صفحة جزء
[ ص: 146 ] [ ص: 147 ] سيرة ذي النورين عثمان رضي الله عنه

[ ص: 148 ] [ ص: 149 ] ذو النورين عثمان

عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس ، أمير المؤمنين ، أبو عمرو ، وأبو عبد الله ، القرشي الأموي .

روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الشيخين .

قال الداني : عرض القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم وعرض عليه أبو عبد الرحمن السلمي ، والمغيرة بن أبي شهاب ، وأبو الأسود ، وزر بن حبيش .

روى عنه : بنوه : أبان وسعيد وعمرو ، ومولاه حمران ، وأنس ، وأبو أمامة بن سهل ، والأحنف بن قيس ، وسعيد بن المسيب ، وأبو وائل ، وطارق بن شهاب ، وعلقمة ، وأبو عبد الرحمن السلمي ، ومالك بن أوس بن الحدثان ، وخلق سواهم .

أحد السابقين الأولين ، وذو النورين ، وصاحب الهجرتين ، وزوج الابنتين . قدم الجابية مع عمر ، وتزوج رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل المبعث ، فولدت له عبد الله ، وبه كان يكنى ، وبابنه عمرو .

وأمه أروى بنت كريز بن حبيب بن عبد شمس ، وأمها البيضاء بنت عبد المطلب بن هاشم ، فهاجر برقية إلى الحبشة ، وخلفه النبي صلى الله عليه وسلم عليها [ ص: 150 ] في غزوة بدر ليداويها في مرضها ، فتوفيت بعد بدر بليال ، وضرب له النبي صلى الله عليه وسلم بسهمه من بدر وأجره ، ثم زوجه بالبنت الأخرى أم كلثوم .

ومات ابنه عبد الله ، وله ست سنين ، سنة أربع من الهجرة .

وكان عثمان فيما بلغنا لا بالطويل ولا بالقصير ، حسن الوجه ، كبير اللحية ، أسمر اللون ، عظيم الكراديس ، بعيد ما بين المنكبين ، يخضب بالصفرة ، وكان قد شد أسنانه بالذهب .

وعن أبي عبد الله مولى شداد ، قال : رأيت عثمان يخطب ، وعليه إزار غليظ ثمنه أربعة دراهم ، وريطة كوفية ممشقة ، ضرب اللحم أي : خفيفه طويل اللحية ، حسن الوجه .

وعن عبد الله بن حزم ، قال : رأيت عثمان ، فما رأيت ذكرا ولا أنثى أحسن وجها منه .

وعن الحسن ، قال : رأيته وبوجهه نكتات جدري ، وإذا شعره قد كسا ذراعيه .

وعن السائب ، قال : رأيته يصفر لحيته ، فما رأيت شيخا أجمل منه .

وعن أبي ثور الفهمي ، قال : قدمت على عثمان ، فقال : لقد [ ص: 151 ] اختبأت عند ربي عشرا : إني لرابع أربعة في الإسلام ، وما تعتيت ولا تمنيت ، ولا وضعت يميني على فرجي منذ بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا مرت بي جمعة منذ أسلمت إلا وأنا أعتق فيها رقبة ، إلا أن لا يكون عندي فأعتقها بعد ذلك ، ولا زنيت في جاهلية ولا إسلام قط .

وعن ابن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنا نشبه عثمان بأبينا إبراهيم صلى الله عليه وسلم " .

وعن عائشة نحوه إن صحا .

وعن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى عثمان عند باب المسجد فقال : " يا عثمان هذا جبريل يخبرني أن الله زوجك أم كلثوم بمثل صداق رقية ، وعلى مثل صحبتها " . أخرجه ابن ماجه .

ويروى عن أنس أو غيره ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا أبو أيم ، ألا أخو أيم يزوج عثمان ، فإني قد زوجته ابنتين ، ولو كان عندي ثالثة لزوجته ، وما زوجته إلا بوحي من السماء " .

وعن الحسن ، قال : إنما سمي عثمان ذا النورين لأنا لا نعلم أحدا أغلق بابه على ابنتي نبي غيره .

[ ص: 152 ] وروى عطية ، عن أبي سعيد ، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رافعا يديه يدعو لعثمان .

وعن عبد الرحمن بن سمرة ، قال : جاء عثمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم بألف دينار في ثوبه ، حين جهز جيش العسرة ، فصبها في حجر النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يقلبها بيده ويقول : " ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم " رواه أحمد في مسنده ، وغيره .

وفي مسند أبي يعلى ، من حديث عبد الرحمن بن عوف ، أنه جهز جيش العسرة بسبع مائة أوقية من ذهب .

وقال خليد ، عن الحسن ، قال : جهز عثمان بسبع مائة وخمسين ناقة وخمسين فرسا ، يعني في غزوة تبوك .

وعن حبة العرني ، عن علي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رحم الله عثمان تستحييه الملائكة .

وقال المحاربي ، عن أبي مسعود ، عن بشر بن بشير الأسلمي ، عن أبيه ، قال : لما قدم المهاجرون المدينة استنكروا الماء ، وكانت لرجل من بني غفار عين يقال لها رومة ، وكان يبيع منها القربة بمد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تبيعها بعين في الجنة ؟ " فقال : ليس لي يا رسول الله عين غيرها ، لا أستطيع ذلك . فبلغ ذلك عثمان ، فاشتراها بخمسة وثلاثين ألف درهم ، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أتجعل لي مثل الذي جعلت [ ص: 153 ] له عينا في الجنة إن اشتريتها ؟ قال : " نعم " قال : قد اشتريتها وجعلتها للمسلمين .

وعن أبي هريرة ، قال : اشترى عثمان من رسول الله صلى الله عليه وسلم الجنة مرتين : يوم رومة ، ويوم جيش العسرة .

وقالت عائشة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا في بيته كاشفا عن فخذيه أو ساقيه ، فاستأذن أبو بكر ، ثم عمر ، وهو على تلك الحال فتحدثا ، ثم استأذن عثمان ، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسوى ثيابه ، فدخل فتحدث ، فلما خرج قلت : يا رسول الله دخل أبو بكر ، فلم تجلس له ، ثم دخل عمر ، فلم تهش له ، ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك ، قال : " ألا أستحيي من رجل تستحي منه الملائكة ؟ " رواه مسلم .

وروي نحوه من حديث علي ، وأبي هريرة ، وابن عباس .

وقال أنس : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر ، وأشدهم في دين الله عمر ، وأصدقهم حياء عثمان "

وعن طلحة بن عبيد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لكل نبي رفيق ، ورفيقي عثمان " . أخرجه الترمذي .

[ ص: 154 ] وفي حديث القف : ثم جاء عثمان ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ائذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه " .

وقال شعيب بن أبي حمزة ، عن الزهري ، قال : قال الوليد بن سويد : إن رجلا من بني سليم ، قال : كنت في مجلس فيه أبو ذر ، وأنا أظن في نفسي أن في نفس أبي ذر على عثمان معتبة لإنزاله إياه بالربذة ، فلما ذكر له عثمان ، عرض له بعض أهل المجلس بذلك ، فقال أبو ذر : لا تقل في عثمان إلا خيرا ، فإني أشهد لقد رأيت منظرا ، وشهدت مشهدا لا أنساه ، كنت التمست خلوات النبي صلى الله عليه وسلم لأسمع منه ، فجاء أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، قال : فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصيات ، فسبحن في يده حتى سمع لهن حنين كحنين النحل ، ثم ناولهن أبا بكر ، فسبحن في كفه ، ثم وضعهن في الأرض فخرسن ، ثم ناولهن عمر ، فسبحن في كفه ، ثم أخذهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعهن في الأرض فخرسن ، ثم ناولهن عثمان فسبحن في كفه ، ثم أخذهن منه ، فوضعهن فخرسن .

وقال سليمان بن يسار : أخذ جهجاه الغفاري عصا عثمان التي كان يتخصر بها ، فكسرها على ركبته ، فوقعت في ركبته الأكلة .

وقال ابن عمر : كنا نقول على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبو بكر ، ثم [ ص: 155 ] عمر ، ثم عثمان . رواه جماعة عن ابن عمر .

وقال الشعبي : لم يجمع القرآن أحد من الخلفاء من الصحابة غير عثمان ، ولقد فارق علي الدنيا وما جمعه .

وقال ابن سيرين : كان أعلمهم بالمناسك عثمان ، وبعده ابن عمر .

وقال ربعي : عن حذيفة : قال لي عمر بمنى : من ترى الناس يولون بعدي ؟ قلت : قد نظروا إلى عثمان .

وقال أبو إسحاق ، عن حارثة بن مضرب ، قال : حججت مع عمر ، فكان الحادي يحدو : إن الأمير بعده ابن عفان وحججت مع عثمان ، فكان الحادي يحدو : إن الأمير بعده علي وقال الجريري ، عن عبد الله بن شقيق ، عن الأقرع مؤذن عمر ، أن عمر دعا الأسقف ، فقال : هل تجدونا في كتبكم ؟ قال : نجد صفتكم وأعمالكم ، ولا نجد أسماءكم . قال : كيف تجدني ؟ قال : قرن من حديد ، قال : ما قرن من حديد ؟ قال : أمير شديد ، قال عمر : الله أكبر ، قال : فالذي بعدي ؟ قال : رجل صالح يؤثر أقرباءه ، قال عمر : يرحم الله [ ص: 156 ] ابن عفان ، قال : فالذي من بعده ؟ قال : صدع وكان حماد بن سلمة يقول : صدأ من حديد . فقال عمر : وادفراه وادفراه ، قال : مهلا يا أمير المؤمنين ، إنه رجل صالح ، ولكن تكون خلافته في هراقة من الدماء .

وقال حماد بن زيد : لئن قلت إن عليا أفضل من عثمان ، لقد قلت إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خانوا .

وقال ابن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان ، قال : كان نقش خاتم عثمان " آمنت بالذي خلق فسوى " .

وقال ابن مسعود حين استخلف عثمان : أمرنا خير من بقي ولم نأل .

وقال مبارك بن فضالة ، عن الحسن ، قال : رأيت عثمان نائما في المسجد ، ورداؤه تحت رأسه ، فيجيء الرجل فيجلس إليه ، ويجيء الرجل فيجلس إليه ، كأنه أحدهم ، وشهدته يأمر في خطبته بقتل الكلاب ، وذبح الحمام .

[ ص: 157 ] وعن حكيم بن عباد ، قال : أول منكر ظهر بالمدينة طيران الحمام ، والرمي يعني بالبندق فأمر عثمان رجلا فقصها ، وكسر الجلاهقات .

وصح من وجه ، أن عثمان قرأ القرآن كله في ركعة .

وقال عبد الله بن المبارك ، عن الزبير بن عبد الله ، عن جدته ، أن عثمان كان يصوم الدهر .

وقال أنس : إن حذيفة قدم على عثمان ، وكان يغزو مع أهل العراق قبل إرمينية ، فاجتمع في ذلك الغزو أهل الشام ، وأهل العراق ، فتنازعوا في القرآن حتى سمع حذيفة من اختلافهم ما يكره ، فركب حتى أتى عثمان ، فقال : يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في القرآن اختلاف اليهود والنصارى في الكتب ، ففزع لذلك عثمان ، فأرسل إلى حفصة أم المؤمنين : أن أرسلي إلي بالصحف التي جمع فيها القرآن ، فأرسلت إليه بها ، فأمر زيد بن ثابت ، وسعيد بن العاص ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، أن ينسخوها في المصاحف ، وقال : إذا اختلفتم أنتم وزيد في عربية فاكتبوها بلسان قريش ، فإن القرآن إنما نزل بلسانهم ، ففعلوا حتى كتبت المصاحف ، ثم رد عثمان الصحف إلى حفصة ، وأرسل إلى كل جند من أجناد المسلمين بمصحف ، وأمرهم أن يحرقوا كل مصحف يخالف المصحف الذي أرسل إليهم به ، فذلك زمان حرقت فيه المصاحف بالنار .

[ ص: 158 ] وقال مصعب بن سعد بن أبي وقاص خطب عثمان الناس ، فقال : أيها الناس ، عهدكم بنبيكم بضع عشرة ، وأنتم تمترون في القرآن ، وتقولون قراءة أبي ، وقراءة عبد الله ، يقول الرجل : والله ما تقيم قراءتك ، فأعزم على كل رجل منكم كان معه من كتاب الله شيء لما جاء به ، فكان الرجل يجيء بالورقة والأديم فيه القرآن ، حتى جمع من ذلك كثيرا ، ثم دخل عثمان ، فدعاهم رجلا رجلا ، فناشدهم : أسمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أمله عليك ؟ فيقول : نعم ، فلما فرغ من ذلك ، قال : من أكتب الناس ؟ قالوا : كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت ، قال : فأي الناس أعرب ؟ قالوا : سعيد بن العاص ، قال عثمان : فليمل سعيد وليكتب زيد ، فكتب مصاحف ففرقها في الناس .

وروى رجل ، عن سويد بن غفلة ، قال : قال علي في المصاحف : لو لم يصنعه عثمان لصنعته .

وقال أبو هلال : سمعت الحسن يقول : عمل عثمان اثنتي عشرة سنة ، ما ينكرون من إمارته شيئا .

وقال سعيد بن جمهان ، عن سفينة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الخلافة بعدي ثلاثون سنة ، ثم يكون ملكا " .

[ ص: 159 ] وقال قتادة ، عن عبد الله بن شقيق ، عن مرة البهزي ، قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " تهيج فتنة كالصياصي ، فهذا ومن معه على الحق " قال : فذهبت وأخذت بمجامع ثوبه فإذا هو عثمان .

ورواه الأشعث الصنعاني ، عن مرة . ورواه محمد بن سيرين ، عن كعب بن عجرة . وروي عن ابن عمر .

وقال قيس بن أبي حازم ، عن أبي سهلة مولى عثمان ، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل يسار عثمان ، ولون عثمان يتغير ، فلما كان يوم الدار وحصر فيها ، قلنا : يا أمير المؤمنين ألا تقاتل ؟ قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلي عهدا ، وإني صابر نفسي عليه .

أبو سهلة وثقه أحمد العجلي .

وقال الجريري : حدثني أبو بكر العدوي ، قال : سألت عائشة : هل عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد من الصحابة عند موته ؟ قالت : معاذ الله إلا أنه سار عثمان ، أخبره أنه مقتول ، وأمره أن يكف يده .

وقال شعبة : أخبرني أبو حمزة : سمعت أبي يقول : سمعت عليا يقول : الله قتل عثمان وأنا معه ، قال أبو حمزة : فذكرته لابن عباس ، فقال : صدق ، يقول : الله قتل عثمان ويقتلني معه .

[ ص: 160 ] قلت : قد كان علي يقول : عهد إلي النبي صلى الله عليه وسلم : لتخضبن هذه من هذه .

وقد روى شعبة ، عن حبيب بن الزبير ، عن عبد الرحمن بن الشرود ، أن عليا قال : إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان ممن قال الله تعالى : ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين [ الحجر ] .

ورواه عبد الله بن الحارث ، عن علي .

وقال مطرف بن الشخير : لقيت عليا ، فقال : يا أبا عبد الله ما بطأ بك ، أحب عثمان ؟ ثم قال : لئن قلت ذاك ، لقد كان أوصلنا للرحم ، وأتقانا للرب .

وقال سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل : لو انقض أحد لما صنعتم بابن عفان لكان حقيقا .

وقال هشام : حدثنا محمد بن سيرين ، عن عقبة بن أوس ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : يكون على هذه الأمة اثنا عشر خليفة ، منهم أبو بكر الصديق ، أصبتم اسمه ، وعمر الفاروق قرن من حديد ، أصبتم اسمه ، وعثمان ذو النورين ، أوتي كفلين من الرحمة ، قتل مظلوما ، [ ص: 161 ] أصبتم اسمه . رواه غير واحد عن محمد .

وقال عبد الله بن شوذب : حدثني زهدم الجرمي ، قال : كنت في سمر عند ابن عباس ، فقال : لأحدثنكم حديثا : إنه لما كان من أمر هذا الرجل يعني عثمان ما كان ، قلت لعلي : اعتزل هذا الأمر ، فوالله لو كنت في جحر لأتاك الناس حتى يبايعوك ، فعصاني ، وايم الله ليتأمرن عليه معاوية ، ذلك بأن الله يقول : ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا [ الإسراء ] .

وقال أبو قلابة الجرمي : لما بلغ ثمامة بن عدي قتل عثمان وكان أميرا على صنعاء بكى فأطال البكاء ، ثم قال : هذا حين انتزعت خلافة النبوة من أمة محمد ، فصار ملكا وجبرية ، من غلب على شيء أكله .

وقال يحيى بن سعيد الأنصاري : قال أبو حميد الساعدي وكان بدريا لما قتل عثمان : اللهم إن لك علي أن لا أضحك حتى ألقاك .

قال قتادة : ولي عثمان اثنتي عشرة سنة ، غير اثني عشر يوما . وكذا قال خليفة بن خياط ، وغيره .

[ ص: 162 ] وقال أبو معشر السندي : قتل لثماني عشرة خلت من ذي الحجة ، يوم الجمعة ، زاد غيره ، فقال : بعد العصر ، ودفن بالبقيع بين العشائين ، وهو ابن اثنتين وثمانين سنة . وهو الصحيح . وقيل : عاش ستا وثمانين سنة .

وعن عبد الله بن فروخ ، قال : شهدته ودفن في ثيابه بدمائه ، ولم يغسل . رواه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند ، وقيل : صلى عليه مروان ، ولم يغسل .

وجاء من رواية الواقدي : أن نائلة خرجت وقد شقت جيبها وهي تصرخ ، ومعها سراج ، فقال جبير بن مطعم : أطفئي السراج لا يفطن بنا ، فقد رأيت الغوغاء . ثم انتهوا إلى البقيع ، فصلى عليه جبير بن مطعم ، وخلفه أبو جهم بن حذيفة ، ونيار بن مكرم ، وزوجتا عثمان نائلة ، وأم البنين ، وهما دلتاه في حفرته على الرجال الذين نزلوا في قبره ، ولحدوا له وغيبوا قبره ، وتفرقوا .

ويروى أن جبير بن مطعم صلى عليه في ستة عشر رجلا ، والأول أثبت .

وروي أن نائلة بنت الفرافصة كانت مليحة الثغر ، فكسرت ثناياها بحجر ، وقالت : والله لا يجتليكن أحد بعد عثمان ، فلما قدمت على معاوية الشام ، خطبها ، فأبت .

[ ص: 163 ] وقال فيها حسان بن ثابت .


    قتلتم ولي الله في جوف داره
وجئتم بأمر جائر غير مهتدي     فلا ظفرت أيمان قوم تعاونوا
على قتل عثمان الرشيد المسدد

وقال كعب بن مالك :

يا للرجال لأمر هاج لي حزنا     لقد عجبت لمن يبكي على الدمن
إني رأيت قتيل الدار مضطهدا     عثمان يهدى إلى الأجداث في كفن

وقال بعضهم :

لعمر أبيك فلا تكذبن     لقد ذهب الخير إلا قليلا
لقد سفه الناس في دينهم     وخلى ابن عفان شرا طويلا

التالي السابق


الخدمات العلمية