صفحة جزء
[ ص: 386 ] باب قوله تعالى

( وإنك لعلى خلق عظيم )

قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا " .

وقال البخاري ومسلم : مالك ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين ، إلا أخذ أيسرهما ، ما لم يكن إثما ، فإذا كان إثما كان أبعد الناس منه ، وما انتقم لنفسه إلا أن تنتهك محارم الله ، فينتقم لله بها .

وقال هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده شيئا قط ، لا امرأة ولا خادما ، إلا أن يجاهد في سبيل الله ، ولا نيل منه شيء قط ، فينتقم من صاحبه ، إلا أن ينتهك شيء من محارم الله ، فينتقم لله . رواه مسلم .

وقال أنس : خدمته صلى الله عليه وسلم عشر سنين ، فوالله ما قال لي أف قط ، ولا قال لشيء فعلته : لم فعلت كذا ، ولا لشيء لم أفعله : ألا فعلت كذا ؟ .

وقال عبد الوارث ، عن أبي التياح ، عن أنس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا . أخرجه مسلم .

وقال حماد بن زيد ، عن ثابت ، عن أنس : كان صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، [ ص: 387 ] وأجمل الناس ، وأشجع الناس . متفق عليه .

وقال فليح ، عن هلال بن علي ، عن أنس : لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبابا ولا فاحشا ، ولا لعانا ، كان يقول لأحدنا عند المعتبة : ما له ترب جبينه . أخرجه البخاري .

وقال الأعمش ، عن شقيق ، عن مسروق ، عن عبد الله بن عمرو ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن فاحشا ، ولا متفحشا ، وأنه كان يقول : خياركم أحسنكم أخلاقا . متفق عليه .

وقال أبو داود : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، سمع أبا عبد الله الجدلي ، يقول : سألت عائشة عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : لم يكن فاحشا ، ولا متفحشا ، ولا سخابا في الأسواق ، ولا يجزي بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو ويصفح .

وقال شعبة ، عن قتادة : سمعت عبد الله بن أبي عتبة قال : سمعت أبا سعيد الخدري يقول : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها ، وكان إذا كره شيئا عرفناه في وجهه . متفق عليه .

وقال ابن عمر : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الحياء من الإيمان " .

وقال مالك ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنس قال : كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم وعليه برد غليظ الحاشية ، فأدركه أعرابي فجبذ بردائه جبذا شديدا ، حتى نظرت إلى صفحة عاتقه قد أثرت بها حاشية [ ص: 388 ] البرد ، ثم قال : يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك ، فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وسلم فضحك ، ثم أمر له بعطاء . متفق عليه .

وقال عبيد الله بن موسى ، عن شيبان ، عن الأعمش ، عن ثمامة بن عقبة ، عن زيد بن أرقم قال : كان رجل من الأنصار يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم ويأمنه ، وأنه عقد للنبي صلى الله عليه وسلم عقدا ، فألقاه في بئر فصرع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه ملكان يعودانه ، فأخبراه أن فلانا عقد له عقدا ، وهي في بئر فلان ، ولقد اصفر الماء من شدة عقده ، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم فاستخرج العقد ، فوجد الماء قد اصفر ، فحل العقد ، ونام النبي صلى الله عليه وسلم . فلقد رأيت الرجل بعد ذلك يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم ، فما رأيته في وجه النبي صلى الله عليه وسلم حتى مات .

وقال أبو نعيم : حدثنا عمران بن زيد أبو يحيى الملائي قال : حدثني زيد العمي ، عن أنس : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صافحه الرجل لا ينزع يده من يده ، حتى يكون الرجل ينزع ، وإن استقبله بوجهه ، لا يصرفه عنه ، حتى يكون الرجل ينصرف ، ولم ير مقدما ركبته بين يدي جليس له . أخرجهما الفسوي عنهما في تاريخه .

وقال مبارك بن فضالة ، عن ثابت ، عن أنس : ما رأيت رجلا التقم أذن النبي صلى الله عليه وسلم فينحي رأسه ، حتى يكون الرجل هو الذي ينحي رأسه ، وما رأيت رسول الله أخذ بيد رجل فترك يده ، حتى يكون الرجل هو الذي يدع يده . أخرجه أبو داود .

وقال سليمان بن يسار ، عن عائشة ، قالت : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 389 ] مستجمعا ضاحكا ، حتى أرى منه لهواته ، إنما كان يتبسم . متفق عليه .

وقال سماك بن حرب : قلت لجابر بن سمرة : أكنت تجالس النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم كثيرا ، كان لا يقوم من مصلاه حتى تطلع الشمس ، وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية ، فيضحكون ويتبسم . رواه مسلم .

وقال الليث بن سعد ، عن الوليد بن أبي الوليد ، أن سليمان بن خارجة أخبره ، عن أبيه ، أن نفرا دخلوا على زيد بن ثابت أبيه ، فقالوا : حدثنا عن بعض أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : كنت جاره ، فكان إذا نزل الوحي بعث إلي فآتيه ، فأكتب الوحي ، وكنا إذا ذكرنا الدنيا ذكرها معنا ، وإذا ذكرنا الآخرة ذكرها معنا ، وإذا ذكرنا الطعام ذكره معنا .

وقال إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن حارثة بن مضرب ، عن علي قال : لما كان يوم بدر ، اتقينا المشركين برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان أشد الناس بأسا ، وما كان أحد أقرب إلى المشركين منه .

وقال الثوري ، عن محمد بن المنكدر قال : سمعت جابرا يقول : لم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم شيئا قط فقال : لا . متفق عليه .

وقال يونس ، عن الزهري ، عن عبيد الله ، عن ابن عباس : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان . متفق عليه .

وقال حميد الطويل ، عن موسى بن أنس ، عن أبيه ، قال : أتى رجل [ ص: 390 ] النبي صلى الله عليه وسلم فسأله ، فأمر له بغنم بين جبلين ، فأتى قومه فقال : أسلموا فإن محمدا يعطي عطاء من لا يخاف الفاقة . أخرجه مسلم .

وقال معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في بيته يخصف نعله ، ويخيط ثوبه ، ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته .

وقال أبو صالح : حدثني معاوية بن صالح ، عن يحيى بن سعيد ، عن عمرة ، قيل لعائشة : ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته ؟ قالت : كان بشرا من البشر ، يفلي ثوبه ، ويحلب شاته ، ويخدم نفسه .

وقال شعبة : حدثني مسلم الأعور أبو عبد الله ، سمع أنسا يقول : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركب الحمار ، ويلبس الصوف ، ويجيب دعوة المملوك ، ولقد رأيته يومخيبر على حمار ، خطامه من ليف .

وقال مروان بن محمد الطاطري : حدثنا ابن لهيعة قال : حدثني عمار بن غزية ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أفكه الناس مع صبي .

وفي " الصحيح " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أبا عمير ما فعل النغير ؟

وقال حماد بن سلمة : أخبرنا ثابت ، عن أنس ، أن امرأة كان في عقلها شيء ، فقالت : يا رسول الله إن لي إليك حاجة ، فقال : يا أم فلان ، انظري أي طريق شئت قومي فيه ، حتى أقوم معك ، فخلا معها يناجيها ، حتى قضت حاجتها . أخرجه مسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية