ بأصبهان يقول : سمعت ابن طاهر يقول : سمعت أبا طاهر الأصبهاني ، وكان من أهل الصنعة ، يقول : كان أبو حازم العبدوي ، إذا روى عن أبي سعد الماليني ، يقول : أخبرنا أحمد بن حفص الحديثي ، هذا أو نحوه . وقد صحب السلفي والدي مدة ببغداد ، ثم سافر إلى الشام ، ومضى إلى صور ، وركب البحر إلى مصر ، وأجاز لي مروياته في سنة ثمان وخمسين وخمسمائة .

وقال عبد القادر الرهاوي : سمعت يحكي عن ابن ناصر أنه قال عن السلفي : كان ببغداد كأنه شعلة نار في تحصيل الحديث . وسمعت محمد بن أبي الصقر يقول : كان السلفي إذا دخل على هبة الله بن الأكفاني يتلقاه ، وإذا خرج يشيعه .

ثم قال عبد القادر : كان له عند ملوك مصر الجاه والكلمة النافذة مع مخالفته لهم في المذهب -يريد عبد القادر الملوك الباطنية المتظاهرين بالرفض - وقد بنى الوزير العادل ابن السلار مدرسة كبيرة وجعله مدرسها على الفقهاء الشافعية ، وكان ابن السلار له ميل إلى السنة .

[ ص: 24 ] قال عبد القادر الحافظ : وكان أبو طاهر لا تبدو منه جفوة لأحد ، ويجلس للحديث فلا يشرب ماء ، ولا يبزق ، ولا يتورك ، ولا تبدو له قدم ، وقد جاز المائة . بلغني أن سلطان مصر حضر عنده للسماع ، فجعل يتحدث مع أخيه ، فزبرهما ، وقال : أيش هذا ، نحن نقرأ الحديث وأنتما تتحدثان ؟ ! وبلغني أن مدة مقامه بالإسكندرية ما خرج منها إلى بستان ولا فرجة سوى مرة واحدة ، بل كان لازما مدرسته ، وما كنا نكاد ندخل عليه إلا ونراه مطالعا في شيء ، وكان حليما متحملا لجفاء الغرباء .

خرج من بغداد سنة خمسمائة إلى واسط والبصرة ، ودخل خوزستان وبلاد السيس ونهاوند ، ثم مضى إلى الدربند ، وهو آخر بلاد الإسلام ، ثم رجع إلى تفليس وبلاد أذربيجان ، ثم خرج إلى ديار بكر ، وعاد إلى الجزيرة ونصيبين وماكسين ، ثم صعد إلى دمشق .

ولما دخل الإسكندرية رآه كبراؤها وفضلاؤها ، فاستحسنوا علمه وأخلاقه وآدابه ، فأكرموه ، وخدموه ، حتى لزموه عندهم بالإحسان .

وحدثني رفيق لي عن ابن شافع قال : السلفي شيخ العلماء .

وسمعت بعض فضلاء همذان يقول : السلفي أحفظ الحفاظ .

قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر في ترجمة السلفي : حدث [ ص: 25 ] بدمشق ، وسمع منه بعض أصحابنا ، ولم أظفر بالسماع منه ، وسمعت بقراءته من عدة شيوخ ، ثم خرج إلى مصر وسمع بها ، واستوطن الإسكندرية ، وتزوج بها امرأة ذات يسار ، وحصلت له ثروة بعد فقر وتصوف ، وصارت له بالإسكندرية وجاهة ، وبنى له أبو منصور علي بن إسحاق بن السلار الملقب بالعادل أمير مصر مدرسة ووقف عليها . أجاز لي جميع حديثه ، وحدثني عنه أخي .

سمعت الإمام أبا الحسين ابن الفقيه يقول : سمعت الحافظ زكي الدين عبد العظيم يقول : سألت الحافظ أبا الحسن علي بن المفضل عن أربعة تعاصروا ، فقلت : أيما أحفظ ؛ أبو القاسم بن عساكر أو أبو الفضل بن ناصر ؟ فقال : ابن عساكر . قلت : أيما أحفظ ؛ ابن عساكر أو أبو موسى المديني ؟ قال : ابن عساكر . قلت : أيما أحفظ ؛ ابن عساكر أو أبو طاهر السلفي ؟ قال : السلفي شيخنا! السلفي شيخنا! قلت : فهذا الجواب محتمل كما ترى ، والظاهر أنه أراد بالسلفي المبتدأ وبشيخنا الخبر ، ولم يقصد الوصف ، وإلا فلا يشك عارف بالحديث أن أبا القاسم حافظ زمانه ، وأنه لم ير مثل نفسه .

قال الحافظ عبد القادر : وكان السلفي آمرا بالمعروف ، ناهيا عن المنكر ، حتى إنه قد أزال من جواره منكرات كثيرة . ورأيته يوما ، وقد جاء جماعة من المقرئين بالألحان ، فأرادوا أن يقرءوا فمنعهم من ذلك ، وقال : هذه القراءة بدعة ، بل اقرءوا ترتيلا ، فقرءوا كما أمرهم .

[ ص: 26 ] أنبأنا أحمد بن سلامة ، عن الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد ، ومن خطه نقلت جزءا فيه نقل خطوط المشايخ للسلفي بالقراءات ، وأنه قرأ بحرف عاصم ، على أبي سعد المطرز ، وقرأ بروايتي حمزة والكسائي ، على محمد بن أبي نصر القصار ، وقرأ لقالون على نصر بن محمد الشيرازي ، وبرواية قنبل ، على عبد الله بن أحمد الخرقي . وقد قرأ على بعضهم في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة .

قال الحافظ ابن نقطة كان السلفي جوالا في الآفاق ، حافظا ، ثقه ، متقنا ، سمع منه أشياخه وأقرانه ، وسأل عن أحوال الرجال شجاعا الذهلي ، والمؤتمن الساجي ، وأبا علي البراداني ، وأبا الغنائم النرسي ، وخميسا الحوزي سؤال ضابط متقن .

قال : وحدثني عبد العظيم المنذري بمصر قال : لما أرادوا أن يقرءوا سنن النسائي على أبي طاهر السلفي ، أتوه بنسخة سعد الخير وهي مصححة ، قد سمعها من الدوني ، فقال : اسمي فيها ؟ قالوا : لا ، فاجتذبها من يد القارئ بغيظ ، وقال : لا أحدث إلا من أصل فيه اسمي . ولم يحدث بالكتاب .

قلت : وكان السلفي قد انتخب جزءا كبيرا من الكتاب بخطه ، سمعناه من أصحاب جعفر الهمذاني ؛ أخبرنا السلفي .

[ ص: 27 ] قال ابن نقطة : قال لي عبد العظيم : قال لي أبو الحسن المقدسي : حفظت أسماء وكنى ، ثم ذاكرت السلفي بها ، فجعل يذكرها من حفظه وما قال لي : أحسنت ، ثم قال : ما هذا شيء مليح مني ، أنا شيخ كبير في هذه البلدة هذه السنين لا يذاكرني أحد ، وحفظي هكذا .

قال العماد الكاتب : وسكن السلفي الإسكندرية ، وسارت إليه الرجال ، وتبرك بزيارته الملوك والأقيال ، وله شعر ورسائل ومصنفات . ثم أورد له مقطعات من شعره .

قرأت بخط السيف أحمد ابن المجد : سمعت أحمد بن سلامة النجار يقول : إن الحافظين عبد الغني وعبد القادر أرادا سماع كتاب اللالكائي يعني شرح السنة على السلفي ، فأخذ يتعلل عليهما مرة ، ويدافعهم مرة أخرى بالأصل ، حتى كلمته امرأته في ذلك .

قال ابن النجار : عمر السلفي حتى ألحق الصغار بالكبار . سمع منه ببغداد أبو علي البراداني ، وعبد الملك بن علي بن يوسف ، وهزارسب بن عوض ، ومحمود بن الفضل ، وأبو الحسن الزعفراني ، [ ص: 28 ] وروى لي عنه أكثر من مائة شيخ .

التالي السابق


الخدمات العلمية