صفحة جزء
مكحول الأزدي البصري

أبو عبد الله ، فروى عن ابن عمر ، وأنس . وعنه عمارة بن زاذان ، والربيع بن صبيح ، وهارون بن موسى النحوي . وثقه يحيى بن معين ، وقال أبو حاتم : لا بأس به . قلت : له في الأدب للبخاري أنه قال : كنت إلى جنب ابن عمر ، فعطس رجل من ناحية المسجد ، فقال ابن عمر : يرحمك الله إن كنت حمدت الله .

أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله سنة اثنتين وتسعين وستمائة ، أنبأنا عبد المعز بن محمد ، أخبرنا تميم الجرجاني ، أخبرنا أبو سعد الكنجروذي ، أنبأنا أبو عمرو الحيري ، أنبأنا أبو يعلى الموصلي ، حدثنا علي بن الجعد ، حدثنا ابن ثوبان ، عن أبيه ، عن مكحول ، عن جبير بن نفير ، عن ابن عمر ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : إن الله -تعالى- يقبل توبة العبد ما لم يغرغر هذا حديث عال صالح الإسناد ، أخرجه الترمذي والقزويني من حديث عبد [ ص: 161 ] الرحمن بن ثابت بن ثوبان ، عن أبيه ، وحسنه الترمذي ، وعند القزويني عن عبد الله بن عمر : فلم يصنع شيئا . صوابه : ابن عمر .

قال عباس : سمعت ابن معين يقول : مكحول رأى أبا هند الداري وواثلة ، وسمع أيضا من واثلة ، وفضالة بن عبيد ، وأنس ، وأخطأ من روى أنه دخل على أبي أمامة .

وقال يعقوب بن شيبة : روى مكحول عن سعد بن أبي وقاص وجماعة من الصحابة لم يسمع عنهم .

قال إسماعيل بن أمية : قال لي مكحول : عامة ما أحدثك فعن سعيد بن المسيب والشعبي . وقال تميم بن عطية : سمعت مكحولا يقول : اختلفت إلى شريح ستة أشهر أسمع ما يقضي به . قال سعيد بن عبد العزيز : قال مكحول : ما استودعت صدري شيئا سمعته إلا وجدته حين أريد . ثم قال شعبة : كان مكحول أفقه أهل الشام .

قال سعيد : كان إذا سئل عن شيء لا يجيب حتى يقول : لا حول ولا قوة إلا بالله ، هذا رأي ، والرأي يخطئ ويصيب . قال تميم بن عطية العبسي : كثيرا ما كان مكحول يسأل ، فيقول : ندانم يعني : لا أدري .

قال سعيد بن عبد العزيز : لم يكن عندنا أحد أحسن سمتا في العبادة من مكحول وربيعة بن يزيد .

قلت : هذا هو ربيعة بن يزيد الدمشقي القصير أحد الأئمة الثقات تابعي صغير . يروي عن أنس وعدة .

قال الأوزاعي وغيره : عن مكحول : لأن أقدم فتضرب عنقي أحب إلي من أن ألي القضاء . ولأن ألي القضاء أحب إلي من أن ألي بيت المال [ ص: 162 ]

وروى الأوزاعي وسعيد عنه ، قال : إن يكن في مخالطة الناس خير ، فالعزلة أسلم .

أبو المليح الرقي ، عن أبي هريرة الشامي قال : جلست إلى مكحول ، فقال : بأي وجه تلقون ربكم ، وقد زهدكم في أمر ، فرغبتم فيه ، ورغبكم في أمر ، فزهدتم فيه ؟ .

الوليد بن مسلم ، عن سعيد : أن مكحولا أعطي مرة عشرة آلاف دينار ، فكان يعطي الرجل من أصحابه خمسين دينارا ثمن الفرس .

الوليد بن مسلم ، عن ابن جابر ، قال : أقبل يزيد بن عبد الملك إلى مكحول في أصحابه فلما رأيناه ، هممنا بالتوسعة له ، فقال مكحول : دعوه يجلس حين أدرك ، يتعلم التواضع .

وقال سعيد بن عبد العزيز : كانوا يؤخرون الصلاة زمن الوليد ، ويستحلفون الناس : أنهم ما صلوا ، فأتى عبد الله بن أبي زكريا ، فاستحلف : ما صلى فحلف ، وأتى مكحول ، فقال : فلم جئنا إذا ؟ قال : فترك .

قال أبو حازم المديني : كتب عمر بن عبد العزيز إلى الشام : أن انظروا الأحاديث التي رواها مكحول في الديات فأحرقوها ، فأحرقت .

قال الأوزاعي كان الزهري ومكحول ، يقولان : أمروا هذه الأحاديث كما جاءت .

وقال ضمرة عن رجاء بن أبي سلمة ، عن أبي عبيد مولى سليمان . قال : ما سمعت رجاء بن حيوة يلعن أحدا إلا رجلين : يزيد بن المهلب ومكحولا ، قلت : أظنه لأجل القدر .

ضمرة عن علي بن حملة ، قال : كنا على ساقية بأرض الروم والناس [ ص: 163 ] يمرون ، وذلك في الغلس ، ورجل يقص ، فدعا ، فقال : اللهم ارزقنا رزقا طيبا ، واستعملنا صالحا ، فقال مكحول وهو في القوم : إن الله لا يرزق إلا طيبا .

ورجاء بن حيوة وعدي بن عدي ناحية ، فقال أحدهما لصاحبه : أسمعت ؟ قال : نعم . فقيل لمكحول : إن رجاء وعديا سمعاك . فشق عليه ، فقال له عبد الله بن زيد : أنا أكفيك رجاء ، فلما نزلوا ، جاء ابن زيد فأجرى ذكر مكحول ، فقال رجاء : دعه عنك ، أليس هو صاحب الكلمة ؟ فقال : ما تقول - رحمك الله - في رجل قتل يهوديا ، فأخذ منه ألف دينار فكان يأكل منها ، حتى مات : أرزق رزقه الله إياه ؟ فقال رجاء : كل من عند الله .

وقال ابن أبي حملة لمكحول : يجالسك غيلان فقال : إنما لنا مجلس ، فلا أستطيع أن أقول لهذا : قم ولهذا اجلس .

وقال رجاء بن أبي سلمة ، عن عاصم بن رجاء : قال : جاء مكحول إلى أبي فقال : يا أبا المقدام : إنهم يريدون دمي ، قال : قد حذرتك القرشيين ومجالستهم ، ولكنهم أدنوك وقربوك ، فحدثتهم بأحاديث ، فلما أفشوها عنك كرهتها . فراح فجاء الذين يعيبونه فذكروه ، فقال أبي : دعوه ، فقد كنتم حديثا وأنتم تحسنون ذكره .

قال رجاء : قال مكحول : ما زلت مستقلا بمن بغاني حتى أعانهم علي رجاء وذلك أنه رجل أهل الشام في أنفسهم .

قال عبد الرزاق : كان مكحول ، يقوله : يعني القدر ، وبلغنا أن مكحولا [ ص: 164 ] تنصل من القدر فرضي عنه الدولة ، وكان سعيد بن عبد العزيز ، يبرئه من القدر .

التالي السابق


الخدمات العلمية