صفحة جزء
ابن تيمية

الشيخ الإمام العلامة فقيه العصر شيخ الحنابلة مجد الدين أبو البركات عبد السلام بن عبد الله بن الخضر بن محمد بن علي الحراني ، ابن تيمية .

ولد سنة تسعين وخمسمائة تقريبا .

وتفقه على عمه فخر الدين الخطيب ، وسار إلى بغداد ، وهو مراهق مع السيف ابن عمه ، فسمع من أبي أحمد بن سكينة ، وابن طبرزذ ، يوسف بن كامل ، وضياء بن الخريف ، وعدة . وسمع بحران من حنبل المكبر ، وعبد القادر الحافظ . وتلا بالعشر على الشيخ عبد الواحد بن سلطان .

حدث عنه ولده شهاب الدين ، والدمياطي ، وأمين الدين ابن شقير ، وعبد الغني بن منصور المؤذن ، ومحمد بن محمد الكنجي ، والشيخ محمد بن القزاز ، والشيخ محمد بن زباطر ، والواعظ محمد بن عبد المحسن الخراط ، وعدة .

[ ص: 292 ] وتفقه ، وبرع ، واشتغل ، وصنف التصانيف ، وانتهت إليه الإمامة في الفقه ، وكان يدري القراءات ، وصنف فيها أرجوزة . تلا عليه الشيخ القيرواني .

وقد حج في سنة إحدى وخمسين على درب العراق ، وانبهر علماء بغداد لذكائه وفضائله ، والتمس منه أستاذ دار الخلافة محيي الدين بن الجوزي الإقامة عندهم ، فتعلل بالأهل والوطن .

سمعت الشيخ تقي الدين أبا العباس يقول : كان الشيخ جمال الدين بن مالك يقول : ألين للشيخ المجد الفقه كما ألين لداود الحديد . ثم قال الشيخ : وكانت في جدنا حدة قال : وحكى البرهان المراغي أنه اجتمع بالشيخ المجد ، فأورد على الشيخ نكتة فقال : الجواب عنها من ستين وجها : الأول كذا ، الثاني كذا ، وسردها إلى آخرها ، وقال : قد رضينا منك بإعادة الأجوبة ، فخضع البرهان له وانبهر .

وقال العلامة بن حمدان : كنت أطالع على درس الشيخ وما أبقي ممكنا فإذا أصبحت وحضرت ينقل أشياء كثيرة لم أعرفها قبل .

قال الشيخ تقي الدين : كان جدنا عجبا في سرد المتون وحفظ مذاهب الناس وإيرادها بلا كلفة .

حدثني الإمام عبد الله بن تيمية أن جده ربي يتيما ، ثم سافر مع ابن عمه إلى العراق ليخدمه وينفقه ، وله ثلاث عشرة سنة فكان يبيت عنده ويسمعه يكرر على مسائل الخلاف فيحفظ المسألة ، فقال الفخر إسماعيل [ ص: 293 ] يوما : أيش حفظ الننين فبدر المجد وقال : حفظت يا سيدي الدرس وسرده فبهت الفخر ، وقال : هذا يجيء منه شيء . ثم عرض على الفخر مصنفه " جنة الناظر " وكتب له عليه في سنة ست وستمائة وعظمه ، فهو شيخه في علم النظر ، وأبو البقاء شيخه في النحو والفرائض ، وأبو بكر بن غنيمة صاحب ابن المني شيخه في الفقه ، وابن سلطان شيخه في القراءات ، وقد أقام ببغداد ستة أعوام مكبا على الاشتغال ورجع ، ثم ارتحل إلى بغداد قبل العشرين وستمائة ، فتزيد من العلم ، وصنف التصانيف ، مع الدين والتقوى ، وحسن الاتباع ، وجلالة العلم .

توفي بحران يوم الفطر سنة اثنتين وخمسين وستمائة .

التالي السابق


الخدمات العلمية