صفحة جزء
[ ص: 207 ] ذكر معراج النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء

قال الله تعالى : ( علمه شديد القوى ( 5 ) ) ( ذو مرة فاستوى ( 6 ) ) ( وهو بالأفق الأعلى ( 7 ) ) ( ثم دنا فتدلى ( 8 ) ) ( فكان قاب قوسين أو أدنى ( 9 ) ) فأوحى إلى عبده ما أوحى ( 10 ) ) ( ما كذب الفؤاد ما رأى ( 11 ) ) [ النجم ] وقال : ( ولقد رآه نزلة أخرى ( 13 ) ) ( عند سدرة المنتهى ( 14 ) ) [ النجم ] تفسير ذلك : قال زائدة وغيره ، عن أبي إسحاق الشيباني ، قال : سألت زر بن حبيش عن قوله تعالى : ( فكان قاب قوسين أو أدنى ( 9 ) ) فقال : حدثنا عبد الله بن مسعود ، أنه رأى جبريل له ستمائة جناح . أخرجاه .

وروى شعبة ، عن الشيباني هذا ، لكن قال : سألته عن قوله تعالى : لقد رأى من آيات ربه الكبرى [ النجم ] فذكر أنه رأى جبريل له ستمائة جناح .

وقال البخاري : قبيصة : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله ( لقد رأى من آيات ربه الكبرى ( 18 ) ) قال : رأى رفرفا أخضر قد ملأ الأفق .

وقال حماد بن سلمة : حدثنا عاصم ، عن زر ، عن عبد الله ( ولقد رآه نزلة أخرى ( 13 ) ) [ النجم ] قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رأيت جبريل عند سدرة ، عليه ستمائة جناح ، ينفض من ريشه التهاويل الدر والياقوت .

[ ص: 208 ] عاصم بن بهدلة القارئ ، ليس بالقوي .

وقال مالك بن مغول ، عن الزبير بن عدي ، عن طلحة بن مصرف ، عن مرة الهمداني ، عن ابن مسعود ، قال : " لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم فانتهى إلى سدرة المنتهى ، وهي في السماء السادسة - كذا قال - وإليها ينتهي ما يصعد به ، حتى يقبض منها ( إذ يغشى السدرة ما يغشى ( 16 ) ) [ النجم ] قال : غشيها فراش من ذهب ، وأعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس ، وخواتيم سورة البقرة ، وغفر لمن لا يشرك بالله من أمته المقحمات . أخرجه مسلم .

وقال إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن عبد الله ( ما كذب الفؤاد ما رأى ( 11 ) ) [ النجم ] قال : " رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه حلة من رفرف قد ملأ ما بين السماء والأرض .

وقال عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عطاء ، عن أبي هريرة : ( ولقد رءاه نزلة أخرى ( 13 ) ) [ النجم ] قال : رأى جبريل عليه السلام . أخرجه مسلم .

وقال زكريا بن أبي زائدة ، عن ابن أشوع ، عن الشعبي ، عن مسروق ، قال : قلت لعائشة : فأين قوله تعالى : ( دنا فتدلى ( 8 ) ) ؟ قالت : إنما ذاك جبريل ، كان يأتيه في صورة الرجل ، وإنه أتاه في هذه المرة في صورته التي هي صورته ، فسد أفق السماء . متفق عليه .

وقال ابن لهيعة : حدثني أبو الأسود ، عن عروة ، عن عائشة ، أن [ ص: 209 ] نبي الله عليه السلام كان أول شأنه يرى المنام ، فكان أول ما رأى جبريل بأجياد ، أنه خرج لبعض حاجته ، فصرخ به : يا محمد يا محمد . فنظر يمينا وشمالا ، فلم ير شيئا ، ثم نظر ، فلم ير شيئا ، فرفع بصره ، فإذا هو ثانيا إحدى رجليه على الأخرى في الأفق ، فقال : يا محمد جبريل جبريل ، يسكنه ، فهرب حتى دخل في الناس ، فنظر فلم ير شيئا ، ثم رجع فنظر فرآه ، فذلك قوله تعالى : ( والنجم إذا هوى ( 1 ) ) ( ما ضل صاحبكم وما غوى ( 2 ) ) [ النجم ] .

محمد بن عمرو بن علقمة ، عن أبي سلمة ، عن ابن عباس ( ولقد رآه نزلة أخرى ( 13 ) ) ( عند سدرة المنتهى ( 14 ) ) قال : دنا ربه منه فتدلى ، فكان قاب قوسين أو أدنى ، فأوحى إلى عبده ما أوحى . قال ابن عباس : قد رآه النبي صلى الله عليه وسلم . إسناده حسن .

أخبرنا التاج عبد الخالق ، قال : أخبرنا ابن قدامة ، قال : أخبرنا أبو زرعة ، قال : أخبرنا المقدمي ، قال : أخبرنا القاسم بن أبي المنذر ، قال : حدثنا ابن سلمة ، قال : أخبرنا ابن ماجه ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا الحسن بن موسى ، عن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن أبي الصلت ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتيت ليلة أسري بي على قوم ، بطونهم كالبيوت ، فيها الحيات ، ترى من خارج بطونهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء أكلة الربا " . رواه أحمد في " مسنده " عن الحسن ، وعفان ، عن حماد وزاد فيه : رأيت ليلة أسري بي لما انتهينا إلى السماء السابعة .

أبو الصلت مجهول .

أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن المرداوي ، قال : أخبرنا أبو محمد [ ص: 210 ] عبد الله بن أحمد الفقيه ، قال : أخبرنا هبة الله بن الحسن بن هلال ، قال : أخبرنا عبد الله بن علي بن زكري سنة أربع وثمانين وأربعمائة ، قال : أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله ، قال : أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمرو ، قال : حدثنا سعدان بن نصر ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري ، عن ابن عون ، قال : أنبأنا القاسم بن محمد ، عن عائشة أنها قالت : من زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد أعظم الفرية على الله ، ولكنه رأى جبريل مرتين في صورته وخلقه ، سادا ما بين الأفق . أخرجه البخاري عن محمد بن عبد الله بن أبي الثلج ، عن الأنصاري .

قلت : قد اختلف الصحابة رضي الله عنهم في رؤية محمد صلى الله عليه وسلم ربه ، فأنكرتها عائشة ، وأما الروايات عن ابن مسعود ، فإنما فيها تفسير ما في النجم ، وليس في قوله ما يدل على نفي الرؤية لله . وذكرها في الصحيح وغيره .

قال يونس ، عن ابن شهاب ، عن أنس ، قال : كان أبو ذر يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " فرج سقف بيتي وأنا بمكة ، فنزل جبريل عليه السلام ففرج صدري ، ثم غسله من ماء زمزم ، ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا ثم أفرغها في صدري ، ثم أطبقه ، ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء الدنيا ، فقال لخازنها : افتح ، قال : من هذا ؟ قال : جبريل . قال : هل معك أحد ؟ قال : نعم محمد . قال : أرسل إليه ؟ قال : نعم . ففتح ، فلما علونا السماء الدنيا ، إذا رجل عن يمينه أسودة ، وعن يساره أسودة ، فإذا نظر قبل يمينه ضحك ، وإذا نظر قبل شماله بكى ، فقال : مرحبا بالنبي الصالح ، والابن الصالح . قلت : يا جبريل من [ ص: 211 ] هذا ؟ " . قال : آدم عليه السلام ، وهذه الأسودة نسم بنيه ، فأهل اليمين أهل الجنة والتي عن شماله أهل النار . ثم عرج بي جبريل حتى أتى السماء الثانية ، فقال لخازنها : افتح . فقال له خازنها مثل ما قال خازن السماء الدنيا ، ففتح .

قال أنس : فذكر أنه وجد في السموات : آدم ، وإدريس وعيسى ، وموسى ، وإبراهيم ، ولم يثبت -يعني أبا ذر كيف منازلهم ، غير أنه ذكر أنه وجد آدم في السماء الدنيا ، وإبراهيم في السادسة ، فلما مر جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم بإدريس ، قال : مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح . قال : ثم مر ، قلت : من هذا ؟ قال : إدريس ، قال : ثم مررت بموسى فقال : مرحبا بالنبي الصالح ، والأخ الصالح . قلت : من هذا ؟ قال : موسى . ثم مررت بعيسى ، فقال : مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح . قلت : من هذا ؟ قال : عيسى . ثم مررت بإبراهيم ، فقال : مرحبا بالنبي الصالح ، والابن الصالح . قلت : من هذا ؟ قال : إبراهيم .

قال ابن شهاب : وأخبرني ابن حزم أن ابن عباس وأبا حبة [ ص: 212 ] الأنصاري كانا يقولان : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام
.

قال ابن شهاب : قال ابن حزم ، وأنس بن مالك : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ففرض الله عز وجل على أمتي خمسين صلاة ، قال : فرجعت بذلك حتى أمر بموسى ، فقال : ماذا فرض ربك على أمتك ؟ قلت : فرض عليهم خمسين صلاة . قال موسى : فراجع ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك . قال : فراجعت ربي ، فوضع عني شطرها ، فرجعت إلى موسى فأخبرته ، قال : فراجع ربك ، فإن أمتك لا تطيق ذلك . فراجعت ربي فقال : هي خمس وهي خمسون لا يبدل القول لدي . فرجعت إلى موسى فقال : ارجع إلى ربك . فقلت : قد استحييت من ربي . قال : ثم انطلق بي حتى أتى سدرة المنتهى ، فغشيها ألوان لا أدري ما هي ، قال : ثم دخلت الجنة ، فإذا هي جنابذ اللؤلؤ ، وإذا ترابها المسك .

أخبرنا بهذا الحديث يحيى بن أحمد المقرئ بالإسكندرية ، ومحمد بن حسين الفوي بمصر ، قالا : أخبرنا محمد بن عماد ، قال : أخبرنا عبد الله بن رفاعة ، قال : أخبرنا علي بن الحسن الشافعي ، قال : أخبرنا عبد الرحمن بن عمر البزاز ، قال : حدثنا أبو الطاهر أحمد بن محمد بن عمرو المديني ، قال : حدثنا أبو موسى يونس بن عبد الأعلى الصدفي ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس ، فذكره . رواه مسلم عن حرملة ، عن ابن وهب .

[ ص: 213 ] وروى النسائي شطره الثاني من قول ابن شهاب : وأخبرني ابن حزم أن ابن عباس ، وأبا حبة ، إلى آخره ، عن يونس ، فوافقناه بعلو .

وقد أخرجه البخاري من حديث الليث ، عن يونس وتابعه عقيل ، عن الزهري .

وقال همام : سمعت قتادة يحدث ، عن أنس ، أن مالك بن صعصعة حدثه ، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدثهم عن ليلة أسري به ، قال : " بينما أنا في الحطيم وربما قال قتادة في الحجر مضطجعا إذ أتاني آت فجعل يقول لصاحبه : الأوسط بين الثلاثة قال : فأتاني وقد سمعت قتادة يقول فشق ما بين هذه إلى هذه ، قال قتادة : قلت لجارود ، وهو إلى جنبي : ما يعني ؟ قال : من ثغرة نحره إلى شعرته ؟ قال : فاستخرج قلبي ، ثم أتيت بطست من ذهب مملوء إيمانا ، فغسل قلبي ، ثم حشي ، ثم أعيد ، ثم أتيت بدابة دون البغل ، وفوق الحمار أبيض - فقال له الجارود : هو البراق يا أبا حمزة ؟ قال : نعم يضع خطوه عند أقصى طرفه ، فحملت عليه ، فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا ، فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قال : مرحبا به ونعم المجيء جاء . ففتح له ، فلما خلصت فإذا آدم فيها ، فقال : هذا أبوك آدم فسلم عليه ، فسلمت عليه . فرد السلام ، ثم قال : مرحبا بالابن الصالح ، والنبي الصالح ، ثم صعد حتى أتى السماء الثانية ، فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال جبريل : قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قيل : مرحبا [ ص: 214 ] الصالح والنبي الصالح . ثم صعد حتى أتى السماء الرابعة فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد صلى الله عليه وسلم قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قيل : مرحبا به ونعم المجيء جاء . قال : ففتح ، فلما خلصت فإذا إدريس ، قال : هذا إدريس فسلم عليه ، فسلمت ورد ، ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح . ثم صعد حتى أتى السماء الخامسة ، فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قيل : مرحبا به ونعم المجيء جاء . قال : ففتح ، فلما خلصت فإذا هارون ، قال : هذا هارون فسلم عليه ، فسلمت عليه ، فرد السلام ، ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح . ثم صعد حتى أتى السماء السادسة ، فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قيل : مرحبا به ونعم المجيء جاء . قال : ففتح ، فلما خلصت فإذا موسى عليه السلام ، قال : هذا موسى فسلم عليه ، فسلمت عليه ، فرد السلام ، ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ، قال : فلما جاوزت بكى ، فقيل له : ما يبكيك ؟ قال : أبكي لأنه غلام بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي . ثم صعد حتى أتى السماء السابعة ، فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . فقال : مرحبا به ونعم المجيء جاء . ففتح ، فلما خلصت فإذا إبراهيم عليه السلام ، قال : هذا إبراهيم فسلم عليه . فسلمت عليه ، فرد ، وقال : مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح . ثم رفعت إلى سدرة المنتهى . فإذا نبقها مثل قلال هجر وإذا ورقها مثل آذان الفيلة ، فقال : هذه سدرة المنتهى . وإذا أربعة أنهار : نهران باطنان ، ونهران ظاهران . فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : أما الباطنان فنهران في [ ص: 215 ] الجنة ، وأما الظاهران فالنيل والفرات . ثم رفع البيت المعمور ، ثم أتيت بإناء من لبن ، وإناء من عسل ، فأخذت اللبن . فقال : هذه الفطرة أنت عليها وأمتك . قال : ثم فرضت علي الصلاة خمسون صلاة في كل يوم ، فرجعت فمررت على موسى فقال : بم أمرت ؟ قلت : بخمسين صلاة في كل يوم . قال : إن أمتك لا تستطيع ذلك ، فإني قد خبرت الناس قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك ، قال : فرجعت فوضع عني عشرا ، فرجعت إلى موسى ، فقال : بما أمرت ؟ قلت : بأربعين صلاة كل يوم . قال : إن أمتك لا تستطيعها فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف . فرجعت فوضع عني عشرا أخر ، ثم رجعت إلى موسى فذكر الحديث إلى أن قال : إن أمتك لا تستطيع بخمس صلوات كل يوم ، وإني خبرت الناس قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف . قلت : قد سألت ربي حتى استحييت ، ولكن أرضى وأسلم . فلما نفرت ناداني مناد : قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي .

أخرجه البخاري ، عن هدبة عنه .

وقال معاذ بن هشام : حدثني أبي ، عن قتادة ، قال : حدثنا أنس ، عن مالك بن صعصعة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكر نحوه ، وزاد فيه : فأتيت بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا ، فشق من النحر إلى مراق البطن ، فغسل بماء زمزم ، ثم ملئ حكمة وإيمانا . أخرجه مسلم بطوله .

[ ص: 216 ] وقال سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أنس ، عن مالك بن صعصعة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " بينما أنا عند البيت ، بين النائم واليقظان ، إذ سمعت قائلا يقول : أحد الثلاثة بين الرجلين . قال : فأتيت فانطلق بي ، ثم أتيت بطست من ذهب فيه من ماء زمزم ، فشرح صدري إلى كذا وكذا . قال قتادة : قلت لصاحبي : ما يعني ؟ قال : إلى أسفل بطني ، فاستخرج قلبي فغسل بماء زمزم ، ثم أعيد مكانه ، وحشي ، أو قال : كنز إيمانا وحكمة - شك سعيد - ثم أتيت بدابة أبيض يقال له البراق ، فوق الحمار ودون البغل ، يقع خطوه عند أقصى طرفه ، فحملت عليه ومعي صاحبي لا يفارقني ، فانطلقنا حتى أتينا السماء الدنيا .

وساق الحديث كحديث همام ، إلى قوله : البيت المعمور ، فزاد : " يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ، حتى إذا خرجوا منه لم يعودوا فيه آخر ما عليهم
" .

قلت : وهذه زيادة رواها همام في حديثه ، وهو أتقن من ابن أبي عروبة ، فقال : قال قتادة ، فحدثنا الحسن ، عن أبي هريرة أنه رأى البيت يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ، ثم لا يعودون إليه . ثم رجع إلى حديث أنس ، وفي حديث ابن أبي عروبة : " في سدرة المنتهى " إن ورقها مثل آذان الفيلة ، ولفظه : ثم أتيت على موسى فقال : بم أمرت ؟ قلت : بخمسين صلاة ، قال : إني قد بلوت الناس قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة وإن أمتك لا يطيقون ذلك ، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك . فرجعت ، فحط عني خمس صلوات فما زلت أختلف بين ربي وبين موسى كلما أتيت عليه ، قال لي مثل مقالته ، حتى رجعت بخمس صلوات ، كل يوم ، فلما أتيت على موسى قال كمقالته ، قلت : لقد رجعت إلى ربي حتى استحييت ، ولكن أرضى وأسلم . فنوديت أن : قد أمضيت فريضتي ، وخففت عن عبادي ، وجعلت بكل [ ص: 217 ] حسنة عشر أمثالها . أخرجه مسلم .

وقد رواه ثابت البناني وشريك بن أبي نمر ، عن أنس ، فلم يسنده لهما ، لا عن أبي ذر ، ولا عن مالك بن صعصعة ، ولا بأس بمثل ذلك ، فإن مرسل الصحابي حجة .

التالي السابق


الخدمات العلمية