صفحة جزء
[ ص: 62 ] شأن خديجة

قال ابن إسحاق : ثم إن خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي وهي أقرب منه صلى الله عليه وسلم إلى قصي برجل ، كانت امرأة تاجرة ذات شرف ومال ، وكانت تستأجر الرجال في مالها ، وكانت قريش تجارا ، فعرضت على النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج في مال لها إلى الشام ، ومعه غلام اسمه ميسرة ، فخرج إلى الشام ، فنزل تحت شجرة بقرب صومعة ، فأطل الراهب إلى ميسرة فقال : من هذا ؟ فقال : رجل من قريش ، قال : ما نزل تحت هذه الشجرة إلا نبي . ثم باع النبي صلى الله عليه وسلم تجارته وتعوض ورجع ، فكان ميسرة - فيما يزعمون - إذا اشتد الحر يرى ملكين يظلانه من الشمس وهو يسير .

روى قصة خروجه صلى الله عليه وسلم إلى الشام تاجرا ، المحاملي ، عن عبد الله بن شبيب ، وهو واه ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا عمر بن أبي بكر العدوي ، قال : حدثني موسى بن شيبة ، قال : حدثتني عميرة بنت عبد الله بن كعب بن مالك ، عن أم سعد بنت سعد بن الربيع ، عن نفيسة بنت منية أخت يعلى ، قالت : لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين سنة . فذكر الحديث بطوله ، وهو حديث منكر . قال : فلما قدم مكة باعت خديجة ما جاء به فأضعف أو قريبا . وحدثها ميسرة عن قول الراهب ، وعن الملكين ، وكانت لبيبة حازمة ، فبعثت إليه تقول : يا ابن عمي ، إني قد رغبت فيك لقرابتك وأمانتك وصدقك وحسن خلقك ، ثم عرضت عليه نفسها ، فقال ذلك لأعمامه ، فجاء معه حمزة عمه حتى [ ص: 63 ] دخل على خويلد فخطبها منه ، وأصدقها النبي صلى الله عليه وسلم عشرين بكرة ، فلم يتزوج عليها حتى ماتت ، وتزوجها وعمره خمس وعشرون سنة .

وقال أحمد في " مسنده " : حدثنا أبو كامل ، قال : حدثنا حماد ، عن عمار بن أبي عمار ، عن ابن عباس فيما يحسب حماد : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر خديجة ، وكان أبوها يرغب عن أن يزوجه ، فصنعت هي طعاما وشرابا ، فدعت أباها وزمرا من قريش ، فطعموا وشربوا حتى ثملوا ، فقالت لأبيها : إن محمدا يخطبني فزوجني إياه ، فزوجها إياه ، فخلقته وألبسته حلة كعادتهم ، فلما صحا نظر ، فإذا هو مخلق ، فقال : ما شأني ؟ فقالت : زوجتني محمدا . فقال : وأنا أزوج يتيم أبي طالب ! لا لعمري ، فقالت : أما تستحيي ؟ تريد أن تسفه نفسك عند قريش بأنك كنت سكران ، فلم تزل به حتى رضي .

وقد روى طرفا منه الأعمش ، عن أبي خالد الوالبي ، عن جابر بن سمرة أو غيره .

وأولاده كلهم من خديجة سوى إبراهيم ، وهم : القاسم ، والطيب ، والطاهر ، وماتوا صغارا رضعا قبل المبعث ، ورقية ، وزينب ، وأم كلثوم ، وفاطمة -رضي الله عنهم- ، فرقية ، وأم كلثوم زوجتا عثمان بن عفان ، وزينب زوجة أبي العاص بن الربيع بن عبد شمس ، وفاطمة زوجة علي - رضي الله عنهم أجمعين .

التالي السابق


الخدمات العلمية