صفحة جزء
النشتبري

الشيخ الإمام الفقيه الجليل المحدث المعمر ضياء الدين أبو محمد عبد الخالق بن الأنجب بن معمر بن حسن العراقي النشتبري ثم المارديني الشافعي ، ويعرف بالحافظ .

رحل وسمع ببغداد من أبي الفتح بن شاتيل ، وأبي بكر الحازمي الحافظ ، وعبد المنعم بن كليب ، وأبي الفرج بن الجوزي ، وطائفة .

[ ص: 240 ] وبمصر من إسماعيل بن ياسين وطائفة ، وبدمشق من إسماعيل الجنزوي ، والخشوعي .

ورأيت إجازة صحيحة في قطع لطيف فيها اسم عبد الخالق هذا من وجيه الشحامي ، وعبد الله بن الفروي ، وعبد الخالق بن زاهر ، وأبي الأسعد القشيري ، والحسين بن علي الشحامي ، وشهر دار بن شيرويه وعبد الخالق اليوسفي ونصر بن نصر العكبري ، وهبة الله بن أخت الطويل ، وموهوب بن الجواليقي ، وعبد الملك الكروخي ، وطبقتهم ، فاستبعدت ذلك ولم أحتفل بأمرها إذ ذاك ، وتوقفنا في شأنها .

قال ابن الحاجب : سألت الحافظ الضياء عنه ، فقال : صحبنا في السماع ببغداد وما رأينا منه إلا الخير ، وبلغنا أنه فقيه حافظ .

وقال غيره : كان مناظرا ، متفننا ، كثير المواد .

وقال الحافظ عز الدين الشريف كان يذكر أنه ولد في سنة سبع وثلاثين وخمسمائة ، وأنه أجاز له جماعة منهم أبو الفتح الكروخي .

قلت : التردد موجود في هذه الإجازة هل هي له أو لأخ له باسمه مات قديما ، فإني رأيت شيوخنا كالدمياطي وابن الظاهري ، فقد ارتحلوا إليه وسمعوا منه روايته عن ابن شاتيل وغيره ، وسمعوا بهذه الإجازة ، ورأيت " جامع أبي عيسى " قد قرأه شيخنا ابن الظاهري عليه ، ولولا صحة الإجازة عنده لما أتعب نفسه ، وقد قال الدمياطي : إنه جاوز المائة ، وقال : كان فقيها عالما ، ثم ضبط النشتبري بكسر أوله وثالثه ، وقد قال ابن النجار : بلغني أنه ادعى الإجازة من موهوب بن الجواليقي والكروخي وجماعة ، وروى .

[ ص: 241 ] عنهم ، وما أظن سنه تحتمل ذلك .

قلت : قرأ عليه السراج عمر بن شحانة " الأربعين " لعبد الخالق الشحامي في سنة إحدى وأربعين وستمائة بآمد بإجازته منه ، فالله أعلم ، ولا ريب أنه رجل فقيه النفس يدري من نفسه أنه كان أدرك ذلك الزمان أولا ، وقد ادعى أنه ولد سنة سبع وثلاثين فعلى هذا يكون قد عاش مائة واثني عشر عاما .

حدث عنه مجد الدين بن العديم ، وشمس الدين بن الزين ، وشمس الدين محمد بن التيتي الآمدي ، والحافظان الدمياطي وابن الظاهري ، وطائفة . ومن القدماء : أبو عبد الله البرزالي ، وبالإجازة أبو المعالي بن البالسي ، وأبو عبد الله بن الدباهي ، وزينب بنت الكمال ، وآخرون .

وقد توفي سنة تسع وأربعين وستمائة في الثاني والعشرين من ذي الحجة .

ورأيت شيوخنا كالدمياطي وابن الظاهري قد ارتحلوا إليه وسمعوا منه من روايته عن ابن شاتيل وغيره ، وسمعوا بهذه الإجازة فمن المجيزين له كبار منهم .

[ ص: 242 ] نصر بن نصر العكبري عنده عوال ، من ذلك : الأول الكبير من حديث المخلص ، و " مشيخة " أبي الغنائم بن أبي عثمان منه ، مات سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة .

العلامة أبو منصور موهوب بن أحمد بن الجواليقي ، سمع الكثير من ابن البسري وأبي طاهر بن أبي الصقر ، وخطيب الأنبار علي بن محمد ، مات سنة أربعين وخمسمائة .

أبو الفتح عبد الملك بن أبي القاسم عبد الله بن أبي سهل الكروخي الصوفي راوي " الجامع " ، وكان ثقة صالحا يتبلغ من النسخ ، مات سنة ثمان وأربعين وخمسمائة .

أبو بكر هبة الله بن الفرج بن أخت الطويل شيخ همذان ، سمع " سنن أبي داود " من علي بن محمد البجلي : أخبرنا أبو بكر بن لال ، أخبرنا ابن داسة ، وسمع من جماعة ، مات سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة عن تسعين سنة .

ومن المحدثين أبو المعالي بن السمين ، وعبد الكريم بن الحسن الكاتب ، وأبو محمد بن محمد الطوسي ، وأبو بكر محمد بن علي بن محمد الطوسي الذي حدث عنه عبد القادر الحافظ ، وطاهر بن زاهر بن طاهر الشحامي وأخوه الفضل وابن عمهما محمد بن وجيه ، والله سبحانه أعلم .

وقد كان النشتبري بعث الإجازة إلى ابن الوليد في سنة ست وثلاثين وستمائة ، فتكلم له على أكثرهم وما رأيناه أنكر ذلك ، وكان عالما صاحب [ ص: 243 ] حديث ، وكان النشتبري من كبار العلماء معروفا بالستر والصيانة ، وما كان ليستحل مع ذكائه وفهمه وطلبه للحديث ورحلته فيه أن تكون الإجازة لأخ له باسمه قد مات صغيرا وسمي الضياء باسمه فيدعيها ، ويؤكد ذلك بقوله : إنني ولدت سنة سبع وثلاثين ، ويحدث بها من سنة أربع وعشرين وستمائة وإلى أن مات ، وهذا علو مفرط يقتصر منه العجب ويهابه صاحب الحديث في البديهة ، ثم يترجح عنده بالقرائن صحة ذلك والله أعلم .

وقد قرأت بهذه الإجازة أنا في حدود سنة سبعمائة على شيخنا أبي عبد الله الدباهي بإجازته من النشتبري أن الكروخي أنبأهم ، والآن ، وهو سنة سبع وثلاثين وسبعمائة ، تروي عنه بالأجازة بنت الكمال التي كتب بها إليها في سنة سبع وأربعين وستمائة ، فمن أراد العلو الذي لا نظير له فليسمع بها ، فلو ارتحل الطالب لسماع جزء واحد من ذلك شهرا لما ضاعت رحلته ، فالمجيزون له .

وجيه الشحامي سمعه أبوه الكثير وارتحل هو إلى هراة وبغداد ، وسمع " الصحيح " من أبي سهل محمد بن أحمد الحفصي بسماعه من الكشمهيني ، وسمع " فوائد المخلدين " ستة وعشرين جزءا من أبي حامد الأزهري ، وسمع " مسند السراج " من القشيري و " رسالته " ، وحدث بها ، قاله أبو محمد بن الوليد ، قال : وسمع " الزهريات " للذهلي من الأزهري عن ابن حمدون عن ابن الشرقي عنه ، وسمع " سنن أبي داود " من أبي الفتح نصر بن علي الحاكمي : أخبرنا أبو علي الروذباري ، أخبرنا ابن داسة قال : وكان ثقة إماما ، ولد سنة خمس وخمسين وتوفي في جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعين وخمسمائة .

هبة الرحمن عبد الواحد بن القشيري أبو الأسعد ، خطيب نيسابور ، [ ص: 244 ] سمع " سنن أبي داود " من الحاكمي أيضا ، وسمع من جده حضورا في الخامسة ، وسمع " صحيح أبي عوانة " من عبد الحميد بن عبد الرحمن البحيري عن أبي نعيم المهرجاني عنه ، قاله ابن الوليد .

قلت : وله " أربعون " عوال . توفي سنة ست وأربعين وخمسمائة .

ومنهم : الحسين بن علي الشحامي .

قلت : هذا ما عرفه ابن الوليد ، وهو ابن ابن عم وجيه صدر رئيس ، سمع الثالث من " المسند " للسراج من ابن المحب ، و " صلاة الضحى " للحاكم يرويه عن ابن خلف عنه . مات سنة خمس وأربعين .

عبد الكريم بن خلف بن طاهر الشحامي المعدل ، أبو المظفر سمع من ابن المحب وأبي بكر بن خلف ، مات سنة إحدى وأربعين وخمسمائة .

عبد الخالق بن زاهر الشحامي ، قال ابن الوليد : عالم ثقة استملى سنين على الشيوخ وأملى وحدث . قلت : له " أربعون " و " وأربعون " سمعناهما ، عدم في الكائنة سنة تسع وأربعين .

أبو البركات عبد الله بن محمد بن الفراوي ، ثقة عالم ، سمع من جديه ، وسمع " صحيح أبي عوانة " ملفقا على ثلاثة .

أبو منصور شهردار بن شيرويه الديلمي الهمذاني ، سمع أباه أبا شجاع ، وأبا الفتح بن عبدوس ، وابن حمد الدوني ، مات سنة ثمان وخمسين وخمسمائة .

[ ص: 245 ] أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني العطار المقرئ صاحب التصانيف ، إمام .

أبو الفرج عبد الخالق بن أحمد اليوسفي المحدث ، سمع من أبي نصر الزينبي ، وعاصم بن الحسن ، وخلق ، توفي سنة ثمان وأربعين ، وله أربع وثمانون سنة .

أبو القاسم نصر بن نصر العكبري الواعظ سمع أبا القاسم بن البسري .

وقرأت ترجمة طويلة للنشتبري بخط أبي الفتح الحافظ ، فقال : عبد الخالق بن أنجب بن المعمر بن حسن بن عبيد الله بن يوسف بن روحين النشتبري المولد ، قرية بقرب شهرابان ، قال فيه ابن مسدي : شيخ من أئمة هذا الشأن ممن رحل فيه إلى البلدان مع الحفظ والإتقان . سمع بأماكن وكان كثير السماع متسع الروايات ، لم أقف له على سماع قبل عشر الثمانين ، وله إجازات من جماعة انفرد عنهم ، منهم : أسعد بن عبد الواحد بن القشيري ، ووجيه الشحامي والكروخي وابن الجواليقي ، ولم يكن على وجه الأرض سنة أربعين من يحدث عنهم سواه . واختلف الحفاظ في هذه الإجازة بين التوقف والإجازة فمن قائل : دلس عليه فيها فتلقاها بالقبول ، ومن قائل : هي صحيحة ، وطرق الظنة إليها اضطرابه في تاريخ مولده ، وأكثر الروايات عنه أنه قبل الأربعين وخمسمائة بسنة أو نحوها ، سكن دنيسر مدة ثم ماردين .

قال أبو الفتح : أخرج إلينا الأمير ابن التيتي إجازة عبد الخالق فنقلها وخط الكروخي فيها في الورقة المكتوب فيها الاستدعاء وهو : " إن رأى السادة أن يجيزوا لعبد العزيز بن عبد الله التونسي وللأنجب بن المعمر بن الحسن ولولديه يحيى وعبد الخالق جميع صح ويصح عندهم من جميع ما [ ص: 246 ] تسوغ روايته عنهم فعلوا منعمين في جمادى الأولى سنة ثمان وثلاثين " .

قال : وعلى التاريخ ضرب ، فكتب الشيوخ : " أجزت لهم أدام الله عزهم فيما استجازوه " ، وكتب وجيه بن طاهر كذلك : " أجزت لهم " ، وكتب الحسين بن علي بن الحسين الشحامي ، وسرد أبو الفتح سائرهم ، ثم قال .

ورأيت خط الصاحب شرف الدين بن التيتي : عبد الخالق النشتبري المعروف بالحافظ ، فقيه أديب بارع ، له الذهن الحاضر والخاطر العاطر ، كان يحفظ من أشعار العرب جملة وافرة . سمع بالعراق ابن شاتيل ، وبدمشق ، ومصر ، وبلاد كثيرة ، سمعت عليه وابني محمد ، وحدث " بجامع " الترمذي عن الكروخي إجازة ، ثم قال : حدثنا عبد الخالق ، وهو أول حديث سمعته منه ، وساق الحديث ، فزاد في إسناده رجلا فصله بين زاهر وبين المؤذن .

ثم قال : وسمع من الحازمي " الناسخ والمنسوخ " ومن ابن كليب كتاب " أدب الكاتب " عن أبي منصور الكاتب سوى الخطبة عن أبي القاسم التنوخي ، وسمع من درة بنت عثمان عن ابن الطبر ، ومن أحمد بن خطيب الموصل وطغدي الأميري ، والخشوعي ; سمع منه " المقامات " ، و " سنن أبي داود " ، ومنصور بن أبي الحسن الطبري ، ومسلم بن علي السيحي الشاهد ، وأبي القاسم بن شدقيني ، وعبد الله عبد الغني بن عليان ، [ ص: 247 ] وعبد الله بن أبي المجد ، وعبد القادر الرهاوي ، وأبي الفرج بن البندنيجي ، وحماد الحراني ، وابن هبل ، ومحمد بن المبارك بن ميمون ، وعبد العزيز بن الناقد ، وعبد الله بن الطويلة ، وعبد الله بن أبي غالب بن نزال ، ومحمد بن أبي المعمر ، وابن الخريف ، وعبد العزيز بن محمد بن أبي عيسى لقيه ببعقوبا ، والعماد الكاتب ، وأبي تراب يحيى بن إبراهيم ، وعبد الوهاب بن حماد ، والتاج الكندي ، ونصر الله بن أبي سراقة .

والحسن بن محمد النيسابوري ، وهبة الله البوصيري ، وعبد الله بن سرايا البلدي بالموصل ومكي بن ريان الماكسيني ، والمبارك بن المعطوش ، وإسماعيل بن علي بن عبيد بالموصل ، ويحيى بن المظفر الموصلي ، وأحمد بن عثمان الزرزاري الزاهد ، وعبد الله بن محمد بن حسن الصلحي سمع منه بسنجار في سنة خمس وثمانين ، والزاهد أبي أحمد عبد الله بن الحسن بن البناء بنينوى ومات في سنة أربع وثمانين وما رأيت مثله ، وعبد الله بن نصر الموصلي ، وأبي الفتح نصر بن علي بدنيسر ومسلم بن أحمد بن مسلم بسنجار ، وقاضي نصيبين القوام محمود بن أبي منصور روى عن التاج المسعودي ، وعلي بن أبي منصور بن مكارم وسليمان بن إبراهيم بن الشيرجي بالموصل ، وإسماعيل بن ياسين بمصر .

ومحمد بن غنيمة بن العاق ، وأبي البركات بن خيرون الماكسيني ، وإبراهيم بن نصر بن عسكر بالموصل ، ومحمد بن الدبيثي ، وعبد الكريم بن يحيى القيسي ، والبهاء بن عساكر ; سمع منه " تفسير سليم " ، وأبي الفتوح البكري ، وأبي [ ص: 248 ] القاسم الدولعي ، ومكي بن علي الحربي ، وأبي الفتح بن شاتيل ، ونصر بن منصور النميري ; سمع منه خطب ابن نباتة : أخبرنا ابن نبهان .

التالي السابق


الخدمات العلمية