صفحة جزء
سليمان بن عبد الملك

ابن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية الخليفة أبو أيوب القرشي الأموي ، بويع بعد أخيه الوليد سنة ست وتسعين . وكان له دار كبيرة مكان طهارة جيرون وأخرى أنشأها للخلافة بدرب محرز ، وعمل لها قبة شاهقة صفراء .

وكان دينا فصيحا مفوها عادلا محبا للغزو ، يقال : نشأ بالبادية : مات بذات الجنب ، ونقش خاتمه : أومن بالله مخلصا ، وأمه وأم الوليد هي ولادة [ ص: 112 ] بنت العباس بن حزن العبسية .

ولسليمان من البنين : يزيد ، وقاسم ، وسعيد ، ويحيى ، وعبيد الله ، وعبد الواحد ، والحارث ، وغيرهم .

جهز جيوشه مع أخيه مسلمة برا وبحرا لمنازلة القسطنطينية ، فحاصرها مدة حتى صالحوا على بناء مسجدها . وكان أبيض كبير الوجه ، مقرون الحاجب جميلا ، له شعر يضرب منكبيه ، عاش تسعا وثلاثين سنة ، قسم أموالا عظيمة ، ونظر في أمر الرعية ، وكان لا بأس به ، وكان يستعين في أمر الرعية بعمر بن عبد العزيز ، وعزل عمال الحجاح ، وكتب : إن الصلاة كانت قد أميتت ، فأحيوها بوقتها ، وهم بالإقامة ببيت المقدس ، ثم نزل قنسرين للرباط ، وحج في خلافته . وقيل : رأى بالموسم الخلق ، فقال لعمر بن عبد العزيز : أما ترى هذا الخلق الذين لا يحصيهم إلا الله ، ولا يسع رزقهم غيره ! ؟ قال : يا أمير المؤمنين ! هؤلاء اليوم رعيتك ، وهم غدا خصماؤك ، فبكى وقال : بالله أستعين .

وعن ابن سيرين قال : يرحم الله سليمان افتتح خلافته بإحياء الصلاة ، واختتمها باستخلافه عمر . وكان سليمان ينهى الناس عن الغناء . وكان من الأكلة ، حتى قيل : إنه أكل مرة أربعين دجاجة ، وقيل : أكل مرة خروفا وست دجاجات ، وسبعين رمانة ، ثم أتي بمكوك زبيب طائفي [ ص: 113 ] فأكله . ولما مرض بدابق قال لرجاء بن حيوة الكندي : من لهذا الأمر ؟ قال : ابنك غائب ، قال : فالآخر ؟ قال : صغير ، قال : فمن ترى ؟ قال : عمر بن عبد العزيز ، قال : أتخوف إخوتي ، قال : ول عمر ، ثم من بعده يزيد بن عبد الملك ، وتكتب كتابا ، وتختمه ، وتدعوهم إلى بيعة من فيه ، قال : لقد رأيت . وكتب العهد ، وجمع الشرط ، وقال : من أبى البيعة ، فاقتلوه ، وفعل ذلك وتم ، ثم كفن سليمان في عاشر صفر سنة تسع وتسعين ، وصلى عليه عمر بن عبد العزيز ، وقيل عاش أربعين سنة ، وخلافته سنتان وتسعة أشهر وعشرون يوما ، عفا الله عنه . في آل مروان نصب ظاهر سوى عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- .

أخوه عبد الله بن عبد الملك الأمير ولي الديار المصرية بعد عبد العزيز بن مروان إلى أن صرف بقرة بن شريك سنة تسعين . وولي غزو الروم ، فأنشأ مدينة المصيصة وله دار بدمشق . قيل : مات بسر بن سعيد الفقيه فما ترك كفنا ، ومات سنة مائة عبد الله هذا ، فخلف ثمانين مد ذهب .

التالي السابق


الخدمات العلمية