صفحة جزء
غزوة المريسيع

وتسمى غزوة بني المصطلق ،
كانت في شعبان سنة خمس على الصحيح ، بل المجزوم به .

قال الواقدي : استخلف النبي صلى الله عليه وسلم فيها على المدينة زيد بن حارثة . فحدثني شعيب بن عباد عن المسور بن رفاعة ، قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعمائة .

وقال يونس بن بكير : قال ابن إسحاق : حدثني محمد بن يحيى بن حبان ، وعاصم بن عمر ، وعبد الله بن أبي بكر ، قالوا : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبلغه أن بني المصطلق يجمعون له ، وقائدهم الحارث بن أبي [ ص: 469 ] ضرار أبو جويرية أم المؤمنين ، فسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزل بالمريسيع ، ماء من مياههم ; فأعدوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتزاحف الناس فاقتتلوا ، فهزم رسول الله صلى الله عليه وسلم بني المصطلق وقتل من قتل منهم ، ونفل نساءهم وأبناءهم وأموالهم ، وأقام عليهم من ناحية قديد والساحل .

وقال الواقدي ، عن معمر وغيره : إن بني المصطلق من خزاعة كانوا ينزلون ناحية الفرع ، وهم حلفاء بني مدلج ، وكان رأسهم الحارث بن أبي ضرار ، وكان قد سار في قومه ومن قدر عليه ، وابتاعوا خيلا وسلاحا ، وتهيؤوا للمسير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .

قال الواقدي : وحدثني سعيد بن عبد الله بن أبي الأبيض ، عن أبيه ، عن جدته ، وهي مولاة جويرية ، سمعت جويرية تقول : أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن على المريسيع ، فأسمع أبي يقول : أتانا ما لا قبل لنا به ، قالت : وكنت أرى من الناس والخيل والعدة ما لا أصف من الكثرة ، فلما أن أسلمت وتزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجعنا جعلت أنظر إلى المسلمين فليسوا كما كنت أرى ، فعرفت أنه رعب من الله . وكان رجل منهم قد أسلم يقول : لقد كنا نرى رجالا بيضا على خيل بلق ، ما كنا نراهم قبل ولا بعد .

قال الواقدي : ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم الماء ، وضربت له قبة من أدم ، ومعه عائشة وأم سلمة ، وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه ، ثم أمر عمر فنادى فيهم ، قولوا : لا إله إلا الله ، تمنعوا بها أنفسكم وأموالكم ، ففعل عمر ، فأبوا . فكان أول من رمى رجل منهم بسهم ، فرمى المسلمون ساعة بالنبل ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن يحملوا ، [ ص: 470 ] فحملوا ، فما أفلت منهم إنسان ، فقتل منهم عشرة وأسر سائرهم ، وقتل من المسلمين رجل واحد .

وقال ابن عون : كتبت إلى نافع أسأله عن الدعاء قبل القتال ، فكتب : إنما كان ذلك في أول الإسلام قد أغار رسول الله صلى الله عليه وسلم على بني المصطلق وهم غارون ، وأنعامهم تسقى على الماء ، فقتل مقاتلتهم وسبى سبيهم ، فأصاب يومئذ أحسبه قال : جويرية ، وحدثني ابن عمر بذلك ، وكان في ذلك الجيش . متفق عليه .

وقال إسماعيل بن جعفر ، عن ربيعة الرأي ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن ابن محيريز ، سمع أبا سعيد يقول : غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بني المصطلق فسبينا كرائم العرب ، وطالت علينا العزبة ، ورغبنا في الفداء فأردنا أن نستمتع ونعزل ، فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : لا عليكم أن لا تفعلوا ، ما كتب الله خلق نسمة هي كائنة إلى يوم القيامة إلا ستكون . متفق عليه ، عن قتيبة عن إسماعيل .

التالي السابق


الخدمات العلمية