صفحة جزء
[ ص: 107 ] يوم اليرموك

كانت وقعة مشهودة ، نزلت الروم اليرموك في رجب سنة خمس عشرة ، وقيل : سنة ثلاث عشرة وأراه وهما ، فكانوا في أكثر من مائة ألف ، وكان المسلمون ثلاثون ألفا ، وأمراء الإسلام أبو عبيدة ، ومعه أمراء الأجناد ، وكانت الروم قد سلسلوا أنفسهم الخمسة والستة في السلسلة لئلا يفروا ، فلما هزمهم الله جعل الواحد يقع في وادي اليرموك فيجذب من معه في السلسلة حتى ردموا الوادي ، واستووا فيما قيل بحافتيه ، فداستهم الخيل ، وهلك خلق لا يحصون . واستشهد يومئذ جماعة من أمراء المسلمين .

وقال محمد بن إسحاق : نزلت الروم اليرموك وهم مائة ألف ، عليهم السقلاب ، خصي لهرقل .

وقال ابن الكلبي : كانت الروم ثلاثمائة ألف ، عليهم ماهان ، رجل من أبناء فارس تنصر ولحق بالروم ، قال : وضم أبو عبيدة إليه أطرافه ، وأمده عمر بسعيد بن عامر بن حذيم ، فهزم الله المشركين بعد قتال شديد في خامس رجب سنة خمس عشرة .

وقال سعيد بن عبد العزيز : إن المسلمين يعني يوم اليرموك كانوا أربعة وعشرين ألفا ، وعليهم أبو عبيدة ، والروم عشرون ومائة ألف ، عليه باهان وسقلاب .

[ ص: 108 ] إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن ابن المسيب ، عن أبيه ، قال : خمدت الأصوات يوم اليرموك ، والمسلمون يقاتلون الروم إلا صوت رجل يقول : " يا نصر الله اقترب ، يا نصر الله اقترب " فرفعت رأسي فإذا هو أبو سفيان بن حرب تحت راية ابنه يزيد بن أبي سفيان .

الواقدي : حدثنا عبد الحميد بن جعفر ، عن أبيه ، عن ابن المسيب ، عن جبير بن الحويرث ، قال : حضرت اليرموك فلا أسمع إلا نقف الحديد ، إلا أني سمعت صائحا يقول : يا معشر المسلمين يوم من أيام الله ، أبلوا الله فيه بلاء حسنا ، فإذا هو أبو سفيان تحت راية ابنه .

قال سويد بن عبد العزيز ، عن حصين ، عن الشعبي ، عن سويد بن غفلة ، قال : لما هزمنا العدو يوم اليرموك أصبنا يلامق ديباج فلبسناها ، فقدمنا على عمر ونحن نرى أنه يعجبه ذلك ، فاستقبلناه وسلمنا عليه ، فشتمنا ورجمنا بالحجارة حتى سبقناه نعدو ، فقال بعضنا : لقد بلغه عنكم شر ، وقال بعض القوم : لعله في زيكم هذا ، فضعوه ، فوضعنا تلك الثياب وسلمنا عليه ، فرحب وساءلنا ، وقال : إنكم جئتم في زي أهل الكفر ، وإنكم الآن في زي أهل الإيمان ، وإنه لا يصلح من الديباج والحرير إلا هكذا ، وأشار بأربع أصابعه .

وعن مالك بن عبد الله قال : ما رأيت أشرف من رجل رأيته يوم اليرموك ، إنه خرج إليه علج فقتله ، ثم آخر فقتله ، ثم آخر فقتله ، ثم انهزموا وتبعهم وتبعته ، ثم انصرف إلى خباء عظيم له فنزل ، فدعا بالجفان ودعا من حوله ، قلت : من هذا ؟ قالوا : عمرو بن معدي كرب .

وعن عروة : قتل يومئذ النضر بن الحارث بن علقمة العبدري ، وعبد الله بن سفيان بن عبد الأسد المخزومي .

[ ص: 109 ] وقال ابن سعد : قتل يومئذ نعيم بن عبد الله النحام العدوي . قلت : وقد ذكر .

وقيل : كان على مجنبة أبي عبيدة يومئذ قباث بن أشيم الكناني الليثي .

ويقال : قتل يومئذ عكرمة بن أبي جهل ، وعبد الرحمن بن العوام ، وعياش بن أبي ربيعة ، وعامر بن أبي وقاص الزهري .

التالي السابق


الخدمات العلمية