[ ص: 10 ] المقدمة الأولى في التفسير والتأويل وكون التفسير علما 
التفسير مصدر فسر بتشديد السين الذي هو مضاعف فسر بالتخفيف من بابي نصر وضرب الذي مصدره الفسر ، وكلاهما فعل متعد فالتضعيف ليس للتعدية . 
والفسر الإبانة والكشف لمدلول كلام أو لفظ بكلام آخر هو أوضح لمعنى المفسر عند السامع ، ثم قيل المصدران والفعلان متساويان في المعنى ، وقيل يختص المضاعف بإبانة المعقولات ، قاله 
الراغب  وصاحب البصائر ، وكأن وجهه أن بيان المعقولات يكلف الذي يبينه كثرة القول ، كقول 
أوس بن حجر    : 
الألمعي الذي يظن بك الظ ن كأن قد رأى وقد سمعا 
فكان تمام البيت تفسيرا لمعنى 
الألمعي  ، وكذلك الحدود المنطقية المفسرة للمواهي والأجناس ، لا سيما الأجناس العالمية الملقبة بالمقولات ، فناسب أن يخص هذا البيان بصيغة المضاعفة ، بناء على أن فعل المضاعف إذا لم يكن للتعدية كان المقصود منه الدلالة على التكثير من المصدر ، قال في الشافية : ( ( وفعل للتكثير غالبا ) ) ، وقد يكون التكثير في ذلك مجازيا واعتباريا بأن ينزل كد الفكر في تحصيل المعاني الدقيقة ، ثم في اختيار أضبط الأقوال لإبانتها منزلة العمل الكثير كتفسير صحار العبدي وقد سأله 
معاوية  عن البلاغة فقال : أن تقول فلا تخطئ ، وتجيب فلا تبطئ ثم قال لسائله أقلني ، ( لا تخطئ ولا تبطئ ) .  
[ ص: 11 ] ويشهد لهذا قوله تعالى 
ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا   . فأما إذا كان فعل المضاعف للتعدية فإن إفادته التكثير مختلف فيها ، والتحقيق أن المتكلم قد يعدل عن تعدية الفعل بالهمزة إلى تعديته بالتضعيف لقصد الدلالة على التكثير ; لأن المضاعف قد عرف بتلك الدلالة في حالة كونه فعلا لازما فقارنته تلك الدلالة عند استعماله للتعدية مقارنة تبعية . 
ولذلك قال العلامة 
 nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري  في خطبة الكشاف : ( ( الحمد لله الذي أنزل القرآن كلاما مؤلفا منظما ، ونزله على حسب المصالح منجما ) ) قال المحققون من شراحه : جمع بين أنزل ونزل لما في نزل من الدلالة على التكثير ، الذي يناسب ما أراده العلامة من التدريج والتنجيم . 
وأنا أرى أن استفادة معنى التكثير في حال استعمال التضعيف للتعدية أمر من مستتبعات الكلام حاصل من قرينة عدول المتكلم البليغ عن المهموز . الذي هو خفيف إلى المضعف الذي هو ثقيل ، فذلك العدول قرينة على المراد وكذلك الجمع بينهما في مثل كلام الكشاف قرينة على إرادة التكثير . 
وعزا 
شهاب الدين القرافي  في أول ( ( أنواء البروق ) ) إلى بعض مشايخه أن العرب فرقوا بين فرق بالتخفيف ، وفرق بالتشديد ، فجعلوا الأول للمعاني والثاني للأجسام بناء على أن كثرة الحروف تقتضي زيادة المعنى أو قوته ، والمعاني لطيفة يناسبها المخفف ، والأجسام كثيفة يناسبها التشديد ، واستشكله هو بعدم اطراده ، وهو ليس من التحرير بالمحل اللائق ، بل هو أشبه باللطائف منه بالحقائق ، إذ لم يراع العرب في هذا الاستعمال معقولا ولا محسوسا وإنما راعوا الكثرة الحقيقية أو المجازية كما قررنا ، ودل عليه استعمال القرآن ، ألا ترى أن الاستعمالين ثابتان في الموضع الواحد ، كقوله تعالى 
وقرآنا فرقناه قرئ بالتشديد والتخفيف ، وقال تعالى حكاية لقول المؤمنين 
لا نفرق بين أحد من رسله وقال 
لبيد    : 
فمضى وقدمها وكانت عادة     منه إذا هي عردت إقدامها 
فجاء بفعل قدم وبمصدر أقدم ، وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه    : ( ( إن فعل وأفعل يتعاقبان ) ) على أن التفرقة عند مثبتها تفرقة في معنى الفعل لا في حالة مفعوله بالأجسام . 
والتفسير في الاصطلاح نقول : هو اسم للعلم الباحث عن بيان معاني ألفاظ القرآن وما يستفاد منها باختصار أو توسع .  
[ ص: 12 ] والمناسبة بين المعنى الأصلي والمعنى المنقول إليه لا يحتاج إلى تطويل .   وموضوع التفسير : ألفاظ القرآن من حيث البحث عن معانيه وما يستنبط منه ، وبهذه الحيثية خالف علم القراءات لأن تمايز العلوم - كما يقولون - بتمايز الموضوعات ، وحيثيات الموضوعات . 
هذا وفي عد التفسير علما تسامح ; إذ العلم إذا أطلق ، إما أن يراد به نفس الإدراك ، نحو قول أهل المنطق ، العلم إما تصور وإما تصديق ، وإما أن يراد به الملكة المسماة بالعقل وإما أن يراد به التصديق الجازم ، وهو مقابل الجهل ( وهذا غير مراد في عد العلوم ) وإما أن يراد بالعلم المسائل المعلومات ، وهي مطلوبات خبرية يبرهن عليها في ذلك العلم وهي قضايا كلية ، ومباحث هذا العلم ليست بقضايا يبرهن عليها فما هي بكلية ، بل هي تصورات جزئية غالبا لأنه تفسير ألفاظ أو استنباط معان . فأما تفسير الألفاظ فهو من قبيل التعريف اللفظي ، وأما الاستنباط فمن دلالة الالتزام وليس ذلك من القضية . 
فإذا قلنا : إن يوم الدين في قوله تعالى 
ملك يوم الدين هو يوم الجزاء ، وإذا قلنا إن قوله تعالى 
وحمله وفصاله ثلاثون شهرا مع قوله 
وفصاله في عامين يؤخذ منه أن أقل الحمل ستة أشهر عند من قال ذلك ، لم يكن شيء من ذلك قضية ، بل الأول تعريف لفظي ، والثاني من دلالة الالتزام ، ولكنهم 
عدوا تفسير ألفاظ القرآن علما مستقلا أراهم فعلوا ذلك لواحد من وجوه ستة : 
الأول : أن مباحثه لكونها تؤدي إلى استنباط علوم كثيرة وقواعد كلية ، نزلت منزلة القواعد الكلية لأنها مبدأ لها ومنشأ ، تنزيلا للشيء منزلة ما هو شديد الشبه به بقاعدة ما قارب الشيء يعطى حكمه ، ولا شك أن ما تستخرج منه القواعد الكلية والعلوم أجدر بأن يعد علما من عد فروعه علما ، وهم قد عدوا تدوين الشعر علما لما في حفظه من استخراج نكت بلاغية وقواعد لغوية . 
والثاني أن نقول : إن اشتراط كون مسائل العلم قضايا كلية يبرهن عليها في العلم خاص بالعلوم المعقولة ، لأن هذا اشتراط ذكره الحكماء في تقسيم العلوم ، أما العلوم الشرعية والأدبية فلا يشترط فيها ذلك ، بل يكفي أن تكون مباحثها مفيدة كمالا علميا لمزاولها ،   
[ ص: 13 ] والتفسير أعلاها في ذلك ، كيف وهو بيان مراد الله تعالى من كلامه ، وهم قد عدوا البديع علما والعروض علما ، وما هي إلا تعاريف لألقاب اصطلاحية . 
والثالث أن نقول : التعاريف اللفظية تصديقات على رأي بعض المحققين فهي تئول إلى قضايا ، وتفرع المعاني الجمة عنها نزلها منزلة الكلية ، والاحتجاج عليها بشعر العرب وغيره يقوم مقام البرهان على المسألة ، وهذا الوجه يشترك مع الوجه الأول في تنزيل مباحث التفسير منزلة المسائل ، إلا أن وجه التنزيل في الأول راجع إلى ما يتفرع عنها ، وهنا راجع إلى ذاتها مع أن التنزيل في الوجه الأول في جميع الشروط الثلاثة ، وهنا في شرطين ; لأن كونها قضايا إنما يجيء على مذهب بعض المنطقيين . 
الرابع أن نقول : إن علم التفسير لا يخلو من قواعد كلية في أثنائه ، مثل تقرير قواعد النسخ عند تفسير 
ما ننسخ من آية وتقرير قواعد التأويل عند تقرير 
وما يعلم تأويله وقواعد المحكم عند تقرير 
منه آيات محكمات ، فسمي مجموع ذلك وما معه علما تغليبا ، وقد اعتنى العلماء بإحصاء كليات تتعلق بالقرآن ، وجمعها 
ابن فارس  ، وذكرها عنه في الإتقان ، وعني بها 
 nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء الكفوي  في كلياته ، فلا بدع أن تزاد تلك في وجوه شبه مسائل التفسير بالقواعد الكلية . 
الخامس : أن حق التفسير أن يشتمل على بيان أصول التشريع وكلياته فكان بذلك حقيقا بأن يسمى علما ، ولكن المفسرين ابتدءوا بتقصي معاني القرآن فطفحت عليهم وحسرت دون كثرتها قواهم ، فانصرفوا عن الاشتغال بانتزاع كليات التشريع إلا في مواضع قليلة . 
السادس وهو الفصل : أن التفسير كان أول ما اشتغل به علماء الإسلام قبل الاشتغال بتدوين بقية العلوم ، وفيه كثرت مناظراتهم . وكان يحصل من مزاولته والدربة فيه لصاحبه ملكة يدرك بها أساليب القرآن ودقائق نظمه ، فكان بذلك مفيدا علوما كلية لها مزيد اختصاص بالقرآن المجيد ، فمن أجل ذلك سمي علما . 
ويظهر أن هذا العلم إن أخذ من حيث إنه بيان وتفسير لمراد الله من كلامه كان معدودا من أصول العلوم الشرعية ; وهي التي ذكرها 
 nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي  في الضرب الأول من العلوم الشرعية   
[ ص: 14 ] المحمودة من كتاب الإحياء ، لأنه عد أولها الكتاب والسنة ، ولا شك أنه لا يعنى بعلم الكتاب حفظ ألفاظه بل فهم معانيها ، وبذلك صح أن يعد رأس العلوم الإسلامية كما وصفه 
البيضاوي  بذلك ، وإن أخذ من حيث ما فيه من بيان مكي ومدني ، وناسخ ومنسوخ ، ومن قواعد الاستنباط التي تذكر أيضا في علم أصول الفقه من عموم وخصوص وغيرهما كان معدودا في متممات العلوم الشرعية المذكورة في الضرب الرابع من كلام 
 nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي  ، وبذلك الاعتبار عد فيها إذ قال " الضرب الرابع المتممات " ، وذلك في علم القرآن ينقسم إلى ما يتعلق باللفظ ، كعلم القراءات ، وإلى ما يتعلق بالمعنى كالتفسير فإن اعتماده أيضا على النقل ، وإلى ما يتعلق بأحكامه كالناسخ والمنسوخ ، والعام والخاص ، وكيفية استعمال البعض منه مع البعض ، وهو العلم الذي يسمى أصول الفقه ، وهو بهذا الاعتبار لا يكون رئيس العلوم الشرعية . 
والتفسير أول العلوم الإسلامية ظهورا ، إذ قد ظهر الخوض فيه في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ، إذ كان بعض أصحابه قد سأل عن بعض معاني القرآن كما سأله 
عمر  رضي الله عنه عن الكلالة ، ثم اشتهر فيه بعد من الصحابة 
علي   nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس  ، وهما أكثر الصحابة قولا في التفسير ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت   nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله بن مسعود  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13وعبد الله بن عمرو بن العاص  رضي الله عنهم ، وكثر الخوض فيه ، حين دخل في الإسلام من لم يكن عربي السجية ، فلزم التصدي لبيان معاني القرآن لهم ، وشاع عن التابعين ، وأشهرهم في ذلك 
مجاهد  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير  ، وهو أيضا أشرف العلوم الإسلامية ورأسها على التحقيق . 
وأما تصنيفه 
فأول من صنف فيه 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036عبد الملك بن جريج المكي    ( المولود سنة 80 هـ ، والمتوفى سنة 149 هـ ) صنف كتابه في تفسير آيات كثيرة ، وجمع فيه آثارا وغيرها ، وأكثر روايته عن أصحاب 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  مثل 
عطاء  ومجاهد  ، وصنفت تفاسير ونسبت روايتها إلى 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس   [ ص: 15 ] لكن أهل الأثر تكلموا فيها ، وهي تفسير 
 nindex.php?page=showalam&ids=15097محمد بن السائب الكلبي  المتوفى سنة 146 هـ عن 
أبي صالح  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  ، وقد رمي 
أبو صالح  بالكذب حتى لقب بكلمة " دروغدت " بالفارسية بمعنى الكذاب ، وهي أوهى الروايات فإذا انضم إليها رواية 
محمد بن مروان السدي  عن 
الكلبي  فهي سلسلة الكذب ، أرادوا بذلك أنها ضد ما لقبوه بسلسلة الذهب ، وهي 
مالك  عن 
نافع  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر    . 
وقد قيل إن 
الكلبي  كان من أصحاب 
عبد الله بن سبأ اليهودي  الأصل ، الذي أسلم وطعن في الخلفاء الثلاثة وغلا في حب 
 nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب  ، وقال : إن عليا لم يمت وأنه يرجع إلى الدنيا ، وقد قيل إنه ادعى إلهية 
علي    . 
وهنالك رواية 
مقاتل  ورواية 
الضحاك  ، ورواية 
علي بن أبي طلحة الهاشمي  كلها عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  ، وأصحها رواية 
علي بن أبي طلحة  ، وهي التي اعتمدها 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  في كتاب التفسير من صحيحه فيما يصدر به من تفسير المفردات على طريقة التعليق ، وقد خرج في الإتقان جميع ما ذكره 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  من تفسير المفردات ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16405ابن أبي طلحة  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  مرتبة على سور القرآن . والحاصل أن الرواية عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  ، قد اتخذها الوضاعون والمدلسون ملجأ لتصحيح ما يروونه كدأب الناس في نسبة كل أمر مجهول من الأخبار والنوادر ، لأشهر الناس في ذلك المقصد . وهنالك روايات تسند 
لعلي  رضي الله عنه ، أكثرها من الموضوعات ، إلا ما روي بسند صحيح ، مثل ما في صحيح 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  ونحوه ، لأن 
لعلي  أفهاما في القرآن كما ورد في صحيح 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  ، عن 
أبي جحيفة  قال : قلت 
لعلي    : هل عندكم شيء من الوحي ليس في كتاب الله ؟ فقال لا : والذي فلق الحبة ، وبرأ النسمة ، ما أعلمه إلا فهما يعطيه الله رجلا في القرآن   . ثم 
تلاحق العلماء في تفسير القرآن وسلك كل فريق مسلكا يأوي إليه وذوقا يعتمد عليه   . 
فمنهم من سلك مسلك نقل ما يؤثر عن السلف ، وأول من صنف في هذا المعنى ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس  ، وكذلك 
الداودي  تلميذ 
السيوطي  في طبقات المفسرين ، وذكره 
عياض  في المدارك إجمالا . وأشهر أهل هذه الطريقة فيما هو بأيدي الناس 
 nindex.php?page=showalam&ids=16935محمد بن جرير الطبري    .  
[ ص: 16 ] ومنهم من سلك مسلك النظر 
 nindex.php?page=showalam&ids=14416كأبي إسحاق الزجاج  ، 
وأبي علي الفارسي  ، وشغف كثير بنقل القصص عن الإسرائيليات ، فكثرت في كتبهم الموضوعات ، إلى أن جاء في عصر واحد عالمان جليلان أحدهما بالمشرق ، وهو العلامة 
 nindex.php?page=showalam&ids=14423أبو القاسم محمود الزمخشري  ، صاحب الكشاف ، والآخر 
بالمغرب  بالأندلس  وهو الشيخ 
 nindex.php?page=showalam&ids=16310عبد الحق بن عطية  ، فألف تفسيره المسمى بـ " المحرر الوجيز " كلاهما يغوص على معاني الآيات ، ويأتي بشواهدها من كلام العرب ، ويذكر كلام المفسرين إلا أن منحى البلاغة والعربية 
 nindex.php?page=showalam&ids=14423بالزمخشري  أخص ، ومنحى الشريعة على 
ابن عطية  أغلب ، وكلاهما عضادتا الباب ، ومرجع من بعدهما من أولي الألباب . 
وقد جرت عادة المفسرين بالخوض في 
بيان معنى التأويل ، وهل هو مساو للتفسير أو أخص منه أو مباين   . وجماع القول في ذلك أن من العلماء من جعلهما متساويين ، وإلى ذلك ذهب 
ثعلب   nindex.php?page=showalam&ids=12585وابن الأعرابي  وأبو عبيدة  ، وهو ظاهر كلام 
الراغب  ، ومنهم من جعل التفسير للمعنى الظاهر والتأويل للمتشابه ، ومنهم من قال : التأويل صرف اللفظ عن ظاهر معناه إلى معنى آخر محتمل لدليل فيكون هنا بالمعنى الأصولي ، فإذا فسر قوله تعالى 
يخرج الحي من الميت بإخراج الطير من البيضة ، فهو التفسير ، أو بإخراج المسلم من الكافر فهو التأويل ، وهنالك أقوال أخر لا عبرة بها ، وهذه كلها اصطلاحات لا مشاحة فيها إلا أن اللغة والآثار تشهد للقول الأول ; لأن التأويل مصدر أوله إذا أرجعه إلى الغاية المقصودة ، والغاية المقصودة من اللفظ هو معناه ، وما أراده منه المتكلم به من المعاني ، فساوى التفسير ، على أنه لا يطلق إلا على ما فيه تفصيل معنى خفي معقول . قال 
الأعشى  على أنها كانت تأول حبها     تأول ربعي السقاب فأصحبا 
أي تبيين تفسير حبها أنه كان صغيرا في قلبه ، فلم يزل يشب حتى صار كبيرا كهذا السقب ، أي ولد الناقة ، الذي هو من السقاب الربيعية لم يزل يشب حتى كبر وصار له ولد يصحبه قاله 
أبو عبيدة  ، وقد قال الله تعالى 
هل ينظرون إلا تأويله أي ينتظرون إلا بيانه الذي هو المراد منه ، وقال صلى الله عليه وسلم في دعائه 
 nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس    : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341018اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ، أي فهم معاني القرآن ، وفي حديث 
عائشة  رضي الله عنها   
[ ص: 17 ] كان صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه : ( ( 
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341019سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي   . يتأول القرآن ) ) أي يعمل بقوله تعالى 
فسبح بحمد ربك واستغفره فلذلك جمع في دعائه التسبيح والحمد ، وذكر لفظ الرب ، وطلب المغفرة ، فقولها يتأول صريح في أنه فسر الآية بالظاهر منها ، ولم يحملها على ما تشير إليه من انتهاء مدة الرسالة ، وقرب انتقاله صلى الله عليه وسلم ، الذي فهمه منها 
عمر   nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس  رضي الله عنهما