صفحة جزء
عطاء السليمي

البصري العابد ، من صغار التابعين . أدرك أنس بن مالك ، وسمع من الحسن البصري ، وجعفر بن زيد ، وعبد الله بن غالب الزاهد .

واشتغل بنفسه عن الرواية .

روى عنه مرجى بن وداع ، وإبراهيم بن أدهم ، وخليد بن دعلج ، وصالح [ ص: 87 ] المري ، وعبد الواحد بن زياد ، وآخرون حكايات ، وما أظنه روى شيئا مسندا .

وكان قد أرعبه فرط الخوف من الله .

روى جماعة عن بشر بن منصور قال : قلت لعطاء السليمي : أرأيت لو أن نارا أشعلت ، ثم قيل : من اقتحمها نجا . ترى كان يدخلها أحد ؟! قال : لو قيل ذلك ، لخشيت أن تخرج نفسي فرحا قبل أن أصل إليها .

قال نعيم بن مورع : أتينا عطاء السليمي فجعل يقول : ليت عطاء لم تلده أمه ، وكرر ذلك حتى اصفرت الشمس .

وكان يقول في دعائه : اللهم ارحم غربتي في الدنيا ، وارحم مصرعي عند الموت ، وارحم قيامي بين يديك .

قال أحمد الدورقي : حدثنا علي بن بكار ، قال : تركت عطاء السليمي ، فمكث أربعين سنة على فراشه لا يقوم من الخوف ، ولا يخرج ، وكان يوضأ على فراشه .

وقال أبو سليمان الداراني : اشتد خوفه ، فكان لا يسأل الجنة ، بل يسأل العفو .

ويقال : نسي عطاء القرآن من الخوف ، ويقول : التمسوا لي أحاديث الرخص ليخف ما بي .

وقيل : كان إذا بكى ، بكى ثلاثة أيام بلياليها .

قال صالح المري : قلت له : يا شيخ قد خدعك إبليس ، فلو شربت ما تقوى به على صلاتك ووضوئك ؟ فأعطاني ثلاثة دراهم ، وقال : تعاهدني كل يوم بشربة سويق . فشرب يومين وترك ، وقال : يا صالح ، إذا ذكرت جهنم ، ما يسعني طعام ولا شراب .

وقيل : إنه بكى حتى عمش ، وربما غشي عليه عند الموعظة .

[ ص: 88 ] وقيل : إنه شيع جنازة ، فغشي عليه أربع مرات .

وعن خليد بن دعلج قال : كنا عند عطاء السليمي ، فقيل له : إن ابن علي قتل أربعمائة من أهل دمشق على دم واحد ، فقال متنفسا : هاه ، ثم خر ميتا .

وقيل : كان إذا جاء برق وريح ، ورعد ، قال : هذا من أجلي يصيبكم ، لو مت ، استراح الناس . ولعطاء حكايات في الخوف وإزرائه على نفسه .

وقيل : إنه مات بعد الأربعين ومائة . رحمة الله عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية