صفحة جزء
ابن طبرزذ

الشيخ المسند الكبير الرحلة أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن [ ص: 508 ] أحمد بن يحيى بن حسان البغدادي الدارقزي المؤدب ويعرف بابن طبرزذ .

والطبرزذ بذال معجمة هو السكر .

مولده في ذي الحجة سنة ست عشرة وخمسمائة .

وسمعه أخوه المحدث المفيد أبو البقاء محمد كثيرا . وسمع هو بنفسه ، وحصل أصولا وحفظها . سمع أبا القاسم بن الحصين ، وأبا غالب بن البناء ، وأبا المواهب بن ملوك ، وأبا القاسم هبة الله الشروطي ، وأبا الحسن بن الزاغوني ، وهبة الله بن الطبر ، والقاضي أبا بكر وأبا منصور القزاز ، وابن السمرقندي ، وابن خيرون ، وأبا البدر الكرخي ، وأبا سعد الزوزني ، وعبد الخالق بن البدن ، وأبا الفتح مفلحا الدومي ، وعلي بن طراد ، وخلقا سواهم .

حدث عنه ابن النجار ، والضياء محمد ، والزكي عبد العظيم ، [ ص: 509 ] والصدر البكري ، والكمال بن العديم ، وأخوه محمد ، والجمال محمد بن عمرون ، والشهاب القوصي ، وأخوه عمر ، والمجد ابن عساكر ، والتقي بن أبي اليسر ، والجمال البغدادي ، وأحمد بن هبة الله الكهفي ، والقطب بن أبي عصرون ، والفقيه أحمد بن نعمة ، وإسحاق بن يلكويه الكاتب ، والمؤيد أسعد بن القلانسي ، والبهاء حسن بن صصرى ، وطاهر الكحال ، والجمال يحيى بن الصيرفي ، والشيخ شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر ، وأبو الغنائم بن علان ، والكمال عبد الرحيم ، وأحمد بن شيبان ، وغازي الحلاوي ، والفخر علي ، وعبد الرحيم بن خطيب المزة ، وفاطمة بنت المحسن ، وفاطمة بنت عساكر ، وزينب بنت مكي ، وشامية بنت البكري ، وصفية بنت شكر ، وخديجة بنت راجح وست العرب الكندية ، وأمم سواهم . وبالإجازة ابن الواسطى ، والكمال الفويره .

قال ابن نقطة : سمع " السنن " من أبي البدر الكرخي بعضها ومن مفلح الدومي بعضها ، قالا : أخبرنا الخطيب ، وسمع " الجامع " من أبي الفتح الكروخي . ثم قال : وهو مكثر ، صحيح السماع ، ثقة في الحديث .

توفي في تاسع رجب سنة سبع ، ودفن بباب حرب .

وقال عمر بن الحاجب : ورد دمشق وازدحمت الطلبة عليه وتفرد بعدة مشايخ ، وكتب كتبا وأجزاء ، وكان مسند أهل زمانه . [ ص: 510 ]

وقال ابن الدبيثي : كان سماعه صحيحا على تخليط فيه . سافر إلى الشام وحدث في طريقه بإربل وبالموصل وحران وحلب ودمشق ، وعاد إلى بغداد وحدث بها ، وجمعت له " مشيخة " عن ثلاثة وثمانين شيخا ، وحدث بها مرارا ، وأملى مجالس بجامع المنصور ، وعاش تسعين سنة وسبعة أشهر .

قلت : يشير ابن الدبيثي بالتخليط إلى أن أخا ابن طبرزذ ضعيف وأكثر سماعات عمر بقراءة أخيه ، وفي النفس من هذا .

قال أبو شامة : توفي ابن طبرزذ وكان خليعا ماجنا ، سافر بعد حنبل إلى الشام ، وحصل له مال بسبب الحديث ، وعاد حنبل فأقام يعمل تجارة بما حصل ، فسلك ابن طبرزذ سبيله في استعمال كاغد وعتابي ، فمرض مدة ومات ورجع ما حصل له إلى بيت المال كحنبل .

قال ابن النجار : هو آخر من حدث عن ابن الحصين ، وابن البناء ، وابن ملوك ، وهبة الله الواسطي ، وابن الزاغوني ، وأبي بكر وعمر ابني أحمد بن دحروج ، وعلي بن طراد ، وطلب من الشام فتوجه إليها ، وأقام بدمشق مدة طويلة ، وحصل مالا حسنا ، وعاد إلى بغداد ، فأقام يحدث ، سمعت منه الكثير ، وكان يعرف شيوخه ويذكر مسموعاته ، وكانت أصوله بيده ، وأكثرها بخط أخيه ، وكان يؤدب الصبيان ، ويكتب خطا حسنا ، ولم يكن يفهم شيئا من العلم ، وكان متهاونا بأمور الدين ، رأيته غير مرة يبول من قيام ، [ ص: 511 ] فإذا فرغ من الإراقة أرسل ثوبه وقعد من غير استنجاء بماء ولا حجر .

قلت : لعله يرخص بمذهب من لا يوجب الاستنجاء

قال : وكنا نسمع منه يوما أجمع ، فنصلي ولا يصلي معنا ، ولا يقوم لصلاة ، وكان يطلب الأجر على رواية الحديث ، إلى غير ذلك من سوء طريقته ، وخلف ما جمعه من الحطام ، لم يخرج منه حقا لله -عز وجل .

وسمعت القاضي أبا القاسم بن العديم يقول : سمعت عبد العزيز بن هلالة يقول ، وغالب ظني أنني سمعته من ابن هلالة بخراسان ، قال : رأيت عمر بن طبرزذ في النوم بعد موته وعليه ثوب أزرق ، فقلت له : سألتك بالله ما لقيت بعد موتك ؟ فقال : أنا في بيت من نار ، داخل بيت من نار ، فقلت : ولم ؟ قال : لأخذ الذهب على حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .

قلت : الظاهر أنه أخذ الذهب وكنزه ولم يزكه ، فهذا أشد من مجرد الأخذ ، فمن أخذ من الأمراء والكبار بلا سؤال وهو محتاج فهذا مغتفر له ، فإن أخذ بسؤال رخص له بقدر القوت ، وما زاد فلا ، ومن سأل وأخذ فوق الكفاية ذم ، ومن سأل مع الغنى والكفاية حرم عليه الأخذ ، فإن أخذ المال والحالة هذه وكنزه ولم يؤد حق الله فهو من الظالمين الفاسقين ، فاستفت قلبك ، وكن خصما لربك على نفسك .

وأما تركه الصلاة فقد سمعت ما قيل عنه ، وقد سمعت أبا العباس ابن الظاهري يقول : كان ابن طبرزذ لا يصلي . [ ص: 512 ]

وأما التخليط من قبيل الرواية ، فغالب سماعاته منوط بأخيه المفيد أبي البقاء وبقراءته وتسميعه له ، وقد قال ابن النجار : قال عمر بن المبارك بن سهلان : لم يكن أبو البقاء بن طبرزذ ثقة ، كان كذابا يضع للناس أسماءهم في الأجزاء ثم يذهب فيقرأ عليهم ، عرف بذلك شيخنا عبد الوهاب ومحمد بن ناصر وغيرهما .

قلت : عاش أبو البقاء نحوا من أربعين سنة ، ومات في سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة ، وتوفي أبو حفص بن طبرزذ في تاسع رجب سنة سبع وستمائة ودفن بباب حرب ، والله يسامحه ، فمع ما أبدينا من ضعفه قد تكاثر عليه الطلبة ، وانتشر حديثه في الآفاق وفرح الحفاظ بعواليه ، ثم في الزمن الثاني تزاحموا على أصحابه ، وحملوا عنهم الكثير وأحسنوا به الظن ، والله الموعد ، ووثقه ابن نقطة .

التالي السابق


الخدمات العلمية