صفحة جزء
فإن تبتم فهو خير لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم

التفريع على جملة أن الله بريء من المشركين ، فيتفرع على ذلك حالتان : حالة التوبة وحالة التولي .

[ ص: 111 ] والخطاب للمشركين الذين أوذنوا بالبراءة ، والمعنى : فإن آمنتم فالإيمان خير لكم من العهد الذي كنتم عليه ; لأن الإيمان فيه النجاة في الدنيا والآخرة ، والعهد فيه نجاة الدنيا لا غير . والمراد بالتولي : الإعراض عن الإيمان . وأريد بفعل " توليتم " معنى الاستمرار ، أي إن دمتم على الشرك فاعلموا أنكم غير مفلتين من قدرة الله ، أي اعلموا أنكم قد وقعتم في مكنة الله ، وأوشكتم على العذاب .

وجملة وبشر الذين كفروا بعذاب أليم معطوفة على جملة وأذان من الله ورسوله لما تتضمنه تلك الجملة من معنى الأمر ، فكأنه قيل : فآذنوا الناس ببراءة الله ورسوله من المشركين ، وبأن من تاب منهم فقد نجا ومن أعرض فقد أوشك على العذاب ، ثم قال : وبشر المعرضين المشركين بعذاب أليم .

والبشارة أصلها الإخبار بما فيه مسرة ، وقد استعيرت هنا للإنذار ، وهو الإخبار بما يسوء ، على طريقة التهكم ، كما تقدم في قوله تعالى : فبشرهم بعذاب أليم في سورة آل عمران .

والعذاب الأليم : هو عذاب القتل والأسر والسبي ، وفيء الأموال ، كما قال تعالى : وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين فإن تعذيبهم يوم حنين بعضه بالقتل ، وبعضه بالأسر والسبي وغنم الأموال ، أي : أنذر المشركين بأنك مقاتلهم وغالبهم بعد انقضاء الأشهر الحرم ، كما يدل عليه قوله : فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم الآية .

التالي السابق


الخدمات العلمية