صفحة جزء
[ ص: 5 ] بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الحجر

سميت هذه السورة الحجر ، ولا يعرف لها اسم غيره ، ووجه التسمية أن اسم الحجر لم يذكر في غيرها .

والحجر اسم البلاد المعروفة به وهو حجر ثمود ، وثمود هم أصحاب الحجر ، وسيأتي الكلام عليه عند قوله تعالى ولقد كذب أصحاب الحجر ، والمكتبون في كتاتيب تونس يدعونها سورة ربما ; لأن كلمة ( ربما ) لم تقع في القرآن كله إلا في أول هذه السورة .

وهي مكية كلها ، وحكي الاتفاق عليه .

وعن الحسن استثناء قوله تعالى ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم بناء على أن سبعا من المثاني هي سورة الفاتحة وعلى أنها مدنية ، وهذا لا يصح ; لأن الأصح أن الفاتحة مكية .

واستثناء قوله تعالى كما أنزلنا على المقتسمين الذين جعلوا القرآن عضين بناء على تفسيرهم المقتسمين بأهل الكتاب وهو صحيح ، وتفسير جعلوا القرآن عضين أنهم قالوا : ما وافق منه كتابنا فهو صدق وما خالف كتابنا فهو كذب ، ولم يقل ذلك إلا يهود المدينة ، وهذا لا نصححه كما نبينه عند الكلام على تلك الآية .

[ ص: 6 ] ولو سلم هذا التفسير من جهتيه فقد يكون ; لأن اليهود سمعوا القرآن قبل هجرة النبيء - صلى الله عليه وسلم - بقليل فقالوا ذلك حينئذ ، على أنه قد روي أن قريشا لما أهمهم أمر النبيء - صلى الله عليه وسلم - استشاروا في أمره يهود المدينة .

وقال في الإتقان : ينبغي استثناء قوله ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين لما أخرجه الترمذي وغيره في سبب نزولها ، وأنها في صفوف الصلاة اهـ .

وهو يشير بذلك إلى ما رواه الترمذي من طريق نوح بن قيس الجذامي عن أبي الجوزاء عن ابن عباس قال : كانت امرأة تصلي خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حسناء ، فكان بعض القوم يتقدم حتى يكون في الصف الأول لئلا يراها ، ويستأخر بعضهم حتى يكون في الصف المؤخر أي : من صفوف الرجال فإذا ركع نظر من تحت إبطيه فأنزل الله تعالى ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين . قال الترمذي ورواه جعفر بن سليمان ولم يذكر ابن عباس ، وهذا أشبه أن يكون أصح من حديث نوح اهـ ، وهذا توهين لطريق نوح .

قال ابن كثير في تفسيره : وهذا الحديث فيه نكارة شديدة ، والظاهر أنه من كلام أبي الجوزاء فقط ليس فيه لابن عباس ذكر ، فلا اعتماد إلا على حديث جعفر بن سليمان وهو مقطوع .

وعلى تصحيح أنها مكية فقد عدت الرابعة والخمسين في عدد نزول السور ; نزلت بعد سورة يوسف وقبل سورة الأنعام .

ومن العجيب اختلافهم في وقت نزول هذه السورة وهي مشتملة على آية فاصدع بما تؤمر ، وقد نزلت عند خروج النبيء - صلى الله عليه وسلم - من دار الأرقم في آخر السنة الرابعة من بعثته .

وعدد آيها تسع وتسعون باتفاق العادين .

التالي السابق


الخدمات العلمية