صفحة جزء
[ ص: 186 ] ذكر الروم

وقال أبو إسحاق الفزاري ، عن سفيان ، عن حبيب بن أبي عمرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : كان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس ، لأنهم أهل كتاب ، وكان المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم ، لأنهم أهل أوثان ، فذكر ذلك المسلمون لأبي بكر ، فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " أما إنهم سيظهرون " ، فذكر أبو بكر لهم ذلك ، فقالوا : اجعل بيننا وبينكم أجلا ، فجعل بينهم أجل خمس سنين فلم يظهروا ، فذكر ذلك أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " ألا جعلته - أراه قال - دون العشرة " ، قال : فظهرت الروم بعد ذلك . فذلك قوله تعالى : ( غلبت الروم ( 2 ) ) ( في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون ( 3 ) ) ( في بضع سنين ( 4 ) ) [ الروم ] .

قال سفيان الثوري : وسمعت أنهم ظهروا يوم بدر .

وقال الحسين بن الحسن بن عطية العوفي : حدثني أبي ، عن جدي ، عن ابن عباس : ( الم ( 1 ) ) ( غلبت الروم ( 2 ) ) [ الروم ] قال : قد مضى ذلك وغلبتهم فارس ، ثم غلبتهم الروم بعد ذلك ، ولقي نبي الله صلى الله عليه وسلم مشركي العرب ، والتقت الروم وفارس ، فنصر الله النبي صلى الله عليه وسلم على المشركين ، ونصر الروم على مشركي العجم ، ففرح المؤمنون بنصر الله إياهم ، ونصر أهل الكتاب .

قال عطية : فسألت أبا سعيد الخدري عن ذلك ، فقال : التقينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن ومشركو العرب ، والتقت الروم وفارس ، فنصرنا الله [ ص: 187 ] على المشركين ، ونصر الله أهل الكتاب على المجوس ، ففرحنا بنصرنا ونصرهم .

وقال الليث : حدثني عقيل ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، قال : لما نزلت هاتان الآيتان يعني أول الروم ناحب أبو بكر بعض المشركين يعني راهن قبل أن يحرم القمار على شيء ، إن لم تغلب فارس في سبع سنين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لم فعلت ، فكل ما دون العشر بضع " ، فكان ظهور فارس على الروم في سبع سنين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لم فعلت ، فكان ظهور فارس على الروم في تسع سنين ، ثم أظهر الله الروم عليهم زمن الحديبية ، ففرح بذلك المسلمون .

وقال ابن أبي عروبة ، عن قتادة ) في أدنى الأرض ( 3 ) ) [ الروم ] قال : غلبهم أهل فارس على أدنى الشام ، قال : فصدق المسلمون ربهم ، وعرفوا أن الروم سيظهرون بعد ، فاقتمروا هم والمشركون على خمس قلائص ، وأجلوا بينهم خمس سنين ، فولي قمار المسلمين أبو بكر ، وولي قمار المشركين أبي بن خلف ، وذلك قبل أن ينهى عن القمار ، فجاء الأجل ، ولم تظهر الروم ، فسأل المشركون قمارهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألم تكونوا أحقاء أن تؤجلوا أجلا دون العشر ، فإن البضع ما بين الثلاث إلى العشر " فزايدوهم ومادوهم في الأجل ففعلوا ، فأظهر الله الروم عند رأس السبع من قمارهم الأول ، وكان ذلك مرجعهم من الحديبية ، وفرح المسلمون بذلك .

[ ص: 188 ] وقال الوليد بن مسلم : حدثنا أسيد الكلابي ، أنه سمع العلاء بن الزبير الكلابي يحدث عن أبيه ، قال : رأيت غلبة فارس الروم ، ثم رأيت غلبة الروم فارس ، ثم رأيت غلبة المسلمين فارس والروم ، وظهورهم على الشام والعراق ، كل ذلك في خمس عشرة سنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية