صفحة جزء
قال جويرية بن أسماء : دخلنا على فاطمة بنت الإمام علي ، فأثنت على عمر بن عبد العزيز ، وقالت : فلو كان بقي لنا ما احتجنا بعد إلى أحد . وعن ضمرة ، قال : كتب عمر بن عبد العزيز إلى بعض عماله : أما بعد : فإذا دعتك قدرتك على الناس إلى ظلمهم ، فاذكر قدرة الله -تعالى- عليك ، ونفاد ما تأتي إليهم ، وبقاء ما يأتون إليك .

عمر بن ذر ، حدثني عطاء بن أبي رباح ، قال : حدثتني فاطمة امرأة عمر بن عبد العزيز أنها دخلت عليه ، فإذا هو في مصلاه يده على خده ، سائلة دموعه ، فقلت يا أمير المؤمنين ! ألشيء حدث ؟ قال يا فاطمة ! إني تقلدت أمر أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- فتفكرت في الفقير الجائع ، والمريض الضائع ، والعاري المجهود ، والمظلوم المقهور ، والغريب المأسور ، والكبير ، وذي [ ص: 132 ] العيال في أقطار الأرض ، فعلمت أن ربي سيسألني عنهم ، وأن خصمهم دونهم محمد -صلى الله عليه وسلم- فخشيت ألا تثبت لي حجة عند خصومته ، فرحمت نفسي فبكيت .

وروى حماد بن النضر ، عن محمد بن المنكدر ، عن عطاء عنها نحوه ، وقال : حدثتني بعد وفاة عمر .

قال الفريابي : حدثنا الأوزاعي أن عمر بن عبد العزيز جلس في بيته ، وعنده أشراف بني أمية ، فقال أتحبون أن أولي كل رجل منكم جندا من هذه الأجناد ، فقال له رجل منهم : لم تعرض علينا ما لا تفعله ؟ قال ترون بساطي هذا ؟ إني لأعلم أنه يصير إلى بلى ، وإني أكره أن تدنسوه علي بأرجلكم ، فكيف أوليكم ديني ؟ وأوليكم أعراض المسلمين وأبشارهم تحكمون فيهم ؟ هيهات هيهات ، قالوا : لم ، أما لنا قرابة ؟ أما لنا حق ؟ قال : ما أنتم وأقصى رجل من المسلمين عندي في هذا الأمر إلا سواء ، إلا رجل حبسه عني طول شقة .

يحيى بن أبي غنية ، عن حفص بن عمر بن أبي الزبير ، قال : كتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم : أن أدق قلمك ، وقارب بين أسطرك ، فإني أكره أن أخرج من أموال المسلمين ما لا ينتفعون به .

قال ميمون بن مهران : أقمت عند عمر بن عبد العزيز ستة أشهر ، ما رأيته غير رداءه ، كان يغسل من الجمعة إلى الجمعة ، ويبين بشيء من زعفران .

الثوري ، عن عمر بن سعيد بن أبي حسين قال : كان مؤذن لعمر بن عبد [ ص: 133 ] العزيز إذا أذن رعد ، فبعث إليه : أذن أذانا سمحا ولا تغنه وإلا فاجلس في بيتك .

وروى عمر بن ميمون ، عن أبيه ما زلت ألطف في أمر الأمة أنا وعمر بن عبد العزيز حتى قلت له : ما شأن هذه الطوامير التي تكتب فيها بالقلم الجليل هي من بيت المال ، فكتب إلى الآفاق بتركه ، فكانت كتبه نحو شبر .

قال حميد الطويل : أمل علي الحسن رسالة إلى عمر بن عبد العزيز ، فأبلغ ، ثم شكى الحاجة والعيال ، فقلت : يا أبا سعيد ! لا تهجن الكتاب بالمسألة اكتب هذا في غير ذا قال : دعنا منك ، فأمر بعطائه ، قال : قلت : يا أبا سعيد اكتب إليه في المشورة ، فإن أبا قلابة قال : كان جبريل ينزل بالوحي ، فما منعه -عليه السلام- ذلك أن أمره الله بالمشورة ، فقال : نعم ، فكتب بالمشورة فأبلغ . رواه حماد بن سلمة عنه .

خلف بن تميم حدثنا : عبد الله بن محمد ، عن الأوزاعي قال : كتب إلينا عمر بن عبد العزيز رسالة ، لم يحفظها غيري وغير مكحول : أما بعد ، فإنه من أكثر ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير ، ومن عد كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما ينفعه والسلام .

وقال الأوزاعي : كان عمر بن عبد العزيز إذا أراد أن يعاقب رجلا حبسه ثلاثا ، ثم عاقبه كراهية أن يعجل في أول غضبه .

معاوية بن صالح : حدثنا سعيد بن سويد أن عمر بن عبد العزيز صلى بهم [ ص: 134 ] الجمعة ثم جلس وعليه قميص مرقوع الجيب من بين يديه ومن خلفه ، فقال له رجل : يا أمير المؤمنين ! إن الله قد أعطاك ، فلو لبست ! فقال : أفضل القصد عند الجدة ، وأفضل العفو عند المقدرة .

قال جويرية بن أسماء : قال عمر بن عبد العزيز : إن نفسي تواقة ، وإنها لم تعط من الدنيا شيئا إلا تاقت إلى ما هو أفضل منه ، فلما أعطيت ما لا أفضل منه في الدنيا ، تاقت إلى ما هو أفضل منه ، يعني الجنة . .

قال حماد بن واقد : سمعت مالك بن دينار يقول : الناس يقولون عني : زاهد ، إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز الذي أتته الدنيا فتركها .

الفسوي : حدثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى ، حدثني أبي عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال : دعاني المنصور فقال : كم كانت غلة عمر بن عبد العزيز حين استخلف ؟ قلت : خمسون ألف دينار ، قال : كم كانت يوم موته ؟ قلت : مائتا دينار .

وعن مسلمة بن عبد الملك قال : دخلت على عمر وقميصه وسخ ، فقلت لامرأته ، وهي أخت مسلمة : - اغسلوه ، قالت : نفعل ، ثم عدت فإذا القميص على حاله ، فقلت لها ، فقالت والله ما له قميص غيره .

وروى إسماعيل بن عياش ، عن عمرو بن مهاجر : كانت نفقة عمر بن عبد العزيز كل يوم درهمين .

وروى سعيد بن عامر الضبعي ، عن عون بن المعتمر أن عمر بن عبد العزيز قال لامرأته : عندك درهم أشتري به عنبا ؟ قالت : لا ، قال : فعندك فلوس ؟ قالت لا ، أنت أمير المؤمنين ولا تقدر على درهم ، قال : هذا أهون [ ص: 135 ] من ‎معالجة الأغلال في جهنم . .

مروان بن معاوية ، عن رجل قال : كان سراج بيت عمر بن عبد العزيز على ثلاث قصبات فوقهن طين .

عبد الله بن إدريس ، عن أبيه ، عن أزهر صاحب له : قال : رأيت عمر بن عبد العزيز يخطب بخناصرة وقميصه مرقوع .

التالي السابق


الخدمات العلمية