صفحة جزء
ابن أم مكتوم

مختلف في اسمه ; فأهل المدينة يقولون : عبد الله بن قيس بن زائدة بن الأصم بن رواحة القرشي العامري .

وأما أهل العراق ، فسموه عمرا . وأمه أم مكتوم ، هي عاتكة بنت عبد الله بن عنكثة بن عامر بن مخزوم بن يقظة المخزومية . من السابقين المهاجرين .

وكان ضريرا مؤذنا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع بلال ، وسعد القرظ ، وأبي محذورة ، [ ص: 361 ] مؤذن مكة .

هاجر بعد وقعة بدر بيسير ، قاله ابن سعد ، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحترمه ، ويستخلفه على المدينة ، فيصلي ببقايا الناس .

قال الشعبي : استخلف النبي - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن أم مكتوم يؤم الناس ، وكان ضريرا وذلك في غزوة تبوك . كذا قال ، والمحفوظ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما استعمل على المدينة عامئذ علي بن أبي طالب .

وقال قتادة : استخلف النبي - صلى الله عليه وسلم - ابن أم مكتوم مرتين على المدينة ، وكان أعمى .

وروى مجالد عن الشعبي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استخلف ابن أم مكتوم على المدينة في غزوة بدر . فهذا يبطل ما تقدم ، ويبطله أيضا حديث أبي إسحاق عن البراء قال : أول من قدم علينا مصعب بن عمير ، ثم أتانا بعده عمرو بن أم مكتوم ، فقالوا له : ما فعل من وراءك ؟ قال : هم أولاء على أثري .

شعبة : عن أبي إسحاق ، سمع البراء يقول : أول من قدم علينا مصعب بن عمير ، وابن أم مكتوم ، فجعلا يقرئان الناس القرآن . [ ص: 362 ]

حماد بن سلمة : حدثنا أبو ظلال ، قال : كنت عند أنس ، فقال : متى ذهبت عينك ؟ قلت : وأنا صغير . فقال : إن جبريل أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعنده ابن أم مكتوم ، فقال : متى ذهب بصرك ؟ قال : وأنا غلام ، فقال : قال الله تعالى : إذا أخذت كريمة عبدي لم أجد له جزاء إلا الجنة .

قالت عائشة : كان ابن أم مكتوم مؤذنا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو أعمى .

وروى حجاج بن أرطاة ، عن شيخ عن بعض مؤذني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : كان بلال يؤذن ، ويقيم ابن أم مكتوم ، وربما أذن ابن أم مكتوم ، وأقام بلال . إسناده واه .

وقال ابن عمر : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن بلالا يؤذن بليل ، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم وكان أعمى لا ينادي حتى يقال له : أصبحت أصبحت .

قال عروة : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - مع رجال من قريش منهم عتبة بن ربيعة ، فجاء ابن أم مكتوم يسأل عن شيء ، فأعرض عنه ، فأنزلت عبس وتولى أن جاءه الأعمى [ عبس : 1 ] .

[ ص: 363 ] الواقدي : حدثني عبيد الله بن نوح ، عن محمد بن سهل بن أبي حثمة ، قال : استخلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابن أم مكتوم على المدينة ، فكان يجمع بهم ويخطب إلى جنب المنبر يجعله على يساره .

يونس بن أبي إسحاق ، عن أبيه عن عبد الله بن معقل ، قال : نزل ابن أم مكتوم على يهودية بالمدينة كانت ترفقه ، وتؤذيه في النبي - صلى الله عليه وسلم - فتناولها فضربها ، فقتلها ، فرفع ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال هو : أما والله إن كانت لترفقني ، ولكن آذتني في الله ورسوله . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أبعدها الله ، قد أبطلت دمها .

أبو إسحاق : عن البراء قال : لما نزلت : لا يستوي القاعدون دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - زيدا وأمره ، فجاء بكتف وكتبها ، فجاء ابن أم مكتوم ، فشكا ضرارته ، فنزلت غير أولي الضرر .

[ ص: 364 ] ثابت البناني : عن ابن أبي ليلى ، أن ابن أم مكتوم قال : أي رب ، أنزل عذري . فأنزلت غير أولي الضرر فكان بعد يغزو ويقول : ادفعوا إلي اللواء ، فإني أعمى لا أستطيع أن أفر ، وأقيموني بين الصفين .

عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن خارجة بن زيد ، عن أبيه ، قال : كنت إلى جانب النبي : - صلى الله عليه وسلم - فغشيته السكينة ، فوقعت فخذه على فخذي ، فما وجدت شيئا أثقل منها ، ثم سري عنه ، فقال لي : اكتب فكتبت في كتف " لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون " . فقام عمرو بن أم مكتوم ، فقال : فكيف بمن لا يستطيع ، فما انقضى كلامه حتى غشيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السكينة ، ثم سري عنه ، فقال : اكتب غير أولي الضرر .

قال زيد : أنزلها الله وحدها ، فكأني أنظر إلى ملحقها عند صدع الكتف .

ابن أبي عروبة : عن قتادة ، عن أنس : أن عبد الله بن أم مكتوم يوم القادسية كانت معه راية سوداء ، عليه درع له . [ ص: 365 ]

أبو هلال : عن قتادة ، عن أنس : أن عبد الله بن زائدة - وهو ابن أم مكتوم - كان يقاتل يوم القادسية وعليه درع له حصينة سابغة .

قال الواقدي : شهد القادسية معه الراية ، ثم رجع إلى المدينة ، فمات بها ، ولم نسمع له بذكر بعد عمر .

قلت : ويقال استشهد يوم القادسية .

حدث عنه عبد الرحمن بن أبي ليلى مرسل ، وأبو رزين الأسدي وغيرهما .

والقادسية ملحمة كبرى تمت بالعراق ، وعلى المسلمين سعد بن أبي وقاص ، وعلى المشركين رستم ، وذو الحاجب ، والجالينوس .

قال أبو وائل : كان المسلمون أزيد من سبعة آلاف ، وكان العدو أربعين وقيل : ستين ألفا معهم سبعون فيلا .

قال المدائني : اقتتلوا ثلاثة أيام في آخر شوال سنة خمس عشرة ، فقتل رستم وانهزموا .

التالي السابق


الخدمات العلمية