وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون 
عاد الكلام إلى العبرة بقصص 
بني إسرائيل  مع 
موسى    - عليه السلام - ؛ لأن قصة رفع 
الطور  عليهم من أمهات قصصهم ، وليست مثل قصة القرية الذين اعتدوا في   
[ ص: 165 ] السبت ، ولا مثل خبر إيذانهم بمن يسومهم سوء العذاب . فضمائر الجمع كلها هنا مراد بها 
بنو إسرائيل  الذين كانوا مع 
موسى ،  بقرينة المقام . 
والجملة معطوفة على الجمل قبلها . 
و ( إذ ) متعلقة بمحذوف تقديره : واذكر 
إذ نتقنا الجبل فوقهم   . 
والنتق الفصل والقلع . والجبل 
الطور    . 
وهذه آية أظهرها الله لهم تخويفا لهم ، لتكون مذكرة لهم ، فيعقب ذلك أخذ العهد عليهم بعزيمة العمل بالتوراة ، فكان رفع 
الطور  معجزة 
لموسى    - عليه السلام - تصديقا له فيما سيبلغهم عن الله من أخذ أحكام التوراة بعزيمة ومداومة ، والقصة تقدمت في سورة البقرة عند قوله - تعالى - 
وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور   . 
والظلة السحابة ، وجملة خذوا ما آتيناكم مقولة لقول محذوف يدل عليه نظم الكلام ، وحذف القول في مثله شائع كثير ، وتقدم نظيرها في سورة البقرة . 
وعدي ( واقع ) بالباء : للدلالة على أنهم كانوا مستقرين في الجبل فهو إذا ارتفع وقع ملابسا لهم ففتتهم ، فهم يرون أعلاه فوقهم وهم في سفحه ، وهذا وجه الجمع بين قوله فوقهم وبين باء الملابسة ، وجعل بعض المفسرين الباء بمعنى " على " . 
وجملة 
خذوا ما آتيناكم بقوة مقول قول محذوف ، وتقدم تفسير نظيرها في سورة البقرة .