صفحة جزء
وقال أحمد بن حازم بن أبي غرزة الغفاري : حدثنا علي بن قادم قال : حدثنا أبو العلاء خالد بن طهمان ، عن عطية ، عن أبي سعيد قال : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بظبية مربوطة إلى خباء ، فقالت : يا رسول الله حلني حتى أذهب فأرضع خشفي ، ثم أرجع ، فتربطني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صيد قوم وربيطة قوم " . قال : فأخذ عليها فحلفت له ، فحلها ، فما مكثت إلا قليلا حتى جاءت وقد نفضت ما في ضرعها ، فربطها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم استوهبها منهم ، فوهبوها له ، فحلها ، ثم قال : " لو تعلم البهائم من الموت ما تعلمون ما أكلتم منها سمينا أبدا " .

علي وأبو العلاء صدوقان ، وعطية فيه ضعف . وقد روي نحوه عن زيد بن أرقم .

وقال القاسم بن الفضل الحداني ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري قال : بينما راع يرعى بالحرة ، إذ عرض ذئب لشاة ، فحال الراعي بين الذئب والشاة ، فأقعى الذئب على ذنبه ، ثم قال للراعي : ألا تتقي الله ! تحول بيني وبين رزق ساقه الله إلي ؟ فقال الراعي : العجب من ذئب مقع على ذنبه يتكلم بكلام الإنس ! فقال الذئب : ألا أحدثك بأعجب مني : رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الحرتين يحدث الناس بأنباء ما قد سبق . فساق الراعي شاءه حتى أتى المدينة فزواها زاوية ، ثم دخل على النبي صلى الله عليه وسلم ، فحدثه بحديث الذئب ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس فقال [ ص: 309 ] للراعي : قم فأخبرهم . قال : فأخبر الناس بما قال الذئب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صدق الراعي ، ألا إنه من أشراط الساعة كلام السباع للإنس ، والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنس ، ويكلم الرجل شراك نعله وعذبة سوطه ، ويخبره فخذه بما أحدث أهله بعده . أخرجه الترمذي ، وقال : صحيح غريب .

وقال عبد الحميد بن بهرام ، ومعقل بن عبيد الله ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي هريرة ، أو عن أبي سعيد الخدري نحوه . وهو حديث حسن صحيح الإسناد .

وقال سفيان بن حمزة : حدثنا عبد الله بن عامر الأسلمي ، عن ربيعة بن أوس ، عن أنس بن عمرو ، عن أهبان بن أوس ، أنه كان في غنم له ، فكلمه الذئب ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم . قال البخاري : ليس إسناده بالقوي .

وقال يوسف بن عدي : حدثنا جعفر بن جسر قال : أخبرني أبي ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن حرملة ، عن سعيد بن المسيب قال : قال ابن عمر : كان راع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في غنم له ، إذ جاء الذئب فأخذ شاة ، ووثب الراعي حتى انتزعها من فيه ، فقال له الذئب : أما تتقي الله أن تمنعني طعمة أطعمنيها الله تنزعها مني ! وذكر الحديث .

وقال منصور ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل . البخاري .

وقال قريش بن أنس : حدثنا صالح بن أبي الأخضر ، عن الزهري ، [ ص: 310 ] عن رجل ، قال : سمعت أبا ذر رضي الله عنه يقول : لا أذكر عثمان إلا بخير بعد شيء رأيته : كنت رجلا أتتبع خلوات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرأيته وحده ، فجلست ، فجاء أبو بكر فسلم وجلس ، ثم جاء عمر ، ثم عثمان ، وبين يدي النبي صلى الله عليه وسلم سبع حصيات ، فأخذهن فوضعهن في كفه ، فسبحن ، حتى سمعت لهن حنينا كحنين النحل ، ثم وضعهن فخرسن ، ثم أخذهن فوضعهن في يد أبي بكر فسبحن ، ثم وضعهن فخرسن ، ثم وضعهن في يد عمر فسبحن ، ثم وضعهن في يد عثمان فسبحن ، ثم وضعهن فخرسن ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذه خلافة النبوة " .

صالح لم يكن حافظا ، والمحفوظ رواية شعيب بن أبي حمزة ، عن الزهري قال : ذكر الوليد بن سويد أن رجلا من بني سليم كبير السن كان ممن أدرك أبا ذر بالربذة ذكر له ، فذكر هذا الحديث عن أبي ذر .

ويروى مثله عن جبير بن نفير ، وعن عاصم بن حميد ، عن أبي ذر . وجاء مثله عن أنس من وجهين منكرين .

وقال عبد الواحد بن أيمن : حدثني أبي ، عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو إلى نخلة ، فقيل : ألا نجعل لك منبرا ؟ قال : " إن شئتم " . فجعلوا له منبرا ، فلما كان يوم الجمعة ذهب إلى المنبر ، فصاحت النخلة صياح الصبي ، فنزل فضمها إليه . كانت تئن أنين الصبي الذي يسكت قال : " كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها " . البخاري . ورواه جماعة عن جابر .

وقال أبو حفص بن العلاء المازني واسمه عمر عن نافع ، عن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب إلى جذع ، فلما وضع له المنبر حن إليه حتى أتاه فمسحه ، فسكن . أخرجه البخاري عن ابن مثنى ، عن [ ص: 311 ] يحيى بن كثير عنه ، وهو من غرائب الصحيح .

وقال عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن الطفيل بن أبي بن كعب ، عن أبيه : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إلى جذع ويخطب إليه ، فصنع لرسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر ، فلما جاوز النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الجذع خار حتى تصدع وانشق ، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم لما سمع صوت الجذع ، فمسحه بيده ، ثم رجع إلى المنبر ، فلما هدم المسجد أخذ ذلك الجذع أبي فكان عنده في بيته حتى بلي وأكلته الأرضة وعاد رفاتا . روي من وجهين عن ابن عقيل .

مالك عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " هل ترون قبلتي ههنا ، فوالله ما يخفى علي ركوعكم ولا سجودكم ، إني لأراكم وراء ظهري " . متفق عليه .

قال الشافعي : هذه كرامة من الله أبانه بها من خلفه .

وقال المختار بن فلفل ، عن أنس نحوه ، وفيه : " فإني أراكم من أمامي ومن خلفي ، وايم الذي نفسي بيده لو رأيتم ما رأيت لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا . قالوا يا رسول الله : وما رأيت ؟ " قال : رأيت الجنة والنار " . أخرجه مسلم .

وقال بشر بن بكر : حدثنا الأوزاعي ، عن ابن شهاب قال : أخبرني القاسم بن محمد ، عن عائشة ، قالت : دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا مستترة بقرام فيه صورة ، فهتكه ، ثم قال : إن أشد الناس عذابا يوم القيامة [ ص: 312 ] الذين يشبهون بخلق الله .

قال الأوزاعي : قالت عائشة : أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ببرنس فيه تمثال عقاب ، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده عليه فأذهبه الله عز وجل . وهذه الزيادة منقطعة .

وقال عاصم ، عن زر ، عن عبد الله قال : كنت غلاما يافعا في غنم لعقبة بن أبي معيط أرعاها ، فأتى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر ، فقال : يا غلام هل عندك لبن ؟ قلت : نعم ولكن مؤتمن . قال : فائتني بشاة لم ينز عليها الفحل . فأتيته بعناق جذعة ، فاعتقلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم دعا ومسح ضرعها حتى أنزلت ، فاحتلب في صحفة ، وسقى أبا بكر ، وشرب بعده ، ثم قال للضرع : اقلص ، فقلص فعاد كما كان ، ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : علمني من هذا القول ، فمسح رأسي ، وقال : إنك غلام معلم ، فأخذت عنه سبعين سورة ما نازعنيها بشر . إسناده حسن قوي .

مالك ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنس قال : قال أبو طلحة لأم سليم : لقد سمعت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفا ، أعرف فيه الجوع ، فهل عندك من شيء ؟ قالت : نعم . فأخرجت أقراصا من شعير ، ثم أخذت خمارا لها فلفته فيه ، ودسته تحت ثوبي ، وأرسلتني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوجدته جالسا في المسجد ومعه الناس ، فقمت عليهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرسلك أبو طلحة ؟ قلت : نعم . فقال لمن معه . قوموا . قال : فانطلق وانطلقت بين أيديهم ، حتى جئت أبا طلحة فأخبرته ، فقال : يا أم سليم قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس عندنا ما نطعمهم . فقالت : الله ورسوله أعلم . قال : فانطلق أبو طلحة حتى لقي [ ص: 313 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقبل معه حتى دخل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هلمي ما عندك يا أم سليم " . فأتت بذلك الخبز ، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ففت ، وعصرت عليه أم سليم عكة لها فأدمته ، ثم قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقول ، ثم قال : " ائذن لعشرة " ، فأذن لهم ، فأكلوا حتى شبعوا ، ثم خرجوا ، ثم قال : " ائذن لعشرة " ، فأذن لهم ، فأكلوا حتى شبعوا ، فأكل القوم وشبعوا ، وهم سبعون أو ثمانون رجلا . متفق عليه . وقد مر مثل هذا في غزوة الخندق من حديث جابر .

وقال سليمان التيمي ، عن أبي العلاء ، عن سمرة بن جندب ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بقصعة ، فيها طعام ، فتعاقبوها إلى الظهر منذ غدوه ، يقوم قوم ويقعد آخرون ، فقال رجل لسمرة : هل كانت تمد ؟ قال : فمن أيش تعجب ؟ ما كانت تمد إلا من ههنا ، وأشار إلى السماء ، وأشار يزيد بن هارون إلى السماء . هذا حديث صحيح .

وقال زيد بن الحباب ، عن الحسين بن واقد : حدثني عبد الله بن بريدة ، عن أبيه ، أن سلمان أتى النبي صلى الله عليه وسلم بهدية ، فقال : " لمن أنت " ؟ قال لقوم . قال : " فاطلب إليهم أن يكاتبوك " . قال : فكاتبوني على كذا وكذا نخلة أغرسها لهم ، ويقوم عليها سلمان حتى تطعم ، قال فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فغرس النخل كله ، إلا نخلة واحدة غرسها عمر ، فأطعم نخله من سنته إلا تلك النخلة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من غرسها " ؟ قالوا : عمر ، فغرسها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ، فحملت من عامها . رواته ثقات .

أخبرنا ابن أبي عمر ، وابن أبي الخير كتابة ، عن محمد بن أحمد وجماعة ، أن فاطمة بنت عبد الله أخبرتهم ، قالت : أخبرنا ابن ريذة ، [ ص: 314 ] قال : أخبرنا الطبراني قال : حدثنا الوليد بن حماد الرملي قال : حدثنا عبد الله بن الفضل قال : حدثني أبي ، عن أبيه عاصم بن عمر ، عن أبيه ، عن جده قتادة بن النعمان قال : أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قوس ، فدفعها إلي يوم أحد ، فرميت بها بين يديه حتى اندقت عن سيتها ، ولم أزل عن مقامي نصب وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ألقى السهام بوجهي ، كلما مال سهم منها إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ميلت رأسي لأقي وجهه ، فكان آخر سهم ندرت منه حدقتي على خدي ، وافترق الجمع ، فأخذت حدقتي بكفي ، فسعيت بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما رآها في كفي دمعت عيناه ، فقال : " اللهم إن قتادة فدى وجه نبيك بوجهه ، فاجعلها أحسن عينيه وأحدهما نظرا " ، فكانت أحد عينيه نظرا . غريب ، وروي من وجه آخر ذكرناه .

وقال حماد بن زيد : حدثنا المهاجر مولى آل أبي بكرة ، عن أبي العالية ، عن أبي هريرة قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمرات ، فقلت : ادع لي فيهن بالبركة . قال : فقبضهن ثم دعا فيهن بالبركة ، ثم قال : " خذهن فاجعلهن في مزود ، فإذا أردت أن تأخذ منهن ، فأدخل يدك ، فخذ ولا تنثرهن نثرا " . قال : فحملت من ذلك التمر كذا وكذا وسقا في سبيل الله ، وكنا نأكل ونطعم ، وكان المزود معلقا بحقوي لا يفارق حقوي فلما قتل عثمان انقطع . أخرجه الترمذي ، وقال : حسن غريب .

وروي في " جزء الحفار " من حديث أبي هريرة ، وفيه : فأخذت منه خمسين وسقا في سبيل الله ، وكان معلقا خلف رحلي ، فوقع في زمان عثمان فذهب . وله طريق أخرى غريبة .

[ ص: 315 ] وقال معقل بن عبيد الله ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستطعمه ، فأطعمه شطر وسق شعير ، فما زال الرجل يأكل منه وامرأته ومن ضيفاه حتى كاله ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له : " لو لم تكله لأكلتم منه وأقام لكم " .

وكانت أم مالك تهدي للنبي صلى الله عليه وسلم في عكة لها سمنا ، فيأتيها بنوها فيسألون الأدم ، وليس عندهم شيء ، فتعمد إلى الذي كانت تهدي فيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فتجد فيه سمنا ، فما زال يقيم لها أدم بنيها حتى عصرته ، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " أعصرتيها " ؟ قالت : نعم ، قال : لو تركتيها ما زال قائما . أخرجه مسلم .

وقال طلحة بن مصرف ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير . فنفدت أزواد القوم ، حتى هم أحدهم بنحر بعض حمائلهم ، فقال عمر : يا رسول الله لو جمعت ما بقي من الأزواد فدعوت الله عليها . ففعل ، فجاء ذو البر ببره ، وذو التمر بتمره ، فدعا حتى إنهم ملئوا أزوادهم ، فقال عند ذلك : " أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة " . أخرجه مسلم .

وروى نحوه وأطول منه المطلب بن عبد الله بن حنطب ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري ، عن أبيه رضي الله عنه ، وزاد : فما بقي في الجيش وعاء إلا ملئوه وبقي مثله ، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ، وقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، لا يلقى الله [ ص: 316 ] عبد مؤمن بها إلا حجب عن النار . رواه الأوزاعي عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية