صفحة جزء
ثم قدم وفد طيء ، على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفيهم زيد الخيل سيدهم ، فأسلموا ، وسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد الخير ، وقطع له فيد وأرضين ، وخرج راجعا إلى قومه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن ينج زيد من حمى المدينة " فإنه يقال قد سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم باسم غير الحمى ، فلم نثبته . فلما انتهى من بلد نجد إلى ماء من مياهه ، يقال له قردة ، أصابته [ ص: 279 ] الحمى فمات بها . قال : فعمدت امرأته إلى ما معه من كتب فحرقتها .

وقال شعبة : حدثنا سماك بن حرب ، قال : سمعت عباد بن حبيش ، يحدث عن عدي بن حاتم ، قال : جاءت خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا بعقرب ، فأخذوا عمتي وناسا . فلما أتوا بهم رسول الله ، قالت : يا رسول الله ، غاب الوافد ، وانقطع الولد ، وأنا عجوز كبيرة ، فمن علي من الله عليك . قال : " من وافدك " ؟ قالت : عدي بن حاتم . قال : " الذي فر من الله ورسوله " ؟ قالت : فمن علي ، ورجل إلى جنبه تراه عليا ، فقال : سليه حملانا . فأمر لها به . قال : فأتتني ، فقالت : لقد فعلت فعلة ما كان أبوك يفعلها . إيته راغبا أو راهبا ، فقد أتاه فلان فأصاب منه ، وأتاه فلان فأصاب منه .

قال عدي : فأتيته ، فإذا عنده امرأة وصبيان ; أو صبي ، فذكر قربهم من النبي صلى الله عليه وسلم . قال : فعرفت أنه ليس ملك كسرى ولا قيصر ، فأسلمت . فرأيت وجهه قد استبشر ، وقال : " إن المغضوب عليهم اليهود ، والضالين النصارى " وذكر باقي الحديث .

وقال حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن محمد ، قال : قال أبو عبيدة بن حذيفة ، قال رجل : كنت أسأل عن حديث عدي وهو إلى جنبي لا أسأله ، فأتيته ، فقال : بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم فكرهته أشد ما كرهت شيئا قط . فخرجت حتى أقصى أرض العرب مما يلي الروم . ثم كرهت مكاني فقلت : لو أتيته وسمعت منه . فأتيت إلى المدينة ، فاستشرفني الناس ; وقالوا : جاء عدي بن حاتم ، جاء عدي بن حاتم . فقال : يا عدي بن حاتم ، أسلم تسلم فقلت : إني على دين . قال : " أنا أعلم بدينك منك ، ألست ركوسيا ؟ " قلت : بلى . قال : " ألست ترأس [ ص: 280 ] قومك ؟ " قلت : بلى . قال : " ألست تأخذ المرباع ؟ " قلت : بلى . قال : " فإن ذلك لا يحل في دينك " قال : فوجدت بها علي غضاضة ثم قال : " إنه لعله أن يمنعك أن تسلم أن ترى بمن عندنا خصاصة ، وترى الناس علينا إلبا واحدا . هل رأيت الحيرة ؟ " قلت : لم أرها ، وقد علمت مكانها . قال : " فإن الظعينة سترحل من الحيرة حتى تطوف بالبيت بغير جوار ، ولتفتحن علينا كنوز كسرى بن هرمز " قلت : كنوز كسرى بن هرمز ؟ قال : " نعم ؛ وليفيضن المال حتى يهم الرجل من يقبل ماله منه صدقة " قال : فلقد رأيت الظعينة ترحل من الحيرة بغير جوار ، وكنت في أول خيل أغارت على المدائن . ووالله لتكونن الثالثة ، إنه لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم . وروى نحوه هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي عبيدة .

التالي السابق


الخدمات العلمية