صفحة جزء
غزوة ذات السلاسل

قيل إنه ماء بأرض جذام .

قال ابن لهيعة : حدثنا أبو الأسود ، عن عروة . ورواه موسى بن عقبة ، واللفظ له ، قالا : غزوة ذات السلاسل من مشارف الشام في بلي وسعد الله ومن يليهم من قضاعة .

وفي رواية عروة : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص في بلي ، وهم أخوال العاص بن وائل ، وبعثه فيمن يليهم من قضاعة وأمره عليهم .

قال ابن عقبة : فخاف عمرو من جانبه الذي هو به ، فبعث إلى [ ص: 147 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمده . فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم المهاجرين ، فانتدب فيهم أبو بكر وعمر وجماعة ، أمر عليهم أبا عبيدة ، فأمد بهم عمرا ، فلما قدموا عليه ، قال : أنا أميركم ، وأنا أرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أستمده بكم . فقالالمهاجرون : بل أنت أمير أصحابك ، وأبو عبيدة أمير المهاجرين . قال : إنما أنتم مدد أمددته . فلما رأى ذلك أبو عبيدة ، وكان رجلا حسن الخلق لين الشيمة ، سعى لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده ، قال : تعلم يا عمرو أن آخر ما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال : إذا قدمت على صاحبك فتطاوعا ، وإنك إن عصيتني لأطيعنك . فسلم أبو عبيدة الإمارة لعمرو .

وقال يونس ، عن ابن إسحاق : حدثني محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحصين التميمي ، عن غزوة ذات السلاسل من أرض بلي وعذرة ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص ليستنفر العرب إلى الإسلام . وذلك أن أم العاص بن وائل كانت من بلي ، فبعثه إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يتألفهم بذلك . حتى إذا كان بأرض جذام ، على ماء يقال له السلاسل ، خاف فبعث يستمد النبي صلى الله عليه وسلم .

وقال علي بن عاصم : أخبرنا خالد الحذاء ، عن أبي عثمان النهدي ، قال : سمعت عمرو بن العاص يقول : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم على جيش ذي السلاسل ، وفي القوم أبو بكر وعمر . فحدثت نفسي أنه لم يبعثني عليهما إلا لمنزلة لي عنده ، فأتيته حتى قعدت بين يديه فقلت : يا رسول الله ، من أحب الناس إليك ؟ قال : " عائشة " ، قلت : " إني لم أسألك عن أهلك . قال : " فأبوها " . قلت : ثم من ؟ قال : " عمر " . قلت : ثم من ؟ حتى عد رهطا ، قال : قلت في نفسي لا أعود أسأل عن هذا .

[ ص: 148 ] رواه غيره عن خالد ، وهو في الصحيحين مختصرا .

وكيع ، وغيره : حدثنا موسى بن علي بن رباح ، عن أبيه ، سمع عمرو بن العاص : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : " يا عمرو اشدد عليك سلاحك وائتني " ففعلت ، فجئته وهو يتوضأ ، فصعد في البصر وصوبه وقال : " يا عمرو إني أريد أن أبعثك وجها فيسلمك الله ويغنمك ، وأرغب لك رغبة من المال صالحة " قلت : إني لم أسلم رغبة في المال إنما أسلمت رغبة في الجهاد والكينونة معك . قال : " يا عمرو نعما بالمال الصالح للمرء الصالح " .

ابن عون وغيره ، عن محمد : استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرا على جيش ذات السلاسل وفيهم أبو بكر وعمر . رواه إبراهيم بن مهاجر ، عن إبراهيم النخعي بنحوه .

وكيع ، عن المنذر بن ثعلبة ، عن ابن بريدة ، قال أبو بكر : إنما ولاه النبي صلى الله عليه وسلم يعني عمرا ، علينا لعلمه بالحرب .

قلت : ولهذا استعمل أبو بكر عمرا على غزو الشام .

وقال الواقدي : حدثني ربيعة بن عثمان ، عن يزيد بن رومان : أن أبا عبيدة لما أتى عمرا صاروا خمس مائة ، وسار الليل والنهار حتى وطئ بلاد بلي ودوخها ، وكلما انتهى إلى موضع بلغه أنه كان بذلك الموضع جمع ، فلما سمعوا به تفرقوا حتى انتهى إلى أقصى بلاد بلي وعذرة وبلقين ، ولقي في آخر ذلك جمعا ، فاقتتلوا ساعة وتراموا بالنبل . [ ص: 149 ] ورمي يومئذ عامر بن ربيعة ، فأصيب ذراعه . وحمل المسلمون عليهم فهربوا وأعجزوا هربا في البلاد . ودوخ عمرو ما هناك . وأقام أياما يغير أصحابه على المواشي .

وقال إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس : قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل ، فأصابهم برد فقال لهم عمرو : لا يوقدن أحد نارا . فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم شكوه ، فقال : يا نبي الله ، كان في أصحابي قلة فخشيت أن يرى العدو قلتهم ، ونهيتهم أن يتبعوا العدو مخافة أن يكون لهم كمين . فأعجب ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقال جرير بن حازم : حدثنا يحيى بن أيوب ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عمران بن أبي أنس ، عن عبد الرحمن بن جبير ، عن عمرو بن العاص ، قال : احتلمت في ليلة بادرة في غزوة ذات السلاسل ، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك ، فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح . فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : " يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب " فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال ، وقلت : إني سمعت الله يقول : ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ( 29 ) ) [ النساء ] فضحك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئا .

وقال عمرو بن الحارث ، وغيره ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عمران بن أبي أنس ، عن عبد الرحمن بن جبير ، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص أن عمرا كان على سرية ، فذكر نحوه . قال : فغسل مغابنه ، وتوضأ وضوءه للصلاة ثم صلى بهم . لم يذكر التيمم . أخرجهما [ ص: 150 ] أبو داود .

التالي السابق


الخدمات العلمية