وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين فانتقمنا منهم 
عطف قصة على قصة لما في كلتيهما من الموعظة ، وذكر هاتين القصتين المعطوفتين تكميل وإدماج إذ لا علاقة بينهما وبين ما قبلهما من قصة 
إبراهيم   [ ص: 71 ] والملائكة ، وخص بالذكر 
أصحاب الأيكة ،  وأصحاب الحجر    ; لأنهم مثل قوم 
لوط  في موعظة المشركين من الملائكة ; لأن أهل 
مكة  يشاهدون ديار هذه الأمم الثلاث . 
و ( إن ) مخففة ( إن ) وقد أهمل عملها بالتخفيف فدخلت على جملة فعلية ، واللام الداخلة على ( لظالمين ) اللام الفارقة بين ( إن ) التي أصلها مشددة وبين ( إن ) النافية . 
والأيكة : الغيضة من الأشجار الملتف بعضها ببعض ، واسم الجمع ( أيك ) ، وأطلقت هنا مرادا بها الجنس إذ قد كانت منازلهم في غيضة من الأشجار الكثيرة والورق ، وقد تخفف الأيكة فيقال ليكة . 
وأصحاب الأيكة    : هم 
قوم شعيب  عليه السلام وهم مدين    . وقيل 
أصحاب الأيكة  فريق من قوم 
شعيب  غير 
أهل مدين ،   فأهل مدين   سكان الحاضرة 
وأصحاب الأيكة  هم باديتهم ، وكان 
شعيب  رسولا إليهم جميعا ، قال تعالى ( 
كذب أصحاب الأيكة المرسلين إذ قال لهم شعيب ألا تتقون   ) ، وسيأتي الكلام على ذلك مستوفيا في سورة الشعراء . 
والظالمون : المشركون . 
والانتقام : العقوبة لأجل ذنب ، مشتقة من النقم ، وهو الإنكار على الفعل ، يقال : نقم عليه كما في هذه الآية ، ونقم منه أيضا . وتقدم في قوله ( 
وما تنقم منا   ) في سورة الأعراف ، وأجمل الانتقام في هذه الآية وبين في آيات أخرى مثل آية هود .