صفحة جزء
عبد الملك بن مروان

ابن الحكم بن أبي العاص بن أمية ، الخليفة الفقيه ، أبو الوليد الأموي . ولد سنة ست وعشرين .

سمع عثمان ، وأبا هريرة ، وأبا سعيد ، وأم سلمة ، ومعاوية ، وابن عمر ، وبريرة ، وغيرهم .

ذكرته لغزارة علمه .

حدث عنه عروة ، وخالد بن معدان ، ورجاء بن حيوة ، وإسماعيل بن عبيد الله ، والزهري ، وربيعة بن يزيد ، ويونس بن ميسرة ، وآخرون .

[ ص: 247 ] تملك بعد أبيه الشام ومصر ، ثم حارب ابن الزبير الخليفة ، وقتل أخاه مصعبا في وقعة مسكن واستولى على العراق ، وجهز الحجاج لحرب ابن الزبير ، فقتل ابن الزبير سنة اثنتين وسبعين ، واستوسقت الممالك لعبد الملك .

قال ابن سعد كان قبل الخلافة عابدا ناسكا بالمدينة ، شهد مقتل عثمان وهو ابن عشر ، واستعمله معاوية على المدينة . كذا قال ; وإنما استعمل أباه .

وكان أبيض طويلا ، مقرون الحاجبين ، أعين ، مشرف الأنف ، رقيق الوجه ، ليس بالبادن ، أبيض الرأس واللحية .

عبد الله بن العلاء بن زبر ، عن يونس بن ميسرة ، عن عبد الملك ، أنه قال على المنبر : سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ما من مسلم لا يغزو ، أو يجهز غازيا ، أو يخلفه بخير إلا أصابه الله بقارعة قبل الموت .

قال عبادة بن نسي : قال ابن عمر : إن لمروان ابنا فقيها فسلوه .

وقيل : إن أبا هريرة نظر إلى عبد الملك وهو غلام فقال : هذا يملك العرب .

[ ص: 248 ] جرير بن حازم ، عن نافع ، قال : لقد رأيت المدينة وما بها شاب أشد تشميرا ولا أفقه ولا أنسك ولا أقرأ لكتاب الله من عبد الملك .

وقال أبو الزناد : فقهاء المدينة : سعيد بن المسيب ، وعبد الملك ، وعروة ، وقبيصة بن ذؤيب .

وعن ابن عمر : ولد الناس أبناء ، وولد مروان أبا .

وعن يحيى بن سعيد الأنصاري : أول من صلى بين الظهر والعصر عبد الملك بن مروان وفتيان معه كانوا يصلون إلى العصر .

إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي ، قال : ما جالست أحدا إلا وجدت لي عليه الفضل إلا عبد الملك ، وقيل : إنه تأوه من تنفيذ يزيد جيشه إلى حرب ابن الزبير ، فلما ولي الأمر ، جهز إليه الحجاج الفاسق .

قال ابن عائشة : أفضى الأمر إلى عبد الملك والمصحف بين يديه ، فأطبقه وقال : هذا آخر العهد بك .

قلت : اللهم لا تمكر بنا .

قال الأصمعي : قيل لعبد الملك : عجل بك الشيب . قال : وكيف لا وأنا أعرض عقلي على الناس في كل جمعة .

قال مالك : أول من ضرب الدنانير عبد الملك ، وكتب عليها القرآن .

[ ص: 249 ] وقال يوسف بن الماجشون : كان عبد الملك إذا جلس للحكم قيم على رأسه بالسيوف .

وعن يحيى بن يحيى الغساني ، قال : كان عبد الملك كثيرا ما يجلس إلى أم الدرداء في مؤخر مسجد دمشق ، فقالت : بلغني أنك شربت الطلاء بعد النسك والعبادة ! فقال : إي والله ، والدماء .

وقيل : كان أبخر .

قال الشعبي : خطب عبد الملك ، فقال : اللهم إن ذنوبي عظام ، وهي صغار في جنب عفوك يا كريم ، فاغفرها لي .

قلت : كان من رجال الدهر ودهاة الرجال ، وكان الحجاج من ذنوبه .

توفي في شوال سنة ست وثمانين . عن نيف وستين سنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية