ابن الأثير 
القاضي الرئيس العلامة البارع الأوحد البليغ مجد الدين أبو السعادات  [ ص: 489 ] المبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري ثم الموصلي ، الكاتب ابن الأثير صاحب " جامع الأصول " و " غريب الحديث " وغير ذلك . 
مولده بجزيرة ابن عمر  في أحد الربيعين سنة أربع وأربعين وخمسمائة ونشأ بها ، ثم تحول إلى الموصل  ، وسمع من يحيى بن سعدون القرطبي  ، وخطيب الموصل  وطائفة . 
وروى الكتب نازلا فأسند " صحيح  nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري   " عن ابن سرايا  عن  nindex.php?page=showalam&ids=11925أبي الوقت  ، و " صحيح مسلم   " عن أبي ياسر بن أبي حبة  ، عن إسماعيل بن السمرقندي  ، عن التنكتي  ، عن أبي الحسين عبد الغافر   . ثم عن ابن سكينة  إجازة عن الفراوي  ، و " الموطأ " عن ابن سعدون  ، حدثنا ابن عتاب  عن ابن مغيث  فوهم ، و " سنن أبي داود   nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي   " بسماعه من ابن سكينة  ، و " سنن  nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي   " ، أخبرنا يعيش بن صدقة  عن ابن محمويه   . 
ثم اتصل بالأمير مجاهد الدين قيماز الخادم  إلى أن توفي مخدومه ، فكتب الإنشاء لصاحب الموصل  عز الدين مسعود الأتابكي  ، وولي ديوان  [ ص: 490 ] الإنشاء ، وعظم قدره . وله اليد البيضاء في الترسل ، وصنف فيه . ثم عرض له فالج في أطرافه ، وعجز عن الكتابة ، ولزم داره ، وأنشأ رباطا في قرية وقف عليه أملاكه ، وله نظم يسير . 
قال الإمام أبو شامة  قرأ الحديث والعلم والأدب ، وكان رئيسا مشاورا ، صنف " جامع الأصول " و " النهاية " وشرحا لمسند  nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي  وكان به نقرس ، فكان يحمل في محفة ، قرأ النحو على أبي محمد سعيد ابن الدهان  ، وأبي الحرم مكي الضرير   . إلى أن قال : ولما حج سمع ببغداد  من ابن كليب  وحدث ، وانتفع به الناس ، وكان ورعا ، عاقلا ، بهيا ، ذا بر وإحسان . وأخوه عز الدين  علي صاحب " التاريخ " ، وأخوهما الصاحب ضياء الدين  مصنف كتاب " المثل السائر " . 
وقال ابن خلكان  لمجد الدين  كتاب " الإنصاف في الجمع بين الكشف والكشاف " تفسيري الثعلبي   nindex.php?page=showalam&ids=14423والزمخشري  ، وله كتاب " المصطفى المختار في الأدعية والأذكار " وكتاب لطيف في صناعة الكتابة ، وكتاب " البديع في شرح مقدمة ابن الدهان   " وله " ديوان رسائل " . 
قلت : روى عنه ولده ، والشهاب القوصي  ، والإمام تاج الدين  ، عبد المحسن بن محمد بن محمد بن الحامض شيخ الباجربقي  وطائفة . وآخر من روى عنه بالإجازة الشيخ فخر الدين ابن البخاري   .  [ ص: 491 ] 
قال ابن الشعار  كان كاتب الإنشاء لدولة صاحب الموصل  نور الدين أرسلان شاه بن مسعود بن مودود  ، وكان حاسبا ، كاتبا ، ذكيا ، إلى أن قال : ومن تصانيفه كتاب " الفروق في الأبنية " وكتاب " الأذواء والذوات " وكتاب " المختار في مناقب الأخيار " و " شرح غريب الطوال " . قال : وكان من أشد الناس بخلا . 
قلت : من وقف عقاره لله فليس ببخيل ، فما هو ببخيل ، ولا بجواد ، بل صاحب حزم واقتصاد -رحمه الله ! 
عاش ثلاثا وستين سنة . توفي في سنة ست وستمائة بالموصل   . 
حكى أخوه العز  ، قال : جاء مغربي عالج أخي بدهن صنعه ، فبانت ، ثمرته ، وتمكن من مد رجليه ، فقال لي : أعطه ما يرضيه واصرفه قلت : لماذا وقد ظهر النجح ؟ قال : هو كما تقول ، ولكني في راحة من ترك هؤلاء الدولة ، وقد سكنت نفسي إلى الانقطاع والدعة ، وبالأمس كنت أذل بالسعي إليهم ، وهنا فما يجيئونني إلا في مشورة مهمة ، ولم يبق من العمر إلا القليل . 
	
	
	
		
		
						التالي 
			
			
						 السابق