فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون 
تفريع كلام على الكلام السابق من ذكر فرحهم ، ومن إفادة قوله : 
قل نار جهنم أشد حرا من التعريض بأنهم أهلها وصائرون إليها .  
[ ص: 282 ] والضحك هنا كناية عن الفرح أو أريد ضحكهم فرحا لاعتقادهم ترويج حيلتهم على النبيء - صلى الله عليه وسلم - إذ أذن لهم بالتخلف . 
والبكاء كناية عن حزنهم في الآخرة فالأمر بالضحك وبالبكاء مستعمل في الإخبار بحصولهما قطعا إذ جعلا من أمر الله أو هو أمر تكوين مثل قوله : 
فقال لهم الله موتوا والمعنى أن فرحهم زائل وأن بكاءهم دائم . 
والضحك كيفية في الفم تتمدد منها الشفتان وربما أسفرتا عن الأسنان ، وهي كيفية تعرض عند السرور والتعجب من الحسن . 
والبكاء كيفية في الوجه والعينين تنقبض بها الوجنتان والأسارير والأنف ويسيل الدمع من العينين ، وذلك يعرض عند الحزن والعجز عن مقاومة الغلب . 
وقوله : 
جزاء بما كانوا يكسبون حال من ضميرهم ، أي جزاء لهم ، والمجعول جزاء هو البكاء المعاقب للضحك القليل لأنه سلب نعمة بنقمة عظيمة . 
وما كانوا يكسبون هو أعمال نفاقهم ، واختير الموصول في التعبير عنه لأنه أشمل مع الإيجاز . 
وفي ذكر فعل الكون وصيغة المضارع في يكسبون ما تقدم في قوله : 
ولكن كانوا أنفسهم يظلمون   .