قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده فأنى تؤفكون 
استئناف على طريقة التكرير لقوله قبله 
قل من يرزقكم من السماء والأرض   . وهذا مقام تقرير وتعديد الاستدلال ، وهو من دواعي التكرير وهو احتجاج عليهم بأن حال آلهتهم على الضد من صفات الله - تعالى - فبعد أن أقام عليهم الدليل على انفراد الله - تعالى - بالرزق وخلق الحواس وخلق الأجناس وتدبير جميع الأمور وأنه المستحق للإلهية بسبب   
[ ص: 161 ] ذلك الانفراد بين هنا أن آلهتهم مسلوبة من صفات الكمال وأن الله متصف بها . وإنما لم يعطف لأنه غرض آخر مستقل ، وموقع التكرير يزيده استقلالا . 
والاستفهام إنكار وتقرير بإنكار ذلك إذ ليس المتكلم بطالب للجواب ولا يسعهم إلا الاعتراف بذلك فهو في معنى نفي أن يكون من آلهتهم من يبدأ الخلق ثم يعيده ، فلذلك أمر النبيء - صلى الله عليه وسلم - بأن يرتقي معهم في الاستدلال بقوله : 
الله يبدأ الخلق ثم يعيده فصار مجموع الجملتين قصرا لصفة بدء الخلق وإعادته على الله - تعالى - قصر إفراد ، أي دون شركائكم ، أي فالأصنام لا تستحق الإلهية والله منفرد بها . 
وذكر إعادة الخلق في الموضعين مع أنهم لا يعترفون بها ضرب من الإدماج في الحجاج وهو فن بديع . 
وإضافة الشركاء إلى ضمير المخاطبين تقدم وجهه آنفا عند قوله : 
مكانكم أنتم وشركاؤكم 
وقوله : 
فأنى تؤفكون كقوله : 
فأنى تصرفون   . وأفكه : قلبه . والمعنى : فإلى أي مكان تقلبون . والقلب مجازي وهو إفساد الرأي . و أنى هنا استفهام عن مكان مجازي شبهت به الحقائق التي يحول فيها التفكير . واستعارة المكان إليها مثل إطلاق الموضوع عليها والمجال أيضا .