صفحة جزء
الشاطبي

الشيخ الإمام ، العالم العامل ، القدوة ، سيد القراء أبو محمد ، وأبو القاسم القاسم بن فيره بن خلف بن أحمد الرعيني ، الأندلسي ، [ ص: 262 ] الشاطبي ، الضرير ، ناظم " الشاطبية " و " الرائية " .

من كناه أبا القاسم - كالسخاوي وغيره- لم يجعل له اسما سواها . والأكثرون على أنه أبو محمد القاسم .

وذكره أبو عمرو بن الصلاح في " طبقات الشافعية " .

ولد سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة .

وتلا ببلده بالسبع على أبي عبد الله بن أبي العاص النفري ، ورحل إلى بلنسية ، فقرأ القراءات على أبي الحسن بن هذيل ، وعرض عليه " التيسير " ، وسمع منه الكتب ، ومن أبي الحسن ابن النعمة ، وأبي عبد الله ابن سعادة ، وأبي محمد بن عاشر ، وأبي عبد الله بن عبد الرحيم ، وعليم بن عبد العزيز . وارتحل للحج ، فسمع من أبي طاهر السلفي ، وغيره .

وكان يتوقد ذكاء . له الباع الأطول في فن القراءات والرسم والنحو والفقه والحديث ، وله النظم الرائق ، مع الورع والتقوى والتأله والوقار .

استوطن مصر ، وتصدر ، وشاع ذكره .

حدث عنه : أبو الحسن بن خيرة ، ومحمد بن يحيى الجنجالي ، وأبو بكر بن وضاح ، وأبو الحسن علي بن الجميزي ، وأبو محمد بن عبد الوارث قارئ مصحف الذهب .

وقرأ عليه بالسبع : أبو موسى عيسى بن يوسف المقدسي ، وعبد الرحمن بن سعيد الشافعي ، وأبو عبد الله محمد بن عمر القرطبي ، وأبو [ ص: 263 ] الحسن السخاوي ، والزين أبو عبد الله الكردي ، والسديد عيسى بن مكي ، والكمال علي شجاع ، وآخرون .

قال أبو شامة أخبرنا السخاوي : أن سبب انتقال الشاطبي من بلده أنه أريد على الخطابة ، فاحتج بالحج ، وترك بلده ، ولم يعد إليه تورعا مما كانوا يلزمون الخطباء من ذكرهم الأمراء بأوصاف لم يرها سائغة ، وصبر على فقر شديد ، وسمع من السلفي ، فطلبه القاضي الفاضل للإقراء بمدرسته ، فأجاب على شروط ، وزار بيت المقدس سنة سبع وثمانين وخمسمائة .

قال السخاوي : أقطع بأنه كان مكاشفا ، وأنه سأل الله كف حاله .

قال الأبار تصدر بمصر فعظم شأنه ، وبعد صيته ، انتهت إليه رياسة الإقراء ، وتوفي بمصر في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة سنة تسعين وخمسمائة .

قلت : وله أولاد رووا عنه منهم أبو عبد الله محمد .

أخبرنا أبو الحسين الحافظ ببعلبك ، أخبرنا علي بن هبة الله ، أخبرنا الشاطبي ، أخبرنا ابن هذيل بحديث ذكرته في " التاريخ الكبير " .

وجاء عنه قال : لا يقرأ أحد قصيدتي هذه إلا وينفعه الله ، لأنني نظمتها لله .

وله قصيدة دالية نحو خمسمائة بيت ، من قرأها أحاط علما ب [ ص: 264 ] " التمهيد " لابن عبد البر .

وكان إذا قرئ عليه " الموطأ " و " الصحيحان " ، يصحح النسخ من حفظه ، حتى كان يقال : إنه يحفظ وقر بعير من العلوم .

قال ابن خلكان قيل : اسمه وكنيته واحد ، ولكن وجدت إجازات أشياخه له : أبو محمد القاسم . وكان نزيل القاضي الفاضل فرتبه بمدرسته لإقراء القرآن ، ولإقراء النحو واللغة ، وكان يتجنب فضول الكلام ، ولا ينطق إلا لضرورة ، ولا يجلس للإقراء إلا على طهارة .

التالي السابق


الخدمات العلمية