صفحة جزء
غزوة أوطاس

وقال شيخنا الدمياطي في " السيرة " له : كان سيما الملائكة يوم حنين عمائم حمرا قد أرخوها بين أكتافهم .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه " وأمر بطلب العدو ، فانتهى بعضهم إلى الطائف ، وبعضهم نحو نخلة ، ووجه قوم منهم إلى أوطاس . فعقد النبي صلى الله عليه وسلم لأبي عامر الأشعري لواء ووجهه في طلبهم ، وكان معه سلمة بن الأكوع ، فانتهى إلى عسكرهم ، فإذا هم ممتنعون ، فقتل أبو عامر منهم تسعة مبارزة ، ثم برز له العاشر معلما بعمامة صفراء ، فضرب أبا عامر فقتله . واستخلف أبو عامر أبا موسى الأشعري ، فقاتلهم ، حتى فتح الله عليه .

وقال أبو أسامة ، عن بريد ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى ، قال : لما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من حنين ، بعث أبا عامر على جيش إلى أوطاس ، فلقي دريد بن الصمة ، فقتل دريد ، وهزم الله أصحابه ، ورمي أبو عامر في ركبته ، رماه رجل من بني جشم ، فأثبته في ركبته ، فانتهيت إليه ، فقلت : يا عم ، من رماك ؟ فأشار إلي أن ذاك قاتلي تراه . فقصدت له ، فاعتمدته ، فلحقته . فلما رآني ولى عني ذاهبا ، فاتبعته ، وجعلت أقول له : ألا تستحي ؟ ألست عربيا ، ألا تثبت ؟ فكف ، فالتقينا ، فاختلفنا ضربتين ; أنا وهو ، فقتلته . ثم رجعت إلى أبي عامر فقلت : قد قتل الله [ ص: 206 ] صاحبك . قال : فانتزع هذا السهم . فنزعته ، فنزا منه الماء . فقال : يا ابن أخي ، انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقره مني السلام ، ثم قل له يستغفر لي . قال : واستخلفني أبو عامر على الناس ، فمكث يسيرا ومات . وذكر الحديث . متفق عليه .

وقال ابن إسحاق : وقتل يوم حنين من ثقيف سبعون رجلا تحت رايتهم . وانهزم المشركون ، فأتوا الطائف ومعهم مالك بن عوف ، وعسكر بعضهم بأوطاس ، وتوجه بعضهم نحو نخلة . وتبعت خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم القوم ، فأدرك ربيعة بن رفيع ; ويقال له ابن لدغة ; دريد بن الصمة ; فأخذ بخطام جمله ، وهو يظن أنه امرأة ، فإذا شيخ كبير ولم يعرفه الغلام . فقال له دريد : ماذا تريد بي ؟ قال : أقتلك . قال : ومن أنت ؟ قال : ربيعة بن رفيع السلمي . ثم ضربه بسيفه فلم يغن شيئا فقال : بئس ما سلحتك أمك ، خذ سيفي هذا من مؤخر الرحل ، ثم اضرب به ، وارفع عن الطعام ، واخفض عن الدماغ ، فإني كذلك كنت أضرب الرجال ، ثم إذا أتيت أمك فأخبرها أنك قتلت دريد بن الصمة ، فرب يوم والله قد منعت فيه نساءك . فقتله . فقيل : لما ضربه ووقع تكشف ، فإذا عجانه وبطون فخذيه أبيض كالقرطاس من ركوب الخيل أعراء . فلما رجع إلى أمه أخبرها بقتله ، فقالت : أما والله لقد أعتق أمهات لك .

وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثار من توجه إلى أوطاس ، أبا عامر الأشعري فرمي بسهم فقتل ، فأخذ الراية أبو موسى فهزمهم . وزعموا أن سلمة بن دريد هو الذي رمى أبا عامر بسهم .

[ ص: 207 ] واستشهد يوم حنين : أيمن بن عبيد ، ولد أم أيمن ; مولى بني هاشم ، ويزيد بن زمعة بن الأسود الأسدي القرشي ، وسراقة بن حباب بن عدي العجلاني الأنصاري ، وأبو عامر عبيد الأشعري .

ثم جمعت الغنائم ، فكان عليها مسعود بن عمرو ، وإنما تقسم بعد الطائف .

التالي السابق


الخدمات العلمية