مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم وظلها تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار استئناف ابتدائي يرتبط بقوله 
الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم   . ذكر هنا بمناسبة ذكر ضده في قوله 
ولعذاب الآخرة أشق   . 
والمثل : هنا الصفة العجيبة ، قيل : هو حقيقة من معاني المثل ، كقوله تعالى 
ولله المثل الأعلى ، وقيل : هو مستعار من المثل الذي هو الشبيه في حالة عجيبة أطلق على الحالة العجيبة غير الشبيهة لأنها جديرة بالتشبيه بها . 
وجملة 
تجري من تحتها الأنهار خبر عن مثل باعتبار أنها من أحوال المضاف إليه . فهي من أحوال المضاف لشدة الملابسة بين المتضايفين ، كما يقال : صفة زيد أسمر . 
وجملة 
أكلها دائم خبر ثان ، والأكل بالضم : المأكول ، وتقدم . 
ودوام الظل كناية عن التفاف الأشجار بحيث لا فراغ بينها تنفذ منه الشمس ، كما قال تعالى 
وجنات ألفافا ، وذلك من محامد الجنات وملاذها . 
وجملة 
تلك عقبى الذين اتقوا مستأنفة .  
[ ص: 156 ] والإشارة إلى الجنة بصفاتها بحيث صارت كالمشاهدة ، والمعنى : تلك هي التي سمعتم أنها عقبى الدار للذين يوفون بعهد الله إلى قوله 
ويدرءون بالحسنة السيئة إلى قوله 
فنعم عقبى الدار هي 
الجنة التي وعد المتقون   . وقد علم أن الذين اتقوا هم المؤمنون الصالحون كما تقدم . وأول مراتب التقوى الإيمان . وجملة 
وعقبى الكافرين النار مستأنفة للمناسبة بالمضادة . وهي كالبيان لجملة 
ولهم سوء الدار   .