صفحة جزء
وقال القاسم بن عبد الله العمري - وهو ضعيف - عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة وجد بها ثلاث مائة [ ص: 177 ] وستين صنما . فأشار إلى كل صنم بعصا من غير أن يمسها ، وقال : ( جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ( 81 ) ) [ الإسراء ] فكان لا يشير إلى صنم إلا سقط .

وقال عبد الوارث ، عن أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة ، أبى أن يدخل البيت وفيه الآلهة ، فأمر بها فأخرجت ، فأخرج صورة إبراهيم وإسماعيل وفي أيديهما الأزلام ، فقال : " قاتلهم الله ، أما والله لقد علموا أنهما لم يستقسما بها قط " ودخل البيت وكبر في نواحيه .

أخرجه البخاري .

وقال معمر ، عن أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى الصور في البيت لم يدخله حتى أمر بها فمحيت . ورأى إبراهيم وإسماعيل بأيديهما الأزلام ، فقال : " قاتلهم الله ، والله ما استقسما بها قط " صحيح .

وروى أبو الزبير ، عن جابر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يدخل البيت حتى محيت الصور . صحيح .

وقال هوذة : حدثنا عوف الأعرابي ، عن رجل ، قال : دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح ، شيبة بن عثمان فأعطاه المفتاح ، وقال له : دونك هذا ، فأنت أمين الله على بيته .

قال الواقدي : هذا غلط ، إنما أعطى المفتاح عثمان بن طلحة ; ابن [ ص: 178 ] عم شيبة ; يوم الفتح ، وشيبة يومئذ كافر . ولم يزل عثمان على البيت حتى مات ثم ولي شيبة .

قلت : قول الواقدي : لم يزل عثمان على البيت حتى مات ، فيه نظر ، فإن أراد لم يزل منفردا بالحجابة ، فلا نسلم ، وإن أراد مشاركا لشيبة ، فقريب ، فإن شيبة كان حاجبا في خلافة عمر . ويحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم ولى الحجابة لشيبة لما أسلم ، وكان إسلامه عام الفتح ، لا يوم الفتح .

وقال محمد بن حمران : حدثنا أبو بشر ، عن مسافع بن شيبة ، عن أبيه ، قال : دخل النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة يصلي ، فإذا فيها تصاوير ، فقال : يا شيبة ، اكفني هذه . فاشتد ذلك عليه . فقال له رجل : طينها ثم الطخها بزعفران . ففعل .

تفرد به محمد ، وهو مقارب الأمر .

وقال يونس ، عن نافع ، عن ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل يوم الفتح من أعلى مكة على راحلته مردفا أسامة ، ومعه بلال وعثمان بن طلحة ، من الحجبة ، حتى أناخ في المسجد ، فأمر عثمان أن يأتي بمفتاح البيت ، ففتح ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أسامة وبلال وعثمان ، فمكث فيها نهارا طويلا ، خرج فاستبق الناس ، وكان عبد الله بن عمر أول من دخل ، فوجد بلالا وراء الباب ، فسأله : أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فأشار إلى المكان الذي صلى فيه . قال ابن عمر : فنسيت أن أسأله : كم صلى من سجدة ؟ صحيح . علقه البخاري محتجا به .

وقال ابن إسحاق : حدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور ، عن صفية بنت شيبة ، قالت : لما اطمأن رسول [ ص: 179 ] الله صلى الله عليه وسلم بمكة ، طاف على بعيره ، يستلم [ الحجر ] بالمحجن ثم دخل الكعبة فوجد فيها جمامة عيدان فاكتسرها ، ثم قال بها على باب الكعبة وأنا أنظر- فرمى بها .

وذكر أسباط ، عن السدي ، عن مصعب بن سعد ، عن أبيه ، قال : لما كان يوم فتح مكة ، آمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس ، إلا أربعة نفر وامرأتين ، وقال : اقتلوهم ، وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة : عكرمة بن أبي جهل ، وعبد الله بن خطل ، ومقيس بن صبابة ، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح . فأما ابن خطل فأدرك وهو متعلق بالأستار ، فاستبق إليه سعيد بن حريث وعمار بن ياسر ، فسبق سعيد عمارا ، فقتله . وأما مقيس فقتلوه في السوق . وأما عكرمة فركب البحر ، وذكر قصته ، ثم أسلم . وأما ابن أبي سرح فاختبأ عند عثمان ، فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة ، جاء به عثمان حتى أوقفه على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، بايع عبد الله . فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثا ؛ كل ذلك يأبى ، فبايعه بعد ثلاث . ثم أقبل على أصحابه فقال : " أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا ، حيث رآني كففت فيقتله ؟ " قالوا : ما يدرينا يا رسول الله ، ما في نفسك ، هلا أومأت إلينا بعينك ؟ قال : " إنه لا ينبغي أن يكون لنبي خائنة الأعين " .

التالي السابق


الخدمات العلمية