صفحة جزء
مسلم بن يسار ( د ، س ، ق )

القدوة ، الفقيه ، الزاهد ، أبو عبد الله البصري ، مولى بني أمية ، وقيل : مولى بني تيم من موالي طلحة رضي الله عنه .

روى عن عبادة بن الصامت ولم يلقه ، وعن ابن عباس ، وابن عمر ، وأبيه يسار - فقيل : لأبيه صحبة - وعن أبي الأشعث الصنعاني ، وغيرهم .

حدث عنه محمد بن سيرين - وهو من طبقته - وقتادة ، وثابت البناني ، وأيوب السختياني ، ومحمد بن واسع ، وآخرون . [ ص: 511 ]

قال ابن عون : كان لا يفضل عليه أحد في زمانه .

وقال ابن سعد كان ثقة ، فاضلا ، عابدا ، ورعا .

وقال علي بن أبي حملة : قدم علينا مسلم بن يسار دمشق ، فقالوا له : يا أبا عبد الله ، لو علم الله أن بالعراق من هو أفضل منك ، لأتانا به . فقال : كيف لو رأيتم أبا قلابة .

روى هشام ، عن قتادة ، قال : مسلم بن يسار خامس خمسة من فقهاء البصرة .

وروى هشام بن حسان ، عن العلاء بن زياد أنه كان يقول : لو كنت متمنيا ، لتمنيت فقه الحسن ، وورع ابن سيرين ، وصواب مطرف ، وصلاة مسلم بن يسار .

روى حميد بن الأسود ، عن ابن عون ، قال : أدركت هذا المسجد وما فيه حلقة تنسب إلى الفقه إلا حلقة مسلم بن يسار .

قال ابن عون ، عن عبد الله بن مسلم بن يسار : إن أباه كان إذا صلى كأنه ود لا يميل لا هكذا ولا هكذا . [ ص: 512 ]

وقال غيلان بن جرير : كان مسلم بن يسار إذا صلى كأنه ثوب ملقى .

وقال ابن شوذب : كان مسلم بن يسار يقول لأهله إذا دخل في الصلاة : تحدثوا ; فلست أسمع حديثكم .

وروي أنه وقع حريق في داره وأطفئ ، فلما ذكر ذلك له قال : ما شعرت .

رواها سعيد بن عامر الضبعي ، عن معدي بن سليمان .

وقال هشام بن عمار وغيره : حدثنا أيوب بن سويد ، حدثنا السري بن يحيى ، حدثني أبو عوانة ، عن معاوية بن قرة ، قال : كان مسلم بن يسار يحج كل سنة ويحجج معه رجالا من إخوانه ، تعودوا ذلك ، فأبطأ عاما حتى فاتت أيام الحج ، فقال لأصحابه : اخرجوا . فقالوا : كيف ؟ قال : لا بد أن تخرجوا . ففعلوا استحياء منه ، فأصابهم حين جن عليهم الليل إعصار شديد حتى كاد لا يرى بعضهم بعضا ، فأصبحوا وهم ينظرون إلى جبال تهامة ، فحمدوا الله ، فقال : ما تعجبون من هذا في قدرة الله تعالى !

قال قتادة : قال مسلم بن يسار في الكلام في القدر : هما واديان عميقان ، يسلك فيهما الناس ، لن يدرك غورهما ، فاعمل عمل رجل تعلم أنه لن ينجيك إلا عملك ، وتوكل توكل رجل تعلم أنه لا يصيبك إلا ما كتب الله لك . [ ص: 513 ]

قال ابن عون : لما وقعت الفتنة زمن ابن الأشعث ، خف مسلم فيها ، وأبطأ الحسن ، فارتفع الحسن ، واتضع مسلم .

قلت : إنما يعتبر ذلك في الآخرة ، فقد يرتفعان معا .

قال أيوب السختياني : قيل لابن الأشعث : إن أردت أن يقتلوا حولك كما قتلوا يوم الجمل حول جمل عائشة فأخرج معك مسلم بن يسار . فأخرجه مكرها .

قال أيوب عن أبي قلابة : قال لي مسلم بن يسار : إني أحمد الله إليك ، أني لم أرم بسهم ، ولم أضرب فيها بسيف ، قلت له : فكيف بمن رآك بين الصفين فقال : هذا [ مسلم بن يسار ] لن يقاتل إلا على حق ، فقاتل حتى قتل ؟ فبكى - والله - حتى وددت أن الأرض انشقت ، فدخلت فيها .

قال أيوب السختياني : وفي القراء الذين خرجوا مع ابن الأشعث ، لا أعلم أحدا منهم قتل ، إلا رغب له عن مصرعه ، أو نجا إلا ندم على ما كان منه .

قال سفيان بن عيينة : إن الحسن البصري لما مات مسلم بن يسار قال : وامعلماه .

قلت : لمسلم - رحمة الله عليه - ترجمة حافلة في تاريخ الحافظ ابن عساكر . [ ص: 514 ]

قال خليفة بن خياط والفلاس : مات سنة مائة وقال الهيثم بن عدي : توفي سنة إحدى ومائة أما

التالي السابق


الخدمات العلمية