ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين 
عطف على قوله : 
ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم 
و ( ثم ) دالة على التراخي الرتبي فإن نزول السكينة ونزول الملائكة أعظم من النصر   
[ ص: 158 ] الأول يوم 
حنين ،  على أن التراخي الزمني مراد ; تنزيلا لعظم الشدة وهول المصيبة منزلة طول مدتها ، فإن أزمان الشدة تخيل طويلة وإن قصرت . 
والسكينة : الثبات واطمئنان النفس وقد تقدم بيانها عند قوله - تعالى : 
أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم في سورة البقرة ، وتعليقها بإنزال الله ، وإضافتها إلى ضميره : تنويه بشأنها وبركتها ، وإشارة إلى أنها سكينة خارقة للعادة ليست لها أسباب ومقدمات ظاهرة ، وإنما حصلت بمحض تقدير الله وتكوينه أنفا كرامة لنبيه - صلى الله عليه وسلم - وإجابة لندائه الناس ، ولذلك قدم ذكر الرسول قبل ذكر المؤمنين . 
وإعادة حرف ( على ) بعد حرف العطف : تنبيه على تجديد تعليق الفعل بالمجرور الثاني للإيماء إلى التفاوت بين السكينتين : فسكينة الرسول - عليه الصلاة والسلام - سكينة اطمئنان على المسلمين الذين معه وثقة بالنصر ، وسكينة المؤمنين سكينة ثبات وشجاعة بعد الجزع والخوف . 
والجنود جمع جند . والجند اسم جمع لا واحد له من لفظه ، وهو الجماعة المهيئة للحرب ، وواحده بياء النسب : جندي ، وقد تقدم عند قوله - تعالى : 
فلما فصل طالوت بالجنود في سورة البقرة . وقد يطلق الجند على الأمة العظيمة ذات القوة ، كما في قوله - تعالى : 
هل أتاك حديث الجنود فرعون وثمود في سورة البروج والمراد بالجنود هنا جماعات من الملائكة موكلون بهزيمة المشركين كما دل عليه فعل أنزل ، أي أرسلها الله لنصرة المؤمنين وإلقاء الرعب في قلوب المشركين ، ولذلك قال لم تروها ولكون الملائكة ملائكة النصر أطلق عليها اسم الجنود . 
وتعذيبه الذين كفروا : هو تعذيب القتل والأسر والسبي . 
والإشارة بـ 
وذلك جزاء الكافرين إلى العذاب المأخوذ من عذب