صفحة جزء
يزيد بن الوليد

ابن عبد الملك بن مروان الخليفة أبو خالد القرشي الأموي الدمشقي .

[ ص: 375 ] الملقب بالناقص لكونه نقص عطاء الأجناد . توثب على ابن عمه الوليد بن يزيد ، وتم له الأمر كما مر ، واستولى على دار الخلافة في سنة ست وعشرين ، ولكنه ما متع ولا بلع ريقه .

ذكر سليمان بن أبي شيخ ، أن قتيبة بن مسلم الأمير غزا بما وراء النهر ، فظفر بابنتي فيروز بن الملك يزدجرد ، فبعث بهما إلى الحجاج ، فبعث منهما . بشاهفرند إلى الوليد ، فولدت له يزيد ، وجدة فيروز هي بنت خاقان ملك الترك ، وأمهما هي ابنة قيصر عظيم الروم ، فكان يفتخر ، ويقول :

أنا ابن كسرى وأبي فمروان وقيصر جدي وجدي خاقان



قال خليفة بن خياط : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن أبيه أن يزيد بن الوليد ، خطب عند قتل الوليد ، فقال : إني والله ما خرجت أشرا ولا بطرا ، ولا حرصا على الدنيا ، ولا رغبة في الملك ، وإني لظلوم لنفسي إن لم يرحمني ربي ، ولكن خرجت غضبا لله ولدينه ، وداعيا إلى كتاب الله وسنة نبيه ، حين درست معالم الهدى ، وطفئ نور أهل التقوى ، وظهر الجبار المستحل للحرمة ، والراكب البدعة ، فأشفقت إذ غشيكم ظلمه أن لا يقلع عنكم من ذنوبكم ، وأشفقت أن يدعو أناسا إلى ما هو عليه ، فاستخرت الله ، ودعوت من أجابني ، فأراح الله منه البلاد والعباد .

أيها الناس إن لكم عندي إن وليت أن لا أضع لبنة على لبنة ، ولا أنقل مالا من بلد إلى بلد حتى أسد الثغور ، فإن فضل شيء رددته إلى البلد الذي يليه ، حتى تستقيم المعيشة وتكون فيه سواء ، فإن أردتم بيعتي على الذي بذلت لكم ، فأنا لكم ، وإن ملت ، فلا بيعة لي عليكم ، وإن رأيتم أقوى مني عليها ، فأردتم بيعته ، فأنا أول من يبايع ، ويدخل في طاعته ، وأستغفر الله لي ولكم ، قال عثمان بن أبي العاتكة : أول من خرج بالسلاح في العيد يزيد بن الوليد [ ص: 376 ] خرج بين صفين من الخيل في السلاح من باب الحصن إلى المصلى .

وعن أبي عثمان الليثي ، أن يزيد الناقص ، قال : يا بني أمية إياكم والغناء ، فإنه ينقص الحياء ، ويزيد في الشهوة ، ويهدم المروءة ، وينوب عن الخمر ، فإن كنتم لا بد فاعلين ، فجنبوه النساء ، فإن الغناء داعية الزنى .

محمد بن عبد الله بن عبد الحكم : سمعت الشافعي يقول : لما ولي يزيد بن الوليد ، دعا الناس إلى القدر ، وحملهم عليه ، وقرب غيلان القدري أو قال : أصحاب غيلان . قلت : كان غيلان قد صلبه هشام قبل هذا الوقت بمدة .

مات يزيد الناقص في سابع ذي الحجة سنة ست وعشرين ومائة فكانت دولته ستة أشهر ، ومات . وكان شابا أسمر نحيفا ، حسن الوجه ، وقيل : مات بالطاعون ، وبويع من بعده أخوه إبراهيم بن الوليد ، ودفن بباب الصغير ، سامحه الله .

وقال ابن الفوطي في " معجم الألقاب " : إن لقبه : الشاكر لله ، ولد سنة ثمانين . وتوفي يوم الأضحى بالطاعون بدمشق . وآخر ما تكلم به : واحسرتاه ، وا أسفاه . ودفن بباب الفراديس ، وكان مربوعا أسمر ، خفيف العارضين ، فصيحا ، شديد العجب يقال : نبشه مروان الحمار وصلبه . وهو عند المعتزلة أفضل من عمر بن عبد العزيز للمذهب .

وليزيد من الأولاد خالد ، والوليد ، وعبد الله ، وعبد الرحمن ، وأصبغ ، وأبو بكر ، وعبد المؤمن ، وعلي .

التالي السابق


الخدمات العلمية