وفد ثقيف  
وقال 
حاتم بن إسماعيل ،  عن 
إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع ،  عن 
عبد الكريم ،  عن علقمة بن سفيان بن عبد الله الثقفي ،  عن أبيه ، قال : كنا في الوفد الذين وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فضرب لنا قبتين عند دار المغيرة بن شعبة   . قال : وكان بلال  يأتينا بفطرنا ، فنقول : أفطر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقول : نعم ؛ ما جئتكم حتى أفطر ، فيضع يده فيأكل ونأكل  . 
وقال 
حماد بن سلمة ،  عن 
حميد ،  عن 
الحسن ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=61عثمان بن أبي العاص الثقفي   : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=882447أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزلهم في قبة في المسجد ، ليكون أرق لقلوبهم . واشترطوا عليه حين أسلموا أن لا يحشروا ولا يعشروا  [ ص: 264 ] ولا يجبوا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا خير في دين ليس فيه ركوع ، ولكم أن لا تحشروا ولا تعشروا " . 
وقال 
أبو داود  في " السنن " : حدثنا 
الحسن بن الصباح ،  قال : حدثنا 
إسماعيل بن عبد الكريم ،  قال : حدثني 
إبراهيم ،  عن أبيه ، عن 
وهب ،  قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=882448سألت جابرا  عن شأن ثقيف  إذ بايعت ، قال : اشترطت على النبي صلى الله عليه وسلم أن لا صدقة عليها ولا جهاد ، وأنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يقول : " سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا " . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة ،  عن 
عروة  بمعناه ، قال : فأسلم 
عروة بن مسعود ،  واستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرجع إلى قومه . فقال : إني أخاف أن يقتلوك . قال : لو وجدوني نائما ما أيقظوني . فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم . فرجع إلى 
الطائف ،  وقدم 
الطائف  عشيا فجاءته 
ثقيف  فحيوه ، ودعاهم إلى الإسلام ونصح لهم ، فاتهموه وعصوه ، وأسمعوه من الأذى ما لم يكن يخشاهم عليه . فخرجوا من عنده ، حتى إذا أسحر وطلع الفجر ، قام على غرفة له في داره فأذن بالصلاة وتشهد ، فرماه رجل من 
ثقيف  بسهم فقتله . 
فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين بلغه قتله : " 
مثل عروة  مثل صاحب ياسين ، دعا قومه إلى الله فقتلوه  " . 
وأقبل - بعد قتله - من وفد 
ثقيف  بضعة عشر رجلا هم أشراف 
ثقيف ،  فيهم 
كنانة بن عبد ياليل  وهو رأسهم يومئذ ، وفيهم 
عثمان بن أبي العاص بن بشر ،  وهو أصغرهم . حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة يريدون الصلح ، حين رأوا أن قد فتحت 
مكة  وأسلمت عامة العرب .  
[ ص: 265 ] فقال 
المغيرة بن شعبة   : يا رسول الله ، أنزل علي قومي فأكرمهم ، فإني حديث الجرم فيهم . فقال : لا أمنعك أن تكرم قومك ، ولكن منزلهم حيث يسمعون القرآن . وكان من جرم 
المغيرة  في قومه أنه كان أجيرا 
لثقيف ،  وأنهم أقبلوا من 
مصر ،  حتى إذا كانوا 
ببصاق  ، عدا عليهم وهم نيام فقتلهم ، ثم أقبل بأموالهم حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، خمس مالي هذا . فقال : " وما نبؤه ؟ " فأخبره ، فقال : " إنا لسنا نغدر " وأبى أن يخمسه . 
وأنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد 
ثقيف  في المسجد ، وبنى لهم خياما لكي يسمعوا القرآن ويروا الناس إذا صلوا . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب لم يذكر نفسه . فلما سمعه وفد 
ثقيف  ؛ قالوا : يأمرنا أن نشهد أنه رسول الله ، ولا يشهد به في خطبته . فلما بلغه ذلك قال : فإني أول من شهد أني رسول الله . 
وكانوا يغدون على رسول الله صلى الله عليه وسلم كل يوم ، ويخلفون 
عثمان بن أبي العاص  على رحالهم . فكان 
عثمان ،  كلما رجعوا وقالوا بالهاجرة ، عمد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن الدين واستقرأه القرآن ، حتى فقه في الدين وعلم . وكان إذا وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم نائما عمد إلى 
أبي بكر   . وكان يكتم ذلك من أصحابه . فأعجب ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وعجب منه وأحبه . 
فمكث الوفد يختلفون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يدعوهم إلى الإسلام ، فأسلموا ، فقال 
كنانة بن عبد ياليل   : 
هل أنت مقاضينا حتى نرجع إلى قومنا ؟ قال : " نعم ؛ إن أنتم أقررتم بالإسلام قاضيتكم ، وإلا فلا قضية ولا صلح بيني وبينكم " قالوا : أفرأيت الزنا ، فإنا قوم نغترب لا بد لنا منه ؟ قال : " هو عليكم حرام " قالوا : فالربا ؟ قال : " لكم  [ ص: 266 ] رءوس أموالكم " قالوا : فالخمر ؟ قال : " حرام " وتلا عليهم الآيات في تحريم هذه الأشياء . فارتفع القوم وخلا بعضهم ببعض ، فقالوا : ويحكم ، إنا نخاف - إن خالفناه - يوما كيوم مكة   . انطلقوا بكاتبه على ما سألنا . فأتوه فقالوا : نعم ؛ لك ما سألت . أرأيت الربة ماذا نصنع فيها ؟ قال : " اهدموها " قالوا : هيهات ، لو تعلم الربة ماذا تصنع فيها أو أنك تريد هدمها قتلت أهلها . فقال عمر   : ويحك يا ابن عبد ياليل ،  ما أحمقك ، إنما الربة حجر . قال : إنا لم نأتك يا ابن الخطاب   . وقالوا : يا رسول الله ، تول أنت هدمها ، فأما نحن فإنا لن نهدمها أبدا . قال : " فسأبعث إليكم من يهدمها " فكاتبوه وقالوا : يا رسول الله ، أمر علينا رجلا يؤمنا . فأمر عليهم عثمان  لما رأى من حرصه على الإسلام . وكان قد تعلم سورا من القرآن . 
وقال 
ابن عبد ياليل   : أنا أعلم الناس 
بثقيف ،  فاكتموهم الإسلام وخوفوهم الحرب ، وأخبروا أن 
محمدا  سألنا أمورا أبيناها . 
قال : فخرجت 
ثقيف  يتلقون الوفد . فلما رأوهم قد ساروا العنق ، وقطروا الإبل ، وتغشوا ثيابهم ، كهيئة القوم قد حزنوا وكربوا ولم يرجعوا بخير . فلما رأت 
ثقيف  ما في وجوههم ، قالوا : ما وفدكم بخير ولا رجعوا به . فدخل الوفد فعمدوا اللات فنزلوا عندها . واللات بيت بين ظهري 
الطائف  يستر ويهدى له الهدي ، كما يهدى 
للكعبة   . 
فقال ناس من 
ثقيف  حين نزل الوفد إليها : إنه لا عهد لهم برؤيتها . ثم رجع كل واحد إلى أهله ، وجاء كل رجل منهم خاصته فسألوهم فقالوا : أتينا رجلا فظا غليظا يأخذ من أمره ما يشاء ، قد ظهر بالسيف وأداخ العرب ودانت له الناس . فعرض علينا أمورا شدادا : هدم  
[ ص: 267 ] اللات ، وترك الأموال في الربا إلا في رءوس أموالكم ، وحرم الخمر والزنا ، فقالت 
ثقيف   : والله لا نقبل هذا أبدا . فقال الوفد : أصلحوا السلاح وتهيئوا للقتال ورموا حصنكم . فمكثت 
ثقيف  بذلك يومين أو ثلاثة يريدون القتال . ثم ألقى الله في قلوبهم الرعب ، فقالوا : والله ما لنا به طاقة ، وقد أداخ العرب كلها ، فارجعوا إليه فأعطوه ما سأل . فلما رأى ذلك الوفد أنهم قد رعبوا ؛ قالوا : فإنا قد قاضيناه وفعلنا ووجدناه أتقى الناس وأرحمهم وأصدقهم . قالوا : لم كتمتمونا وغممتمونا أشد الغم ؟ قالوا : أردنا أن ينزع الله من قلوبكم نخوة الشيطان . فأسلموا مكانهم . 
ثم قدم عليهم رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قد أمر عليهم 
خالد بن الوليد ،  وفيهم 
المغيرة   . فلما قدموا عمدوا للات ليهدموها ، واستكفت 
ثقيف  كلها ، حتى خرج العواتق ، لا ترى عامة 
ثقيف  أنها مهدومة . فقام 
المغيرة  فأخذ الكرزين وقال لأصحابه : والله لأضحكنكم منهم . فضرب بالكرزين ، ثم سقط يركض . فارتج 
أهل الطائف   بصيحة واحدة ، وقالوا : أبعد الله 
المغيرة ،  قد قتلته الربة . وفرحوا ، وقالوا : من شاء منكم فليقترب وليجتهد على هدمها ، فوالله لا يستطاع أبدا . فوثب 
المغيرة بن شعبة  فقال : قبحكم الله ; إنما هي لكاع حجارة ومدر ، فاقبلوا عافية الله واعبدوه . ثم ضرب الباب فكسره ، ثم علا على سورها ، وعلا الرجال معه ، فهدموها . وجعل صاحب المفتح يقول : ليغضبن الأساس ، فليخسفن بهم ، فقال
المغيرة  لخالد   : دعني أحفر أساسها . فحفره حتى أخرجوا ترابها ، وانتزعوا حليتها ، وأخذوا ثيابها . فبهتت  
[ ص: 268 ] ثقيف ،  فقالت عجوز منهم : أسلمها الرضاع وتركوا المصاع . وأقبل الوفد حتى أتوا النبي صلى الله عليه وسلم بحليتها وكسوتها ، فقسمه . 
وقال 
ابن إسحاق   : أقامت 
ثقيف ،  بعد قتل 
عروة بن مسعود ،  أشهرا . ثم ذكر قدومهم على النبي صلى الله عليه وسلم ، وإسلامهم . وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث 
 nindex.php?page=showalam&ids=12026أبا سفيان بن حرب  والمغيرة  يهدمان الطاغية . 
وقال 
سعيد بن السائب ،  عن 
محمد بن عبد الله بن عياض ،  عن 
عثمان بن أبي العاص ;  أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يجعل 
مسجد الطائف  حيث كانت طاغيتهم . 
رواه 
أبو همام محمد بن محبب الدلال ،  عن 
سعيد ،  والله أعلم . 
ولما فرغ 
ابن إسحاق  من شأن 
ثقيف ،  ذكر بعد ذلك حجة 
 nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق  بالناس .