وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون 
عقب تحذيرهم من عذاب الآخرة والنداء على سوء ضلالهم في الدنيا بالأمر بإنذارهم استقصاء في الإعذار لهم . 
والضمير عائد إلى الظالمين ، وهم المشركون من أهل 
مكة  وغيرهم من عبدة الأصنام لقوله 
وهم لا يؤمنون وقوله 
وإلينا يرجعون   . 
وانتصب 
يوم الحسرة على أنه مفعول خلف عن المفعول الثاني لأنذرهم لأنه بمعنى أنذرهم عذاب يوم الحسرة . 
والحسرة : الندامة الشديدة الداعية إلى التلهف . 
والمراد بيوم الحسرة يوم الحساب ، أضيف اليوم إلى الحسرة لكثرة ما يحدث فيه من   
[ ص: 109 ] تحسر المجرمين على ما فرطوا فيه من أسباب النجاة ، فكان ذلك اليوم كأنه مما اختصت به الحسرة ، فهو يوم حسرة بالنسبة إليهم وإن كان يوم فرح بالنسبة إلى الصالحين . 
واللام في الحسرة على هذا الوجه لام العهد الذهني ، ويجوز أن يكون اللام عوضا عن المضاف إليه ، أي يوم حسرة الظالمين . 
ومعنى 
قضي الأمر تمم أمر الله بزجهم في العذاب فلا معقب له . 
ويجوز أن يكون المراد بالأمر أمر الله بمجيء يوم القيامة ، أي إذا حشروا . 
و ( إذ ) اسم زمان ، بدل من 
يوم الحسرة   . 
وجملة 
وهم في غفلة حال من الأمر وهي حال سببية ، إذ التقدير : إذ قضي أمرهم . 
والغفلة : الذهول عن شيء شأنه أن يعلم . 
ومعنى جملة الحال على الاحتمال الأول في معنى الأمر الكناية عن سرعة صدور الأمر بتعذيبهم ، أي قضي أمرهم على حين أنهم في غفلة ، أي بهت . وعلى الاحتمال الثاني تحذير من حلول يوم القيامة بهم قبل أن يؤمنوا كقوله 
لا تأتيكم إلا بغتة ، وهذا أليق بقوله 
وهم لا يؤمنون   . 
ومعنى 
وهم لا يؤمنون استمرار عدم إيمانهم إلى حلول قضاء الأمر يوم الحسرة . فاختيار صيغة المضارع فيه دون صيغة اسم الفاعل لما يدل عليه المضارع من استمرار الفعل وقتا فوقتا استحضارا لذلك الاستمرار العجيب في طوله وتمكنه .